تُعَدْ مكتبات الأطفال العامة بالدولة المصدر الثاني -عقب شبكات الإنترنت- لحصول الأطفال والطلاب على مبتغاهم من الكتب، فالمتعارف عليه أن الدول تتكفل بتوفير الكتب الملائمة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين الخمس سنوات إلى 15 وتنقص أو تزيد، كما أيضًا توفر الأساليب العلمية الحديثة التي تساعد على نمو شخصية الطفل وتوسيع مداركه بالمكتبات، فالكتب الحية للطفل والتعامل المرئي معه بالوسائل يختلف عن مجرد القراءة أو تصفح الإنترنت، ولكن ما تشهده مكتبات الأطفال هذه الآونة شيء آخر، فمكتبة الطفل بمحافظة الفيوم بمنطقة المنتزه تشهد خمولًا ملحوظًا خلال فترة الدراسة صباحًا وعصرًا وغلق أبوابها مساءً، وبفترات العطلات يتم استغلالها في إقامة الحفلات والندوات والمؤتمرات، وقد تخص بعض الحفلات الأطفال، ولكنها لا تخص وسائل تعليمهم.
تقول أخصائية علم النفس “أمل ناصر”: تعتبر المكتبات بالنسبة للأطفال وبخاصة خلال أعمارهم الأولى، إحدى وسائل التعليم التأسيسي للطفل؛ حيث يتعلم كيفية تثقيف ذاته وحب الاطلاع، بخلاف ارتباط الطفل الوثيق وتعلقه بالقراءة وهو ما يبني شخصيته ويحدد طموحه”، وتضيف “مصر لم تهتم بالتعليم الأساسي والمتوسط فما بالها بالمكتبات وقصور الثقافة، لذا البنية الأساسية للتعليم منعدمة وثقافة الأطفال صفر”.
وتؤكد والدة الطفلة “دارين” أنها ربت ابنتها على حب القراءة منذ صغرها وكانت تقرأ لها الكثير من القصص المفيدة والكتيبات الصغيرة المناسبة لسنها حتى عمر الخامسة؛ وأضافت “لا أعرف الآن الكتب المناسبة لطفلتي كي يزيد ذكائها ومعلوماتها.. في المدرسة لا يفيدونني، وحين فكرت بالذهاب لمكتبة الطفل بالفيوم لم أجد مطلبي لأنها تفتح طيلة النهار وتغلق ليلًا، وطفلتي تكون بالمدرسة فترة الصباح وحين العودة تنام وبالتالي لا أستطيع الذهاب بها للمكتبة، ولا أعرف ماذا افعل؟”.
وتضيف والدة الطفل “يحي أحمد”، “ابني تعلق كثيرًا بالتلفاز يعود من مدرسته ويظل يشاهده حتى نومة، حاولت في فترة العطلات أخذه مره لمكتبة الطفل ولكنه لم يكررها، واشتكى انها غير ممتعة لعدم وجود ألعاب مسلية بها”.
بين عدم الحضور لها لسبب أو لآخر، لم تطور المكتبات نفسها لعلاج ذلك، وتحول مقصد الأطفال إلى أماكن ألعاب الفيديو والبلايستيشن أو المكوث لساعات أمام شاشات الكمبيوتر والتلفاز، حتى صارت ثقافاتهم شبه خاوية لعدم توفير التعليم المحصلة الجيدة التي تبقى لسنوات في الذاكرة، وبين أسئلة من المذنب، تاهت السبل للعلاج.