جاء قرار الإفراج عن المهندس أبو العلا ماضي، رئيس حزب الوسط، مثيرًا للعديد من التساؤلات حول أسباب هذا القرار وتوقيته.
فبعد عامين قضاهما الرجل خلف أسوار سجون النظام العسكري، أصدر القضاء حكمًا بإخلاء سبيله وعودته لقيادة أكبر الأحزاب الإسلامية التي يعول عليها المراقبون في قيادة أطر الحوار بين النظام والإخوان المسلمين.
ونظرًا لأن اعتقال “أبو العلا ماضي” كان دون اتهام، مثله مثل آلاف المعتقلين، فإن الإفراج عنه جاء أيضًا دون أسباب، واكتفت محكمة جنايات الجيزة بإصدار قرار بإخلاء سبيله بضمان محل إقامته، دون أن يتضمن القرار أية حيثيات عن أسباب اعتقاله وبقائه في السجن طوال هذه المدة، ولا عن أسباب الإفراج عنه.
نرصد في هذا التقرير، الأسباب التي دفعت النظام للإفراج عن ماضي في هذا التوقيت.
ضغوط أوروبية
قالت صحيفة “البوابة نيوز” القريبة من المخابرات المصرية، إن هناك ضغوطًا أوروبية وراء الإفراج عن أبو العلا ماضي.
وأضافت الصحيفة، أن هناك وعودًا أوروبية لجماعة الإخوان المسلمين لإجراء مصالحة سياسية شاملة في مصر وعودتهم للحياة السياسية بعد افتتاح قناة السويس، خاصة بعد زيارة جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، إلى مصر بحسب الصحيفة.
وأوضحت الصحيفة، أن الحكومة المصرية سهلت خروج القيادي الإخواني الدكتور حلمي الجزار، والدكتور علي بطيخ، إلى تركيا للتواصل مع الإخوان في الخارج وتوصيل وجهة نظر النظام.
وقالت الصحيفة، إن خروج الجزار من مصر دفع النظام للإفراج عن ماضي لقيادة الحوار في الداخل في ظل زيادة الضغوط علي الإخوان في الداخل، وزيادة العمليات القمعية والتصفية الجسدية لهم.
رمز سياسي خارج السجن
وأكد محللون، أن النظام يحرص دائمًا بعد الانقلاب العسكري على إبقاء رمز سياسي من جماعة الإخوان المسلمين خارج السجن، خاصة بعد خروج القيادي الإخواني حلمي الجزار من مصر وسفره إلى تركيا.
ودلل المراقبون، على تحليلاتهم، بالإفراج عن الدكتور “حلمي الجزار” القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، عقب إفلات “الدكتور عمرو دراج”، وزير التعاون الدولي السابق بحكومة الرئيس مرسي والقيادي بحزب الحرية والعدالة، ونجاحه في الخروج خارج مصر، بعد حملات التضييق الأمني الواسعة التي طالت قيادات جماعة الإخوان المسلمين.
ويشير المراقبون إلى أن النظام حرص على إطلاق سراح “حلمي الجزار” عقب إفلات “دراج” ليظل شخص خارج السجن متواصلًا مع أطراف الحراك الثوري في الداخل والخارج يمكن أن يتم معه أي عملية تفاوض إذا ما أحتاج إلأمر إلى ذلك.
وبحسب النشطاء والمراقبين، فإن الإفراج عن أبو العلا ماضي يأتي في هذا السياق للإبقاء على رمز سياسي في خارج السجن، خاصة أن أبو العلا ماضي يعد من الشخصيات المقبولة لدى أطراف عدة من كلا التيارين سواءً المعارض أو الداعم للنظام.
وفي هذا الإطار، علق المخرج المسرحي والناقد محمد العزوني، عبر حسابه الشخصي بـ”فيس بوك” قائلًا: “أظن أن النظام أفرج عن أبو العلا ماضي ليس لأنه يستحق الحرية من وجهة نظرهم، ولكن ليكون وسط الثائرين أحد العقلاء ليخفف من جذوة ثورتهم إذا ما جن النظام وأقدم على أي حماقة”.
