بعد مغادرة الفريق صدقي صبحي وزير الدفاع إلي فرنسا في زيارة رسمية، بدأت وسائل الإعلام الموالية لحكم العسكر في فتح ملف القرار الذي قد اتخذه صدقي صحبي بإعفاء عدد من الدور والفنادق والنوادي والشقق والفيلات والساحات التابعة للقوات المسلحة من الضريبة العقارية ومهاجمة القرار.
وأشار خبراء إلى أن سبب هذا الهجوم هو الخوف المستمر من قبل عبد الفتاح السيسي من الظهور المتكرر لصدقي صبحي، والإطاحة به كما فعل مع الرئيس محمد مرسي.
وكان وزير الدفاع، أصدر القرار في ظل غياب السيسي خارج البلاد، والذي يفترض أنه المخول بإصدار قرارات مثل إعفاء بعض منشآت الدولة من الضرائب أو عدم إعفائها.
ونص القرار على اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذه، على أن يتم إيداع كشوف الحصر بمأمورية الضرائب العقارية بالقوات المسلحة، ويعمل به اعتبارًا من تاريخ نشره.
وتشمل قائمة العقارات المعفاة 52 ناديًا، و29 فندقًا، و18 مصيفًا، و8 دور سينما ومسارح، إلى جانب عدد من دور القوات المسلحة، والساحات وفروع السوبر ماركت والمجازر الآلية، إلى جانب العمارات والشقق والفيلات.
ويعتبر القرار الذي أصدره الفريق صدقي صبحي، بإعفاء المنشآت العسكرية من الضريبة، قرارًا مؤجلًا أكثر من مرة، حيث تم تأجيل تطبيقه أكثر من مرة طوال السنوات الماضية، إلى أن صدر قرار عبد الفتاح السيسي -في 19 أغسطس الماضي- ببدء تطبيقه بأثر رجعي من أول يوليو 2013، على أن يطبق بعد ذلك من أول يناير سنويا، غير أن صدقي صبحي قام بإصداره في صورة قرار رسمي صادر من وزير الدفاع وأمر بنشره في الجريدة الرسمية.
هجوم إعلام السيسي
وأكد الكاتب الصحفي عبد الناصر سلامة، أنه “ليس من صلاحيات الوزير قانونًا إصدار قرار بهذا الشأن، الذي هو من صلاحيات الرئيس أو البرلمان، وإلا فإن كل وزير يصبح من حقه إصدار قرار مماثل، بالتالي لا ضرائب، يعني لا خدمات، يعني لا مرافق، يعني لا دولة، وهو ما لا يمكن أن يقبل به أي وزير أيا كان، فما بالنا بوزير الدفاع؟”.
وأضاف سلامة، في مقال له في صحيفة “المصري اليوم”، أن “القرار لا يتعلق بمنشآت عسكرية بقدر ما يتعلق بمنشآت ترفيهية، من نوع الفنادق وصالات الأفراح والقرى السياحية ومشروعات إنتاجية متنوعة، وغيرها من المنشآت التي كان يجب أن يتساوى التعامل بشأنها مع نظيرتها من المنشآت المدنية، فما بالنا إذا عدنا إلى الوراء لنجد أن أراضي كل هذه المنشآت الترفيهية، ذات الطبيعة الربحية، لم تسدد القوات المسلحة عنها لخزينة الدولة مليما واحدا في يوم ما؟ على اعتبار أن الأرض في البداية كانت لأغراض عسكرية وقت الحرب، ثم تحولت بقدرة قادر وفي غيبة من القانون إلى مثل ذلك النشاط”.
وهاجم القرار، قائلًا “القرار بصيغته الحالية التي تم تداولها كارثة بكل المقاييس، لن يظل يقبل بها أبدا وزير الدفاع، وحتى إذا قبلها لأسباب غير مفهومة، فإن رئيس الدولة لن يقبل بها، خاصة في ظل هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد، والتي تحتاج فيها إلى كل قرش من الداخل حتى لا نظل نتسول بالخارج، وما صناديق تحيا مصر، وأفراح مصر، ومن أجل مصر، ويا حبيبتي يا مصر إلا دليل واضح على حاجة الدولة”، حسبما جاء في المقال.
وختم سلامة “ما هو مؤكد أيضا أن مثل هذا القرار، لو كان قد صدر عن أي وزير آخر، لكانت المحاكم قد اتخمت بقضايا تستهدف إبطاله أو إلغاءه، إلا أن ذلك لم يحدث، احتراما لدور القوات المسلحة من جهة، وخوفا ورعبا من بطشٍ أو تنكيلٍ من جهة أخرى، لكن في الحالتين ندعو أولى الأمر إلى المبادرة بحسم الموقف، حتى لا يصل إلى هذا الحد المشين”.
