لميس جابر مثل كل الذين شربوا من لبن بقرة النظام المباركي غير السعيد، حتي جادت عروقها الدم، من غير حسابٍ ولا محاسبة ولا عدّاد، وخصوصًا في سنوات عجز النظام وشيخوخته في الثلث الأخير منه، صعب عليهم جدًا بعد ثورة يناير ألا تدرّ عليهم تلك البقرة التي كانت لهم ما اعتادوه من أنهار اللبن، فقد كان يدخل خزينة بيتها كل سنة من لبن بقرة مبارك ومسلسلاته ما يوازي عشرة ملايين من الجنيهات المصرية، أي أن دخلها السنوي من بقرة مبارك في مسلسل واحد لزوجها، يكفي لبناء عشر مدارس أو عشرة مستشفيات، في وقت كان فيه صاحب البقرة التي تركها لهم بلبنها تُغرق سفائن رجال أعماله غلابة وفقراء الدلتا والصعيد في البحر الأحمر، ويهرب صاحب السفينة من مطارات مبارك أو موانئه، تحت عين شرطته ومخابراته وحدوده المفتوحة للهاربين من رجال أعماله، والقضاء يحفظ القضايا، مثل قطار الصعيد، فلماذا لا تكره لميس جابر يناير وسيرة أهله؟
لماذا لا تكره لميس جابر يناير وبشائره وثورته وثوّاره، وتدعو، صراحةً، في مقالها في جريدة الوطن (أنه ليس من الضروري، في نهاية هذه السنة، أن نبدأ السنة التالية بشهر يناير، بل يجب أن نخش على طول في فبراير، واللي يحصل يحصل، وهيحصل إيه يعني؟). بعد انقطاع نسبة اللبن في الخمس سنوات الأخيرة، بدأ جنون النخبة يزداد هولًا، خصوصًا أن لميس جابر نفسها كان من بين أهدافها كي تزغزغ أحلام مبارك للتوريث، أنها شرعت في كتابة مسلسل عن محمد علي، بطولة زوجها أيضًا، فإذا كان تاجر الدخان البلقاني قد ورّث مصر لأولاده وأحفاده من بعده قرنين، فلماذا لا يورث ابن كفر المصلحة أولاده وأحفاده أيضًا (إسقاط تاريخي أيضًا كي يفهم مبارك الحلقات الرائعة من لميس)، إلا أن مشيئة الله قد شاءت لإسقاطات لميس جابر ورئيسها أن يسقطوا كلهم في يناير، ويدخل مبارك السجن، ومعه الوريث المنتظر، فلماذا لا تكره لميس يناير وأهله وناسه؟ بل تنادي بعودة الحزب الوطني الديمقراطي الذي لا بديل عنه، بل تأمر الناس، وعلى الهواء مباشرة في قنوات رجال الأعمال: (ابحثْ عن مرشح الحزب الوطني في يوم الانتخابات، وامنحه صوتك من غير أي تردد).
وعمومًا نقول لها: مبارك لك عودة حزبك الوطني إلى الواجهة، وخصوصًا بعدما عادت إليك الصحة والعافية، بسبب رعاية القوات المسلحة صحتك كمواطنة مصرية، ليس في يدها حق العلاج ولا ثمنه، فتكفلت القوات المسلحة بدفع الفاتورة لوجه الله تعالى. والآن، عودي إلى قلمك وإبداعك، ولكن، اعملي حسابك أن مصر فقيرة، ولم يعد فيها لبن، كما قال الرئيس، وليست مغنمًا لأحد، كما كرّر مرارًا، وعملا بنصيحته وبأوامره، وحرصه على كل مليم وحبة رمل منها، أعطى الرئيس تنبيهاته ووعيده وغضبه، وقال لهم في صوت باتر وقاطع: (أنتم هتاكلوا مصر يعني؟)، يعني اعملي حسابك، يا ست لميس جابر، فالبقرة جفّ ضرعها، وقد جادت عروقها بالدم، بدلا من اللبن الذي كان مدرارًا، ولم يعد فيها تلك الفلوس القديمة التي ملأت خزانتك بالملايين، وإن كان لا بد من اللبن، فحاولي أنت، مساعدة لمصر منك، وعونًا لها في أزمتها الشديدة تلك، أن تبحثي في الصيدليات عن (لبن بودرة)، حفاظًا على صحة البقرة، كي تسترد عافيتها. أما لو حاولتِ أن تقنعي عبد الفتاح السيسي بالتوريث، فالرجل، بحكم تقواه وصلاحه وصلاته في أوقاتها وقربه الدائم من الله، سيصدّك، وبعنف، فالرجل، من الواضح أيضا، أنه يزهد في الحكم زهدًا شديدًا، بدليل أن أحد الساسة، وهو دكتور حسام بدراوي، ينصح بفترة ولاية واحدة فقط، تكون مدتها 20 سنة، فقط لا غير.