بقلم: أحمد نصار
قد يبدو السؤال غريبا أو سابقا لأوانه، ولسان حال البعض فليسقط السيسي أولا ثم ليكن ما يكون!
وربما يكون هذا الكلام مفهوما نتيجة القمع وإرهاب الدولة الذي يمارسه السيسي، لكنه حديث عاطفي يفتقر إلى العنق وإلى بعد النظر في آن معا، لسببين:
السبب الأول أن انقلاب السيسي يعاني من أزمات جوهرية، بسبب مشكلات اقتصادية ضخمة تتعرض لها الدول الخليجية الداعمة لانقلابه، وغيرها.
السبب الثاني أن سقوط السيسي يكون جيدا إذا كان خطوة في المسار الثوري الصحيح، ساعتها يكون فقط يكون في صالح الثورة!
وهل ممكن أن يكون سقوط السيسي في غير صالح الثورة؟؟ نعم.. وربما كان سقوطه لا يقل خطورة الانقلاب ذاته، إذا لم نكن مستعدين!
بنظرة أعمق للانقلاب؛ فإن الإخوان وحدهم لم يكونوا الخاسرين مما جرى في 3 يوليو، بالانقلاب على رئيسهم، وقتل أفرادهم واعتقالهم، وحل الحزب والجماعة، بل هناك خاسرون كثر أيضا؛ أكبرهم الجيش الذي استخدم سلاحه في قتل المصريين، وقام بتهجير أهالي سيناء، وتحولت عقيدته من أن إسرائيل هي العدو إلى محاربة الإرهاب!
وبهذا التحول في عقيدة الجيش تحول وضع المؤسسة العسكرية بالنسبة للثورة من فساد في الرأس (أو هكذا كان يبدو) إلى انخراط كامل للمؤسسة في ثأر عميق مع الشعب أو مع القطاع الفاعل في الشعب والذي رفض الأوضاع القائمة وثار عليها منذ 2011 وحتى الآن.
لا أحد ينكر أن الجيش المصري أكثر تحالفا مع إسرائيل أكثر من أي وقت مضى، وأن التعاون العسكري والأمني والاستخباري بين القاهرة وتل أبيب صار مدهشا حتى لقادة إسرائيل أنفسهم، وأنه صار خط الدفاع الأول في إجهاض ليس الثورة المصرية فحسب، بل والثورات العربية الأخرى في سوريا وليبيا وتونس، بالإضافة إلى حصار غزة والتآمر عليها.
ورغم كل هذا فإن أخطر ما فعله السيسي ضد الثورات العربية وضد الدين الإسلامي الحنيف هو التعاون الشيطاني المخيف بين الجيش المصري والجيش الإسرائيلي وميليشيات دحلان التي تعبث في سيناء، والتي أثمرت عن وجود تنظيم الدولة؛ لا أقول في سيناء فقط بل في كل مصر الآن!
استراتيجية التوتر التي تحدثنا عنها مرارا تقتضي وجود إرهابيين وهميين، يتم إلصاق الجرائم بهم لتبرير ما يقوم به النظام من أعمال قمع واستبداد، وبهذا يستفيد السيسي مرتين؛ أولا: يبرر ما يقوم به من قمع بوجود جماعات إرهابية مثل داعش، وثانيا: يعطي في المقابل مبررا للكثيرين للانضمام إلى هذه الجماعات المخترقة على أقل تقديرن، ولا داعي للتأكيد أن كثيرا من هؤلاء الشباب طيب النية وأصحاب ثأر مع الجيش!
***
ربما ما لايدركه الجيش أن الخطوة القادمة هو أن السيسي سيسقط حتما، وساعتها ستُمنح هذه الجماعات الضوء الأخضر للتحرك أكثر، ليس في سيناء فقط بل في ربوع مصر! ساعتها ستمارس هذه الجماعات (المخترقة على أقل تقدير) أنواعا من الإرهاب الذي نقرأ عنه في الكتب، و الذي مارسته جماعات مسلحة في الجزائر واتضح أن الجيش الجزائري يقف خلفها، والذي قامت به جماعات شيوعية في إيطاليا ثم اتضح أن حلف النيتو يقف خلفها (راجع كتاب الحرب القذرة صـ 16 لمؤلفه الحبيب سويدية؛ ضابط سابق في الجيش الجزائري)
سقوط السيسي في مصر يكون بحق خيرا كبيرا وانتصارا عظيما للثورة والثوار في مصر وسوريا وليبيا وتونس ولانتفاضة الأقصى في فلسطين، إذا كان الثوار في مصر على استعداد للتقدم فور سقوط السيسي، وتكوين أجهزة أمنية من الشباب الثائر فور كسر الانقلاب.
على الإخوان ألا يقعوا في خطائين مدمرين وقتها:
1- الخطأ الأول: ألا يعودوا لنظرية الإصلاح من الداخل، والاعتماد على تطهير الجيش والأجهزة الأمنية والتعويل عليها لضبط الأمن.
2- الخطأ الثاني: ألا يتقدموا ويعتبروا سقوط السيسي كسرا للانقلاب، كما اعتبر الجميع سقوط مبارك سقوطا للنظام.
تقدم الثورة في هذه اللحظة مهم، وإلا سيجعل الإخوان عموم الناس يتحسرون على أيام السيسي العفنة كما تحسروا بعد الثورة على أيام مبارك!