أكد محمد عصمت سيف الدولة، الباحث المتخصص في الشأن القومي العربي ورئيس حركة “ثوار ضد الصهيونية”، أن قرار مصر بالتنازل عن جزيرتي صنافير وتيران للمملكة العربية السعودية، “كلها أثمان سياسية يدفعها السيسي لشراء وتدعيم شرعيته ونظامه”.
وتابع عصمت في تصريحات خاصة لـ”رصد”: بالإضافة إلى ما سبق هناك جانب مهم أودّ الإشارة إليه، وهو أن مصر وفقًا لترتيبات الملحق الأمني بمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية المشهورة باسم اتفاقيات كامب ديفيد، تخضع لعديد من القيود العسكرية والأمنية، ومن أهمها وجود قوات أجنبية لا تخضع للأمم المتحدة تحت إدارة أميركية في سيناء لمراقبة القوات المصرية ومدى التزامها ببنود المعاهدة، من حيث عدد القوات المصرية وعتادها المسموح به لمصرـ وفقا للمعاهدة في المناطق الثلاثة “أ” و”ب” و”ج”.
وأضاف: “تتمركز هذه القوات في قاعدتين عسكريتين واحدة في الجورة بشمال سيناء والثانية في شرم الشيخ في الجنوب، بالإضافة الى جزيرة تيران لمراقبة حرية الملاحة للسفن الإسرائيلية، هذا بالإضافة إلى 30 نقطة مراقبة أخرى”.
وتابع قائلًا: “فإذا صح أن السيسي قام بالتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، فإنه بالإضافة إلى بطلان هذا التنازل لعدم دستوريته، وبالإضافة إلى أنه يمثل جريمة منصوصا عليها بوضوح في قانون العقوبات في الباب الخاص بالجرائم التي تهدد أمن الدولة من الخارج”.
وأنهى تصريحه قائلًا: “إلى ذلك فإن ما يثير الشك والريبة هو موقف المملكة السعودية التي لا تعترف بإسرائيل حتى الآن على المستوى الرسمي ولم توقع معها معاهدات سلام؛ لأنها بذلك ستكون حتما طرفا في الترتيبات الأمنية المصرية الإسرائيلية الخاضعة للأميركان وقوات متعددة الجنسيات، وهو ما قد يفتح الباب للتورط في التنسيق الأمني والعسكري بين السعودية وإسرائيل، وقد يكون -والله أعلم- بوابة لإقامة علاقات رسمية بينهما لأول مرة”.
كما أكد الدكتور جهاد عودة، أستاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية، في تصريحات لـ”رصد” أنّ المادة الأولى من الدستور المصري تمنع ما فعله عبدالفتاح السيسي، وأنا لا أمانع أن تخضع الحدود لتفاهمات سياسية ودولية، لكن عليه أولًا أن يُغير الدستور الذي استفتي عليه الشعب المصري ووافق عليه بأغلبية ساحقة.
وأوضح عودة أن المادة الأولى من الدستور تنص على أن: “جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة، موحدة لا تقبل التجزئة، ولا ينزل عن شيء منها، نظامها جمهوري ديمقراطي، يقوم على أساس المواطنة وسيادة القانون، والشعب المصري جزء من الأمة العربية يعمل على تكاملها ووحدتها، ومصر جزء من العالم الإسلامي، تتنتمي إلى القارة الإفريقية، وتعتز بامتدادها الآسيوي، وتسهم في بناء الحضارة الإنسانية”، فكيف يتم تجاهلها؟
وأضاف: “على السيسي إذا أراد أن يجد مخرجا مما فعله، أن يعود للبرلمان، الذي بدوره يجب أن يرفض؛ لأن الدستور يُلزم الجميع بعدم القبول بمثل هذا الأمر”.
وأصدر مجلس الوزراء بيانا، مساء اليوم السبت، مبينا أن رسم خط الحدود بناءً على المرسوم الملكي والقرار الجمهوري أسفر عن وقوع جزيرتي صنافير وتيران داخل المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية.
وأكد البيان أن الاتفاق جاء بعد عمل شاق وطويل استغرق أكثر من 6 سنوات، عُقدت خلالها إحدى عشرة جولة لاجتماعات لجنة تعيين الحدود البحرية بين البلدين، آخرها ثلاث جولات منذ شهر ديسمبر 2015 عقب التوقيع على إعلان القاهرة فى 30 يوليو 2015.
وتابع بيان مجلس الوزراء: “اعتمدت اللجنة في عملها على قرار رئيس الجمهورية رقم 27 لعام 1990 بتحديد نقاط الأساس المصرية لقياس البحر الإقليمي والمنطقة الاقتصادية الخالصة لجمهورية مصر العربية، والذي تم إخطار الأمم المتحدة به في 2 مايو 1990، وكذلك على الخطابات المتبادلة بين الدولتين خلال نفس العام، بالإضافة إلى المرسوم الملكي الصادر في 2010 بتحديد نقاط الأساس في ذات الشأن للمملكة العربية السعودية”.
وجزيرتا “تيران وصنافير” هما جزيرتان تقعان عند مدخل خليج العقبة بين الجهة المصرية والسعودية، وهي جزر في الأساس غير مأهولة، وتصنع الجزر ثلاث ممرات من وإلى خليج العقبة، الأول منها بين ساحل سيناء وجزيرة تيران، وأقرب إلى ساحل سيناء، وهو الأصلح للملاحة “عمقه 290 مترًا” واسمه ممر “إنتربرايز”.
والثاني أيضا بين ساحل سيناء وجزيرة تيران، ولكن أقرب إلى الجزيرة، وهو ممر جرافتون، وعمقه “73 مترا فقط”، في حين يقع الثالث بين جزيرتي تيران وصنافير، وعمقه 16 مترا فقط.، لهذا فالجزيرتان لهما أهمية استراتيجية؛ لأنه يمكنهما غلق الملاحة في اتجاه خليج العقبة.