عادت مصطلحات "محظور" و"إرهابي" و" عميل" لترتبط مرة أخرى بالحركات الإسلامية في كل وسائل الإعلام المصرية تقريباً. وفي المقابل، تسهب وسائل إعلام الدولة والإعلام الخاص على حد سواء في الإشادة بتوجهات حكومة الانقلاب المدعومة من الجيش. وقد أصبحت الصحف والبرامج الحوارية على شاشات التلفاز، وهي أكثر منافد الإعلام المصري شعبية، تفرط كلها في الثناء على الجيش وتمجد استعادته الثورة، وتحذر بقوة كبيرة من الخونة الذين يعارضونه، حيث توصم كل الأخبار ووجهات النظر المناقضة بأنها مؤيدة لـ "الإخوان" وبالتالي تشكل خطراً على البلاد.
ليس من المستغرب فى مصر أن تكون وسائل الإعلام داعمة للانقلاب العسكرى فى 3 من يوليو منذ صعود التيار الإسلامي لسدة الحكم في مصر حي انهال السباب والشتائم لمدة عامل كامل على كل التيارات الإسلامية وعلى القنوات التى تعمل بشكل مهنى حر .. كان الجانبان السياسي والإعلامي هما محورا ذلك الانقلاب الدموى وتمت العملية على ذلك النطاق .
الحريات والانقلاب
فور إعلان بيان الانقلاب العسكري تم قطع جميع وسائل الإعلام ذات الميول الإسلامية والمحايدة والتي تبث المظاهرات المؤيدة للشرعية منها قناة "الناس و الرحمة والحافظ ومصر 25 "كما ألقت قوات الشرطة العسكرية القبض علي اثنين من مذيعي قناة مصر 25 بينهم المذيع محمد جمال هلال ومدير المونتاج بالقناة وضيفين. كما اقتحمت أجهزة أمن الانقلاب وأغلقت مكاتب واستوديوهات قنوات "الجزيرة مباشر مصر"، "والإخبارية" و"الجزيرة الإنجليزية" وأوقفت أجهزة البث, واحتجز أمن الانقلاب مدير قناة "الجزيرة مباشر مصر" ومدير مكتب "الجزيرة الإخبارية" بالقاهرة, مع عدد من العاملين، وأجبرت العاملين والضيوف في"الجزيرة مباشر مصر" على التوقف عن الكلام وإيقاف بث نقل صورة ميدان التحرير. كما انقطع بث "الجزيرة الإخبارية" و"الجزيرة مباشر مصر" على القمر الاصطناعي نايل سات.
بينما باشر أمن الانقلاب حملة اعتقالات في صفوف جماعة الإخوان المسلمين إثر انقلاب الجيش ،اُحتُجِز محمد مرسي في القصر الرئاسي مع بقية فريقه بعد أن حدد الجيش المهلة، ثم عُزِل عن الفريق ونُقِل إلى مقر وزارة الدفاع بعد انتهائها واعتقل رئيس حزب الحرية والعدالة سعد الكتاتني والنائب الأول لمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر ونائبه رشاد البيومي والمرشد العام السابق مهدي عاكف وأمين عام حزب الحرية والعدالة بالجيزة حلمي الجزار كما صدرت أوامر لاعتقال 300 عضو من الجماعة.واعتقلت السلطات كذلك إسلاميين آخرين بينهم حازم صلاح أبو إسماعيل كما تواترت أنباء عن اعتقال المرشد العام للإخوان المسلمين محمد بديع، لكنه خرج في ميدان رابعة العدوية، وكذب إشاعات فراره أو إلقاء القبض عليه وحذّر من "تزييف وسائل الإعلام الكاذبة"، وتم بعد ذلك اعتقال أبو العلا ماضى رئيس حزب الوسط ونائبه المحامة عصام سلطان .
