رغم ما زعمته وزارة الأوقاف بحكومة الانقلاب من أنها وضعت قيودا تمنع وتجرم الحديث في الأمور السياسية بعد انقلاب 30 يونيو؛ وملاحقتها الخطباء الذين أتوا على ذكر الأزمات الدامية التي تعصف بالبلاد لاسيما عند حديثهم عن حرمة الدم وفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، فإن أوقاف الانقلاب لم تمنع الخطباء من تحسين صورة الانقلاب أو الحديث السياسي إذا ما كان دعوة للمشاركة السياسية التي تعمل على إنجاز خارطة طريق مزعومة.
ورغم أن مئات الخطباء الذين أظهروا تعاطفهم مع دماء الشهداء لم يزيدوا شيئا عن إيضاح حرمة الدماء في الإسلام؛ وهو ما لا يعد حديثا سياسيا برأي فقهاء وعلماء شريعة، فإن مصير الذين أزعجتهم الدماء كان الفصل أو الإيقاف من العمل، بينما لاذت الوزارة -التي قصرت الخطبة على مواضيع تحددها للخطباء على مستوى الجمهورية وتحظر مخالفتها- بالصمت تجاه الخروقات مادامت في صالح الانقلاب.
وشهدت اليوم الجمعة 23 مايو 2014 نشاطا مكثفا لدعاة تابعين لحزب النور من أجل حمل الناس على المشاركة في الانتخابات الرئاسية التي تنظمها سلطات الانقلاب، كما شهدت المساجد مظاهر دعائية في الانتخابات، وهو ما رآه محللون مشاركة سياسية وانحيازا لرأي وفريق عبر الدعوة والحشد، بينما هناك فريق يرى خياره السياسي هو المقاطعة.
ففي حي شبرا بالقاهرة دعا الشيخ عزت ياسين، إمام وخطيب مسجد الخازندار، في خطبته، جموع المصريين، للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، مؤكدا أن ذلك هو السبيل للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد حاليا، حيث إن هناك من يدعو للامتناع والمقاطعة، وذلك بهدف أن تبقى الأوضاع كما هي عليه في حالة الانفلات، مؤكدا أن ذلك ليس توجيها بانتخاب أحد معين، أو مرشح معين، ولكن حقا لكل مصري أن يدلى بصوته، مشددًا على إعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد، حيث لا تنصلح الأحوال المعيشية للمواطن، إلا بعد عودة الأمن، وهو الذى لم يتحقق إلا مع وجود الرئيس.
المقاطعون إرهابيون!
وبميدان التحرير هاجم الشيخ جمعة محمد علي عضو جبهة أزهريين مع الدولة المدنية، الدعوات والفتاوى التي تحرض على مقاطعة الانتخابات، وقال: "الداعون والمقاطعون للانتخابات الرئاسية إما من الإرهابيين أو الشباب المراهقين".
وأضاف جمعة خلال خطبته بميدان التحرير: "على المشير السيسي أن يبعد الأشخاص ذوي السمعة السيئة عنه، وكذلك بعض من يتحدثون باسمه لأنهم قد يشوهون صورته لأنهم محسوبون على النظام البائد".
ووجه خطيب التحرير الشكر للمصريين بالخارج لمشاركتهم في الانتخابات والتصويت لصالح السيسي، مطالبا المشير حال فوزه بالرئاسة بأن يقوم بتعديل كامب ديفيد لتسهيل التحرك في سيناء.
وفي مركز جهينة بمحافظة سوهاج دعا الشيخ مصطفى حسين بمسجد الرحمة المشاركة في الانتخابات الرئاسية المزعومة، متهما من يعارضها بالإرهاب والمشارك في التخريب، كما وصل الأمر الى تكفير كل من يعارض النظام الحالي في مصر، بدعوى رفض الاستقرار والأمن والأمان لأهله وناسه في عدم طاعته للحكومة الحالية.
وبمركز أخميم دعا نقيب الاشراف السيد الشريف للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، بعد انتهاء خطبة الجمعة داخل المساجد، كما أعرب عن تمنياته لفوز المرشح الأصلح والأقرب للشعب والذي أنقذهم مما وصفه بـ "الإرهاب".
المقاطع "آثم"؟
وفي طنطا أقدم عدد من مشايخ الصوفية على استغلال منابر المساجد وجلسات الحضرة على دعوة المواطنين للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، كما حرموا الامتناع عنها حيث وصفوا كل من لا يشارك بالانتخابات بـ"الآثم"، والمخالف لتعاليم النبي والصحابة وأل البيت.
وفي مطروح أقدم أحد خطباء بمسجد بمنطقة الكيلو 5 ، على الدعايا مباشرة لعبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري، ودعا بالتوفيق له ولقادة الجيش والشرطة وللمحافظ، في ما وصفها بـ"الحرب على الإرهاب".
الدعوة السلفية.. دعاية السيسي بالمسجد
وفي الاسكندرية معقل "الدعوة السلفية"، ينتشر الخطباء التابعين للدعوة السلفية (التي أنشأت حزب النور الموالي للانقلاب العسكري) ويعتلون منابر المساجد، متحدثين عن الانتخابات ويباركون المشاركة فيها لإنقاذ مصر من الخطر الداهم على حد زعمهم.
وكان لحزب النور" الذراع السياسية للدعوة السلفية"، المهمة الرئيسية في رعاية تلك الانتخابات الرئاسية بل دعم مرشح بعينه ألا وهو عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري، حيث تداول نشطاء علي موقع التواصل الاجتماعي تويتر صورة تظهر قيام أعضاء حزب النور بتعليق صور دعائية للمرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي داخل أحد المساجد وذلك خلال ندوة لدعم المرشح قبل بدء فترة الصمت الانتخابي بساعات.