بديل السيسي
وأكد البرلماني الكويتي السابق ناصر الدويلة، أن هناك صراعًا خفيًا بين السيسي وصبحي، متوقعًا أن يتم الإطاحة بالأول بالإضافة إلى نصف المجلس العسكري، مضيفًا أن هناك صراعًا دائرًا بين اللواء عباس كامل مدير مكتب السيسى وصبحى، على حد قوله.
وأضاف الدويلة أن “الانقلاب يعد أيامه ويعد جواسيسه، ويعد كم بقي بيد عباس وكم راح لجيب صدقي وكم صار الجيش عامل صباع كفتة وكم شوال رز يكلف حرس السيسي”.
وقال إن دول الخليج شرعت في البحث عن بديل لعبد الفتاح السيسي، مشيرًا إلى أن حكمه سيصبح قريبًا من الماضي، على حد قوله.
وأوضح الدويلة، في تغريدات له عبر “تويتر”، أن السيسي بات في أضعف أحواله الدولية، مؤكدًا أن أمر التخلي عنه يتم بحثه في أعلى المستويات وكل قطب لديه مرشح بديل يطرحه.
فشل سياسي واقتصادي
من جانبه، قال الكاتب البريطاني ديفيد هيرست إن عبد الفتاح السيسي حصل لمدة عامين على دعم وقوة غير محدودة لبناء قاعدة شعبية وسياسية، خلال هذه الفترة حتى بداية يناير الماضي، وتلقى السيسي ما يقرب من 39.5 مليار دولار في صورة قروض نقدية ومشتقات بترولية، وربما ارتفع المبلغ ليصل إلى 50 مليار دولار حتى الآن، ولم يحظ أي قائد بمثل هذه الفرصة لإعادة صياغة المشهد السياسي.
وأضاف هيرست، في مقال له، أنه بالرغم من كل هذا الدعم فقد حدث العكس فقد استنزف السيسي الدعم والشعبية، وكان أول من ابتعد عنه الليبراليون الذين خدعوا أنفسهم بأن الإطاحة بأول رئيس منتخب ديمقراطيًا سوف يؤدي إلى مزيد من الديمقراطية.
حرب الجنرالات
وأكد هيرست أنه لم يتوقف نزيف السيسي في الجبهة الداخلية، لقد كتبت مؤخرًا عن التصدعات داخل جنرالات الجيش وبعضهم تحدث صراحة إلى الزملاء في دول الخليج الأسبوع الماضي، بعض هذه التصدعات ظهرت على الصفحة الأولى من صحيفة الشروق المقربة من الحكومة، حيث قالت الصحيفة، إن أحمد شفيق يخطط للقيام بانقلاب وطبقًا للصحيفة رصدت الأجهزة الأمنية اتصالات شفيق بشخصيات معينة في أجهزة حساسة لمواصلة دعمه لزعزعة شرعية السيسي على أمل أن يصبح رئيساً بعد الإطاحة بقائد الانقلاب.
وأوضح الكاتب البريطاني، أنه لم يسخر المصدر الحكومي حين قال إن المتورطين في المؤامرة ليسوا فقط شخصيات سياسية، مثل جنرالات الجيش والأقلية الحاكمة وإنما أيضًا شخصيات رسمية من الإمارات والسعودية والولايات المتحدة.
فتور العلاقات مع السعودية
وأشار هيرست إلى أن فتور العلاقة بين السيسي والملك سالمان هو حقيقة، ولكن دخول الإمارات ضمن الفاعلين ضد النظام المصري هو الجديد، فلو خسر السيسي دعم محمد بن زايد، بالإضافة إلى خسارته سالمان، سيصبح في ورطة حقيقية، لأنهما اثنان من الممولين الثلاثة الرئيسيين له، لقد دعمت الإمارات السيسي بالأسلحة للتدخل في ليبيا.
وفي تحذير آخر لشفيق، قال يوسف الحسيني الذي وصف “بالولد” في الأشرطة المسربة من مكتب السيسي، إن المؤامرة ضد السيسي يخطط لها أربعة أشخاص هم شفيق وجمال مبارك وسامي عنان ومحمد مرسي الذي ينتظر الإعدام.
وأكد الكاتب أن ما تشهده مصر هو صراع بين عشيرة واحدة لها نفس الاتجاه السياسي والنفوذ العسكري، وهذا تطبيق للحكمة التي تقول إن اللصوص لا بد أن يختلفوا في النهاية.
وأضاف أن الطرف الخامس الذي انضم إلى العصابة هو نجيب ساويرس ثالث أغنى رجل أعمال في مصر القبطي والمعارض القوي لجماعة الإخوان المسلمين الذي أصبح محل انتقاد قاس من قبل مقدمي البرامج المؤيدة للسيسي الذين اتهموه بالحصول على الجنسية الأميركية وشككوا في ولائه لمصر.