فيما أصبحت مصر الآن ثالث أخطر بلد على الصحفيين، وفقاً للجنة حماية الصحفيين. وقد توفي سبعة صحفيين في الميدان منذ يوليو الماضى 2013، مقارنة بثلاثة توفوا خلال السنتين السابقتين. وفي أغسطس تعرض صحفيان مصريان كانا يعملان في سيناء إلى الاعتقال والمحاكمة أمام محاكم عسكرية. وفي كانون الأول،سُجن أربعة من مراسلي محطة الجزيرة الناطقة بالإنجليزية بتهم مشكوك فيها. وخلال احتفالات كانون الثاني،تم اعتقال سبعة صحفيين على الأقل، بينما هاجم الغوغاء الصحفيين، متهمين بعضهم خطأ بأنهم يعملون لقناة الجزيرة. وتعرض عشرات آخرون للإصابات، والاعتداءات أو الاحتجاز منذ الانقلاب العسكري.
إدانات دولية وسط صمت نقابى
ووفقاً للجنة حماية الصحفيين، تعرض ما لا يقل عن 45 صحفياً للاعتداءات، وتم اعتقال أكثر من 44 صحفياً . وتعرض عدد آخر لا حصر له من الصحفيين إلى الطرد أو النقل من وظائفهم بسبب مواقفهم السياسية -أو الخشية من تبني مثل هذه المواقف.
وعندما حدث مجزرة فض اعتصام رابعة العدوية يوم 14 أغسطس الماضى وهو ما أسفر عن مقتل أربعة من الصحفيين لم تقم نقابة الصحفيين بإدانة العنف.
بينما أعلنت شبكة "رصد" الإخبارية بعد محاكمة اثنين من صحفييها أمام المحاكم العسكرية أن الحريات الإعلامية والصحفية في مصر تمر بأسوأ عصورها منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو، حيث تم استهداف الصحفيين بالقتل والاعتقال وإغلاق عدة قنوات تليفزيونية وصحف، وتكميم الأفواه ومنع وجهات النظر المعارضة للانقلاب.
وأضافت الشبكة في بيان لها أن ما يجري في مصر اليوم هو انتهاك صارخ للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص على أن "لكل فرد الحق في حرية الرأي والتعبير، ويتضمن هذا الحق حرية تبني الآراء من دون أي تدخل والبحث عن معلومات أو أفكار مهمة عن طريق أي وسيلة إعلامية بغض النظر عن أية حدود".
بينما صرحت منظمة العفو الدولية أنه يجب على السلطات المصرية أن تُسقط فورا جميع التهم المسندة إلى ثلاثة صحفيين من قناة الجزيرة الناطقة بالإنجليزية، واثنين من صحفيي شبكة "رصد" الإخبارية وذلك عقب إحالتهم إلى المحاكمة.
وفي معرض تعليقه على الموضوع، قال الأمين العام لمنظمة العفو الدولية، سليل شيتي: "يمكن اعتبار قرار النائب العام المصري اليوم بإحالة عدد من الصحفيين إلى المحاكمة على صعيد تهم تتعلق بارتكاب أعمال عنف مزعومة، بمثابة انتكاسة رئيسية لحرية الإعلام في مصر".
الحريات فى ظل حكم مرسي
قال الكاتب السياسي "مهنا الجبيل" كان خطاب الفريق السيسي الذي تم التعارف على تسميته بـ'مهلة الـ 48 ساعة' واستخدامه مفردة 'الإرهاب' التي تثير المخيال الجمعي للولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، هي صافرة البداية لمزيد من استدعاء وإثارة هذا 'المخيال' عبر تكرارها في خطابات وتصريحات لاحقة إضافة إلى كلمات مثل: التطرف، المتطرفون والإرهابيون، لضمان فرص دعم التحرك العسكري والانقلاب من قبل العالم الغربي في ما بعد، وهو ما حصل بالفعل، إذ ظلت هذه المفردة (الإرهاب) كثابت من ثوابت الخطاب الإعلامي لما بعد الانقلاب العسكري لترويج نموذجه 'البوليسي القمعي.
يشير إلى المشهد المصري ومعطياته المحتدمة بناء على طرح تساؤل حول القضية المركزية الأولية والثانوية، وعليها يعتبر المؤلف قضية الصراع مع الرئيس مرسي هي قضية فرعية ثانوية، باعتبار أن 'الرئيس' وتياره التزموا بـ 'خيارات التغيير المدني، والقبول بوسائط الانتقال السياسي وفقا للقواعد الديمقراطية'.
ويشير في هذا الصدد إلى شهادة صريحة من عبد الغفار شكر، القيادي اليساري وعضو جبهة الإنقاذ، جاءت بالنص على: 'أن الرئيس مرسي لم يكن رئيسا دكتاتوريا ولم يسجل في عهده اعتقال رمز سياسي ولم تغلق صحيفة أو وسيلة إعلام'.
وعلى ذلك يكون اعتبار الانقلاب العسكري على المشروع السياسي لثورة 25 يناير هو القضية المركزية، وليس الاختلاف السياسي حول أداء الرئيس وتياره وكوادر تنظيم الإخوان المسلمين وجناحهم السياسي حزب الحرية والعدالة.
ويشير إلى أن الدولة المدنية في عهد الرئيس مرسي قائمة وفق شروطها الأصلية في الحرية السياسية الكبرى وضمان التصويت الشفاف، وهو ما صنعته ثورة يناير وليس مجرد صندوق انتخاب تدعو له الدولة العميقة، فهذا كان موجودا في عهد الرئيس المخلوع مبارك وفي ظل أقسى معاناة حقوقية سياسية عاشها المواطن المصري.
ويبرهن على ذلك بحرية الإعلام المصري في عهد الرئيس مرسي والتي بلغت حد شتم الرئيس مرسي والطعن فيه والسخرية منه.
فيما قالت رشا عبدالله، أستاذة الاتصال الجماهيري في جامعة القاهرة : "إننا نعيش في دوامة مستمرة، لقد عدنا إلى حيث كنا في حقبة مبارك، وإنما بدعم الجماهير هذه المرة".
الانقلاب …ومصطلح الإرهاب
أعلنت حكومة الانقلاب المستقيلة فى يوم 25 من ديسمبر 2013 إعلان جماعة الإخوان المسلمين جماعة "إرهابية" وبعدها بفترة منذ أيام أعلنت محكمة بإعلان حركة حماس الفلسطينية كمنظمة "إرهابية" بينما تمت مصادرة أموال مئات من أعضاء وقيادات جماعة الإخوان المسلمين فى مصر.
فيما أصدرت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة برئاسة المستشار محمد السيد, حكما بتاريخ 23 سبتمبر 2013 بحظر أنشطة الإخوان بجمهورية مصر العربية, وجماعة الإخوان المنبثقة عنه وجمعية الإخوان, وأى مؤسسة متفرعة منها أو تابعة لها أو منشأة بأموالها أو تتلقى منها دعما ماليا أو أى نوع من أنواع الدعم.
كما اشتمل حكم المحكمة كذلك الجمعيات التى تتلقى التبرعات, ويكون من بين أعضائها أحد أعضاء الجماعة أو الجمعية أو التنظيم, والتحفظ على جميع أموالها العقارية والسائلة والمنقولة سواء كانت مملوكة, أو مؤجرة لها, وكذلك كافة العقارات والمنقولات والأموال المملوكة للأشخاص المنتمين إليها لإدارتها, بما يتفق مع الغرض من إنشائها وطبقا لقوانين الدولة المصرية.
الكل محظور…
بعد انقلاب 3 يوليو صار كل شىء محظورًا …الأحزاب والجمعيات الخيرية محظورة والإعلام الحر النزيه يتهم بالخيانة والعمالة .. رفع أربعة أصابع "شارة رابعة" للتعبير عن مجزرة راح ضحيتها الآلاف محظور .. اللحية محظورة .. الصور على الهاتف محظورة ..حتى بعض الأغنيات والأناشيد صارت محظورة .
إلى متى يظل الصوت محظورًا فى مصر فى ظل الانقلاب العسكرى ؟!