منذ أن كان السيسي مرشحًا للرئاسة، انطلقت ماكينة وعوده الانتخابية للشعب المصري في إطار يرى البعض أنه كان خارج حدود المنطق من الأساس، فرغم عدم تقديمه برنامجًا واضحًا ورؤية يستطيع المواطن من خلالها التعرف على تصوره لمشكلات مصر الاقتصادية وحلوله المقترحة، إلا أن السيسي تحدث عن مشروعات كبرى ومعالجة لمشكلة الدين العام الذي حدد قيمته بنحو 1.7 تريليون جنيه (240 مليار دولار).
بداية غير مبشرة
وعن مصادر تمويل هذه المشروعات الكبرى والتصدي للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية، قال السيسي في حينها أثناء أحاديثه التلفزيونية إنه سيعتمد على تبرعات المصريين في الخارج والدعم العربي والاستثمار الأجنبي المباشر.
كما تحدث السيسي في الوقت ذاته عن تخصيص 500 مليار جنيه (70 مليار دولار) لبناء عشرين ألف مدرسة، و160 مليار جنيه (22.6 مليار دولار) لإقامة شبكات ري حديثة بأراضي الدلتا، فضلاً عن استصلاح أربعة ملايين فدان (1.6 مليون هكتار). وعندما سئل عن التكلفة الإجمالية التي يحتاجها لمعالجة المشكلات الاقتصادية، رد بأنها تقدر بتريليون جنيه (141 مليار دولار).
في سدة الحكم
وبعد أن أصبح السيسي في سدة الحكم لم يتوقف عن وعوده للشعب ما بين حل المشكلات وما بين الوعد بتتفيذ مشاريع، ومع مرور الوقت واستمراره في الحكم وعدم تحقق شيء من وعوده، خرج السيسي على الشعب المصري ليطلب الصبر لمدة ستة أشهر لتكون الأمور ” أفضل بكتير” على حد قوله.
فما هو الجديد عند السيسي ليقدمه للشعب المصري خلال ستة أشهر بعد أن انتظره الشعب ما يقترب الثلاث سنوات؟ وهل يحتاج السيسي من الشعب أن يوافق على الصبر أو يرفضه؟
خارج حسابات المنطق
من جانبه يرى الإعلامي المصري مسعود حامد أن الواعي والمتابع لتصريحات السيسي منذ ترشحه للرئاسة يدرك من الوهلة الأولى أن الرجل لا يمتلك الخبرة ولا القدرة الشخصية لتنفيذ وعوده لأنها في الأساس خارج حسابات المنطق، فعندما تحدث عن نيته تخصيص ٥٠٠ مليار جنيه، وهو مبلغ ضخم، يحتاج لتوضيح مصادره التي يتوقعها السيسي أو له نظرة في تأمينها، قال السيسي إنه يعتمد على تحويلات المصريين من الخارج والمساعدات العربية! وهو كلام غير منطقي على حد قوله، وقال إن تصديق الشعب لهذا الكلام في حينه أمر يدعو للتعجب.
ورأى خبراء آخرون أن كل ما قدمه السيسي في الفترة التي قضاها رئيسا حتى الآن لا يبشر بخير وهو الآن يطلب من الشعب الصبر ستة أشهر وبدون رؤية ولا خطة كالعادة، فما الذي يدعو الناس لتصديقه أو الاعتماد على وعوده.
وفي هذا السياق يقول محمد عمران ( نائب مدير أحد البنوك الخاصة) أكبر دليل على أن مسألة الستة أشهر هي ( فنكوش) جديد أن مشكلات مصر الاقتصادية في حد ذاتها تحتاج لجدول زمني يتجاوز سنوات بشهادة خبراء على حد قول عمران كما اعتبر أن هذا الوعد الجديد هو دليل على استخفاف بعقول الشعب.
نظرة على الواقع
وبالنظر إلى واقع وعود السيسي من قبل، يرى الدكتور أحمد مطر رئيس المركز العربي للبحوث السياسية والاقتصادية أن الإنجاز في العاصمة الإدارية الجديدة لم يتحاوز حتى الآن 4% ولم يتم سوى مد خط المياه لأماكن عمل الشركات وبعض الإنشاءات غير المكتملة، والمليون وحدة سكنية تم تقليل المستهدف وأصبح ١٠٠ الف وحدة فقط بعد الخلاف مع شركة ” أربتك” وفيما يخص شبكة الطرق القومية التي وعد بها السيسي
انطلق “المشروع القومى للطرق” فى أغسطس من عام 2014 واستهدف إنشاء طرق جديدة بأطوال 3300 كم، منها 1300 كم، تنفذها الهيئة العامة للطرق والكبارى و1200 كم تحت إشراف القوات المسلحة و800 كم تحت إشراف وزارة الإسكان، والذى أعلن السيسي أنه من المقرر أن ينتهى نصف هذا التطوير خلال أغسطس 2015، ولكن لم نر منه شيئًا وفقًا لما أكده الخبراء والمتخصصون فى مجال الطرق والمرور، أنه لم ينفذ من هذا المشروع سوى نسبة 3 إلى 4% فقط من الإجمالي. وكذلك استصلاح المليون فدان وتنمية سيناء والتخلص من الإرهاب وغير ذلك من الوعود التي لم ير الشعب منها شيئا على أرض الواقع.
كل هذه المعطيات جعلت خبراء اقتصاديين وسياسيين يؤكدون أن وعد السيسي للشعب بتحسين الأمور خلال ستة أشهر في خد ذاته أمر يحسد عليه حيث إنه أكثر الناس علما بأن معظم فئات الشعب لم تعد تصدقه ولم تعد واثقة في وعوده.