لم يكن باسم عودة، وزير التموين في عهد الرئيس محمد مرسي، هو أنشط وزراء التموين في تاريخ مصر فحسب، بل حاز لقبًا سيظل التاريخ على ما يبدو يذكره به طويلًا، إذ سار على طريق محاربة الغلاء "الشائك"، والذي ما سار عليه أحدًا إلا وكان جزاءه القتل.
المتابعين لأخبار كبار الشركات العابرة للقارات واللوبيهات الصناعية العالمية وشركات الأسلحة والتجارة حول العالم، يدركون جيدًا ما معنى أن يخرج عالم أو شخصية نابغة لتقترح حلًا أو تخترع جهازًا أو تكشف عن مادة يمكنها تخفيض أسعار السلع التي يقتاتون على بيعها للمستهلكين حول العالم، ويدركون أيضًا مصير هذا العالم أو هذه الشخصية، والتي غالبًا ما تكون الوفاة في ظروف غامضة.
ولأن سلطات الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب في مصر، ليس لديها ما تخاف عليه من سمعة أو مظهر أمام الرأي العام العالمي، لم تستخدم ذات الأسلوب مع باسم عودة، بل قررت إعدامه في العلن، لأنه دخل عش الدبابير وعرف كيف يواجه ارتفاع الأسعار وضعف جودة السلع، بمخططات مدروسة وطويلة ومتوسطة وقصيرة الأمد، للوصول بتلك السلع إلى أن تكون على درجة مناسبة من الجودة وبأسعار تناسب متوسط دخل المواطنين.
وأصدرت محكمة جنايات الجيزة حكما، في 22 يونيو، بإحالة أوراق 14 قياديا بجماعة الإخوان المسلمين إلى المفتي، بينهم باسم عودة ومعه المرشد العام محمد بديع وعصام العريان ومحمد البلتاجي وصفوت حجازي، في قضية أحداث مسجد الاستقامة، والتي راح ضحيتها ما يقرب من 20 من أنصار الرئيس محمد مرسي خلال اشتباكهم مع قوات الأمن والبلطجية بمحيط ميدان الجيزة.
وأثارت تصريحات إبراهيم محلب، رئيس وزراء الانقلاب، التي قال فيها اليوم الاثنين: "أخذت قرار رفع الدعم عن الطاقة وزيادة أسعار البنزين والسولار وأنا قلبي بيتقطع لأنني أعلم أن هناك فقراء سيضرون من هذا القرار بسبب الجشع المنتشر"، سخط المواطنين، والذين يرون في باسم عودة، أفضل وزير تموين في التاريخ المصري الحديث، إذ نجح في القضاء على أزمات أنابيب البوتاجاز ورغيف الخبز، في فترة لم تزد عن ستة أشهر.
وفي الوقت الذي لم تخجل فيه سلطات الانقلاب من الحكم على عودة بالإعدام على الرغم من عرضها توليه نفس المنصب عقب الانقلاب على الرئيس الشرعي للبلاد، خرج "محلب" ليقول: "رفع الدعم في صالح الفقراء ولا يؤثر على حياة المواطن، ويوفر على الدولة ما يقرب من 132 مليار جنيه ستنفق على التعليم والصحة وخدمات أخرى تعود على المواطن البسيط، وهى خطوة كانت لابد أن تنفذ وإن رأى البعض في القرار أنه ضد الفقراء".
تولى باسم عودة وزارة التموين في يناير 2013، وهو من أبناء محافظة المنوفية، إذ ولد فيها يوم 16 مارس من عام 1970، في أسرة متوسطة حيث كان والده مديرا بإحدى الإدارات التعليمية، وهو متزوج ولديه أربعة أبناء، وانضم لجماعة الإخوان المسلمين أثناء فترة دراسته بجامعة القاهرة في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي حينما كان طالبا في كلية الهندسة، وكان من أنشط كوادرها بالجامعة وتولى عدة ملفات طلابية في ذلك الوقت، بعدها عمل ''باسم'' أستاذا بقسم الهندسة الطبية بكلية الهندسة.