لم تكن المسألة المصرية مطروحة للنقاش في الاتفاق الذي جرى الإعلان عنه أمس بين دول الخليج لإنهاء الأزمة التي تفجرت داخل البيت الخليجي وكان عنوانها الأبرز قرار سحب سفراء الرياض وأبو ظبي والمنامة من الدوحة. وبحسب معلومات تجمعت لدى العربي الجديد من مصادر مطلعة فإن موضوع مصر لم يناقشه أحد ولم يطالب به أحد من أطراف الاتفاق الذي جرى من خلاله التوصل لآليات تتعلق بالمستقبل، وليس بالماضي.
"لا تغيير في خطاب الجزيرة في تغطيتها للموضوع المصري، ولا إبعاد لسياسيين وشخصيات يقيمون في قطر، فالاتفاقيات من هذا النوع لا تتعامل مع أمور كهذه". هكذا قال مصدر واسع الاطلاع على كواليس الاتفاق وترتيباته، مضيفا أن الأيام القادمة كفيلة بإثبات حقيقة أن أحدا من أطراف الاتفاق لم يقدّم تنازلات، كون هذا الاتفاق تأسّس على منطق مقبول من جميع الأطراف بلا تنازل من أي طرف عن مواقفه السياسية وسيادته.
وكان محرك التوصل للاتفاق ادراك الجميع ولا سيما قادة السعودية وقطر أنه من الضرروي تجاوز الازمة التي جرى تضخيمها فوق حجمها الطبيعي. وقد كان واضحا للعيان السلام الحار بين ولي العهد السعودي وأمير قطر في القمة العربية الأخيرة في الكويت، كما انتبه الجميع إلى أن كلمة أمير قطر المحورية في المؤتمر لم تتضمن أي تغيير في الموقف.
وتوضح المصادر أن مرتكزات الاتفاق هي ميثاق مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وعدم دعم أي دولة خليجية للمعارضة ضد أي دولة خليجية أخرى، ورفض كل ما من شأنه أن يمس بأمن دول الخليج، مؤكدة أن هذا المنطق عموما هو منطق قطر ومقبول عليها كما هو مقبول على السعودية.
وفيما يتعلق بمطلب عدم دعم تنظيم الإخوان المسلمين فإن الثابت حسب المصادر أن"دولة قطر صرحت وتصرح علنا طوال الوقت بأنها لا تدعم تنظيمات سياسية". وتؤكد المصادر أن الاتصالات بين السعودية وقطر كانت مباشرة، وبدأت بعد أزمة سحب سفراء الدول الثلاث(السعودية والإمارات والبحرين) من الدوحة بأيام، وذلك في الأسبوع الأول من مارس الماضي، إذ كان أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد يتماثل للشفاء.
وجرى اتصال بين رئيس الحكومة القطرية ووزير الداخلية الشيخ عبد الله بن ناصر آل ثاني مع وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف، ولاحقا مع وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل.
وقد بدأت الاتصالات في لقاء بين عبد الله بن ناصر وسعود الفيصل أثناء اجتماع دوري لوزراء الداخلية العرب في المغرب، وأثمرت هذه الاتصالات توافقا بين الطرفين تبعه توافق خليجي على ضرورة تجاوز الأزمة انطلاقا من ثوابت ميثاق مجلس التعاون.
وتكشف المصادر ذاتها أنه في مرحلة لاحقة على بداية الاتصالات تم الاتفاق على ضرورة وضع ملاحظات الدوحة على آليات تطبيق التفاهمات التي جرى التوصل لها في العاصمة السعودية الرياض، واستمر النقاش لأسبوعين حول الآليات وأدخلت في الآليات تغييرات، وحتى بنود جديدة، ثم في مرحلة تالية جرى الاتصال والاجتماع بين رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية السعودي، وانتهى الأمر بموافقة قادة البلدين عليه. وبعدها اجتمع وزراء خارجية دول المجلس مساء أول أمس للإعلان عن التوصل إلى الآليات المشتركة.
وتضيف المصادر أن ثمة بنود تحتاج للتفسير في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ولا تقتصر الاستفسارات على قطر وإنما تشمل دولا عربية أخرى، و"بالمجمل أصبحت هناك آليات جديدة للمجلس للتعامل مع البنود التي تحتاج لتوضيح للاتفاق حول تفسيرها في المستقبل القريب".
وقد وقعت جميع الأطراف على ما اتفقت عليه السعودية وقطر، لأن الجميع معني بتجاوز الأزمة قبل الاتفاق على مضمون البنود جميعها، وسوف تعقد اجتماعات لاحقة للاتفاق على تفسير بعض البنود.
المصدر : العربي الجديد