ما إن نشرت فرقة شبابية تسمى “أطفال شوارع” محتوى فيديوهات تتناول سياسة السيسي بالنقد والسخرية حتى شملها غضب النظام الذي سرعان ما أمر ذراعه الأمنية بالتعامل مع الموقف كالعادة، فبدأت بالقبض على أحد أفراد الفرقة فجر السبت الماضي وانتهت بالقبض عليهم جميعا.
بداية الفرقة
والبداية، عندما شرعت فرقة “أطفال شوارع” المكونة من 6 شباب مطلع العام الحالي في تقديم أعمالها عبر مقاطع فيديو قصيرة تتناول موضوعات فنية واجتماعية ورياضية وأخيرا سياسية، عبر تجميع عبارات إذاعية أو غنائية شهيرة بأسلوب جماعي وإلقائها بشكل ساخر بهدف إيصال رسائل تعبر عن موقف الفرقة تجاه قضية مجتمعية، ومن ثم ينشرونه عبر صفحتهم.
وخلال أربعة أشهر فقط، قدمت الفرقة 17 مقطع فيديو تزايد عدد مشاهداتها مع اشتباكها بقضايا سياسية ليتجاوز في بعضها حاجز مليوني مشاهدة آخرها فيديو اقتربوا خلاله من سياسية عبدالفتاح السيسي بالنقد والسخرية.
ويعرّفون أنفسهم بأنهم “إحنا شباب بنشتغل في المسرح قررنا نصور فيديوهات ف الشارع بأفكار مجنونة.. هتلاقينا حواليك في كل مكان.. حتى لو يومك زحمة ومخنوق.. الشارع مليان ضحك”.
وانصبّ اهتمام الفرقة في البداية على تناول مقطوعات إذاعية وأغان شهيرة، وتدريجيا انتقلت إلى مربع القضايا السياسية، مثل سد النهضة وتجاوزات وزارة الداخلية، لتنتهي بمقطعين انتقدوا فيهما النظام وطالبوا برحيله إثر تجاوزات الداخلية الملحوظة.
القبض على أعضاء الفرقة
وما كان من النظام إلا أن وجّه قوات الأمن فجر السبت بالقبض على عز الدين خالد، أحد أفراد فرقة “أطفال شوارع” من منزله بتهمة الدعوة للتظاهر، والتحريض ضد رئيس الجمهورية، وإهانته، ونشر فيديوهات على الإنترنت تتعرض لمؤسسات الدولة بها ألفاظ نابية.
وقبل 48 ساعة ماضية، نشر أحد أعضاء فرقة “أطفال شوارع” تدوينة عقب القاء القبض على عضو منهم بتهمة التحريض ضد الدولة قائلا: “مش هاقول إننا متفاجئين.. لأننا كنا عارفين تقريبا إن فيه حاجة هتحصل.. عارف إن فيه ناس كتير عمالة بتلومنا وبتلومني شخصيا بما إني كنت بزق الفريق ده دايما لأنه يعمل حاجات أكتر.. قعدنا من يومين قبل آخر فيديو وقلنا: “مش عاوزين لما نكبر نفتكر نفسنا ونفتكرها إنها كانت جبانة، نفوسنا مش جبانة بس يمكن اللي بيحصل يكون أكبر مننا شوية.. الملف ع مكتب وزير الداخلية.. إحنا الستة مطلوبين.. خمسة هربانين وأصغر واحد فينا واللي عنده السكر مقبوض عليه.. اتكلمت مع الشباب إمبارح ويمكن محدش ندمان إننا وصلنا هنا، لكن يمكن خايفين من المستقبل.. مصر مخيفة أوي.. مكانش ينفع منوصلش للمرحلة دي.. عمرنا بيتغير قدام عينينا.. بس مصر مصرة متتغيرش.. عارف إننا نكرات في مسار الأحداث.. لكن حياة الست نكرات دي اليومين دول بتتشكل.. أو يمكن بتنتهي.. واحد بيفكر ينتحر.. مصر بقت فعلا مخيفة.. الموضوع صعب.. كل اللي أقدر أقوله في الآخر متخافوش برا.. إحنا مش هنخاف جوا”.
في حين علق منسقها محمد عادل بأن هذا الاعتقال جاء إثر تهديدات طالت الفرقة وأفرادها واعتبارهم جميعا من المطلوبين.
التحقيقات
وفي يوم الإثنين قرر قاضي المعارضات إخلاء سبيل عز الدين خالد، عضو فرقة “أطفال شوارع” بكفالة 10 آلاف جنيه، قبل أن تستأنف النيابة على القرار، وتجدد حبسه.
وأنكر المتهمون وهم محمد عادل ومحمد يحيى ومحمد جبر ومحمد الدسوقي، ما نُسب إليهم في التحقيقات، وأقروا أن الفيديوهات الخاصة بهم عبارة عن أعمال فنية ليس لها أي علاقة بنشاط أجهزة الدولة.
وعقوبة تهمة إهانة الرئيس -إذا ثبتت الإدانة بها- هي غرامة مالية لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 30 ألف جنيه، ولا تتضمن السجن، بحسب الدستور المصري.
وكان الرئيس السابق عدلي منصور قد أصدر قرارًا في أغسطس 2013 تضمن إلغاء عقوبة السجن في هذه التهمة.
وتنص المادة 67 من الدستور المصري، المستفتى عليه في 2014 على أن “حرية الإبداع الفني والأدبي مكفولة، وتلتزم الدولة بالنهوض بالفنون والآداب، ورعاية المبدعين وحماية إبداعاتهم، وتوفير وسائل التشجيع اللازمة لذلك. ولا يجوز رفع أو تحريك الدعاوى لوقف أو مصادرة الأعمال الفنية والأدبية والفكرية أو ضد مبدعيها إلا عن طريق النيابة العامة، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بسبب علانية المنتج الفني أو الأدبي أو الفكري، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين أو الطعن في أعراض الأفراد، فيحدد القانون عقوباتها. وللمحكمة في هذه الأحوال إلزام المحكوم عليه بتعويض جزائي للمضرور من الجريمة، إضافة إلى التعويضات الأصلية المستحقة له عما لحقه من أضرار منها، وذلك كله وفقا للقانون.
ومن أبرز الفيديوهات التي قدمتها الفرقة: