واجهت “إدارة الحج” بالسعودية، انتقادات واسعة؛ بعد مأساة التدافع في منى، التي تعد الأسوأ منذ ربع قرن، وراح ضحيتها المئات من الحجاج، فيما فتحت حكومة الرياض تحقيقًا في الحادث لكشف المسؤولين عنه.
وقد أثارت الحادثة تساؤلات حول اهتمام الإدارة بإجراءات سلامة الحجاج، رغم توظيف مليارات الدولارات لتحسين ظروف موسم الحج، بحسب موقع “روسيا اليوم”.
وأصدر الملك السعودي، سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، مساء أمس الخميس، توجيهات للجهات المعنية بمراجعة الخطط المعمول بها وفتح تحقيق في ملابسات حادث التدافع في منى خارج مكة المكرمة، والذي أسفر عن وفاة 717 حاجًا وإصابة 863 آخرين.
ويرى عرفان العلوي، مدير مؤسسة أبحاث التراث الإسلامي ومقرها لندن، أن السبب الرئيسي لوقوع مثل هذه الكوارث هو الإدارة، موضحًا أن المشاكل تكمن في عدم ضبط الحشود وإستراتيجية الحكومة السعودية للتطوير، مشيرًا إلى أن السعوديين رغم محاولات تحسين المرافق يخفقون في منح الأولوية لصحة وسلامة الحجاج.
ويقول “العلوي” إن إدارة الحج بحاجة لنظام يضبط الحشود؛ بحيث يمكن التحكم في عدد الأشخاص الذين يدخلون ويخرجون.
على صعيد متصل، حمَّل مدير الشؤون الدينية في تركيا “إدارة الحج”، مسؤولية الكارثة، وقال إن سبب ما حدث هو مشاكل خطيرة بالإدارة، وذلك بعد فقدان 18 حاجًا تركيا.
إيران
من جهتها، وجهت إيران خطابًا حاد اللهجة للسعودية، وحملتها مسؤولية وفاة مئات من حجاجها وإصابة 60 آخرين، لتعلن طهران الحداد 3 أيام.
وأعلن رئيس منظمة الحج والزيارة الإيرانية، سعيد أوحدي، عن ارتفاع حصيلة الضحايا بين الحجاج الإيرانيين في حادثة منى إلى 131 حاجًا، إضافة إلى 60 إصابة، محذرًا من إمكانية ارتفاع عدد الضحايا لاحقًا، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.
وأعاد رئيس منظمة الحج الإيراني، حادث منى لسوء الإدارة وانعدام الجدية في التعامل مع سلامة الحجاج.
وانتقد مرشد الجمهورية الإيرانية خامنئي، ما وصفه بـ”الإجراءات غير الملائمة” التي تسببت في حادث التدافع، مطالبًا السعودية بتحمل مسؤولياتها تجاه ما وقع.
شهادات الحجاج
وكالة “فرانس برس” نقلت شهادات لبعض الحجاج عن موسم حج 2015 تجمع على سوء التنظيم هذا العام.
وقال حاج سوداني، إن موسم العام هو الأقل تنظيمًا بين 4 مواسم سابقة أدى خلالها مناسك الحج، فيما شكى محمد المخلافي وهو حاج يمني، من انعدام التنظيم.
وكانت وزارة الداخلية السعودية أعلنت في وقت سابق عن أنها نشرت 100 ألف شرطي لضمان أمن الحجاج وضمان سلامة وإدارة حركة المرور، وكلف رجال الشرطة بحماية نحو مليوني حاج في المناطق المكتظة، لكن هذا لم يحل دون وقوع أسوأ كارثة في موسم الحج منذ 25 عامًا.
التعليمات
وعزا وزير الصحة السعودي، خالد الفالح، وقوع هذه الكارثة خلال أداء شعيرة رمي الجمرات بمنى، إلى عدم التزام بعض الحجاج بالتعليمات، متعهدًا بفتح تحقيق سريع وشفاف، فيما دعا المتحدث الأمني لوزارة الداخلية، اللواء منصور تركي، إلى “عدم استباق نتائج التحقيق”.
البابا
أعرب البابا فرنسيس، مساء الخميس، عن تضامنه مع المسلمين بعد حادث التدافع المأساوي في منى، وقال -في كلمة خلال صلاة مسائية في كاتدرائية القديس باتريك في نيويورك- إنه يود أن يعبر عن “الشعور بالتضامن بعد المأساة التي وقعت اليوم في مكة”.
أسوأ كارثة منذ 25 عامًا
لم تكن الحادثة التي وقعت في مشعر منى، الخميس 24 سبتمبر، الأولى من نوعها؛ بل هي التاسعة في تاريخ مواسم الحج.
– 2 يوليو 1990، وفاة 1426 حاجًا؛ بسبب الاختناق نتيجة تدافع في نفق منى بعد عطل في نظام التهوية.
– 24 يوليو 1994، وقعت حادثة أدت إلى وفاة 270 حاجًا في تدافع خلال رمي الجمرات.
– 9 إبريل 1998، توفي أكثر من 118 حاجًا، وأصيب أكثر من 180 في تدافع خلال رمي الجمرات.
– 5 مارس 2001، توفي 35 حاجًا بالتدافع خلال رمي الجمرات.
– 11 فبراير 2003، توفي 14 حاجًا بالتدافع خلال رمي الجمرات.
– 1 فبراير 2004، توفي 251 حاجًا في تدافع خلال رمي الجمرات.
– 22 يناير 2005، توفي 3 حجاج خلال رمي الجمرات.
– 12 يناير 2006، مقتل 364 حاجًا في تدافع في موقع رمي الجمرات في منى.
– 11 سبتمبر 2015، مقتل 111 وإصابة 238 في حادث سقوط رافعة الحرم.
تنظيم الحج
يشار إلى أن السعودية خصصت وزارة كاملة لتنظيم الحج والعمرة، ويعود تاريخ إنشاء هذه الوزارة إلى 1945؛ عندما أصدر الملك عبدالعزيز مرسومًا يقضي بإنشاء مديرية الحج والحرمين الشريفين.
وقدر إجمالي إيرادات موسم الحج لعام 2014 بما يناهز 8.5 مليار دولار، وتشمل هذه المداخيل الإسكان، والنقل، والأكل والتسوق.