التهدئة بعد مقتل “دربالة”
وفي المقابل، نفى محللون سياسيون آخرون، أن يكون الإفراج عن أبو العلا ماضي، له علاقة بالمصالحة مع الإخوان، مؤكدين أن النظام لا يريد المصالحة في الوقت الحالي، وأن عمليات الاعتقال والتصفية المستمرة للمعارضين أكبر دليل على عدم نية النظام للحوار.
وأضف الخبراء، أن نظام السيسي يسعى لإشغال المواطنين عن عمليات التصفية المستمرة في السجون بقضية الإفراج عن ماضي وأسبابها، خاصة بعد قتل الشيخ عصام دربالة، رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية في المعتقل، بحسب بيان الجماعة الإسلامية.
وفي هذا الإطار، حذر ممدوح إسماعيل، البرلماني السابق، من إمكانية كون الإفراج عن المهندس أبو العلا ماضي، رئيس حزب الوسط، بمنزلة تغطية من السلطة على وفاة الدكتور عصام دربالة.
وقال إسماعيل -في تدوينة-: “إخلاء سبيل المهندس أبو العلا ماضي.. الحمد لله.. ولكن إنه أسلوب التغطية المخابراتي بعد قتل عصام دربالة، رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية، والسلاموني ومرجان ومحمد مهدي”، بحسب رأيه.
وأضاف، “في خلال 3 أيام صدر 18 حكم إعدام و8 مؤبدات للمحامين، كان ﻻ بد من عمل تغطية وتغيير مسار الكلام.. والعبي يا مخابرات وطبلوا وهيصوا ياغلابة.. ربنا هيفرجها من عنده”.
الإفراج قانوني
من جهة أخرى، قال المهندس عمرو فاروق، الأمين العام لحزب الوسط، إن الإفراج عن ماضي ليس سياسيًا، وإنما هو إفراج قانوني، مضيفًا -في تصريحات صحفية- أن فكرة الحوار السياسي سيعاد طرحها الفترة المقبلة بعد عقد اجتماع مع ماضي وعودته لرئاسة الحزب.
ونفى فاروق أن يكون الإفراج بناءً على تفاوض مع الدولة، مؤكدًا أن إخلاء السبيل جاء بعد إتمامه الحد الأقصى لمدة الحبس الاحتياطي حسب القانون 143 إجراءات جنايات، وهي سنتان، وأكد أن قرار المحكمة جاء بعد قبول الاستئناف المقدم من دفاع “أبو العلا ماضي”، وإخلاء سبيله بضمان محل إقامته.
وعن إمكانية لعب حزب الوسط دور الوساطة السياسية، قال فاروق: “إننا ندعو كل الأطراف من الإخوان والدولة للجلوس والحوار بشأن المستقبل لإنهاء حالة الصراع والانقسام السياسي الموجودة في البلد حاليًا لأنها الأمل في إقامة دولة عادلة”، مضيفًا أن الفترة المقبلة قد تشهد تغيرات كبيرة.
ووصف نجل أبوالعلا ماضي، مرافعة الدكتور محمد سليم العوا، بأنها السبب وراء قبول المحكمة الاستئناف وإخلاء سبيل والده.
ونشر أحمد أبو العلا ماضي، عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” صوره تجمعه بـ”العوا”، وكتب عليها: «تحية شكر وإجلال وتقدير لأستاذنا الدكتور العوَّا رئيس هيئة الدفاع عن المهندس أبو العلا ماضي؛ حيث ترافع في جلسة الأمس وبيّن للمحكمة نصوص القانون فلم يتبق بعد تبيانه لَبْسٌ أو تعقيد وفسَّر لهم فلم يصبح بعد كلامه كلام».