بعد مباراة السوبر الأفريقي التي فاز فيها الأهلي المصري للمرة السادسة كانت النهاية على غير المتوقع؛ فقد نشبت اشتباكات بين ألتراس أهلاوي وبين الشرطة وهو ما نتج عنها إصابة 25 شرطيا وإلقاء القبض على عدد من شباب الألتراس.
وعقب الأحداث انطلقت وسائل الإعلام الموالية للانقلاب العسكري تتبنى وجهة نظر واحدة تحمل شباب الألتراس سبب الأزمة دون عرض وجهة نظرهم أو إفساح المجال لهم للدفاع عن أنفسهم أمام سيل الاتهامات الموجه لهم، وهو ما نظر إليه مراقبون باعتباره تصعيدا إعلاميا يمهد للتصعيد الأمني ضد شباب الألتراس خلال الفترة المقبلة
ووفقا لراوية الألتراس فقد بدأت الاشتباكات بعد هتافات انطلقت من جانب جماهير الألتراس ضد وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وضد ممارسات الشرطة وعدم الأخذ بثأر من قتلوا في مجزرة بورسعيد التي راح ضحيتها ما يزيد على 72 من ألتراس أهلاوي فبراير 2012.
وتساءل شباب أولتراس أهلاوي في بيانهم عبر صفحتهم الرسمية علي الفيسبوك تعليقا علي أحداث مباراة السوبر الأفريقي عن سبب غضب الشرطة بعد هتافات ضد العادلي قائلة: "بدأت المشكلة عندما قمنا بسب حبيب العادلي وهو ما أثار غضب أفراد الداخلية .. لماذا يغضبهم سب وزير سابق قاتل محبوس؟؟ أم أنهم لا زالوا يرونه وزيرهم ويسيرون على نهجه؟؟"..
وتابع البيان أن "الشرطة بعد ذلك جاءوا ليحاولوا أخذ بانر الجروب الرئيسي لتبدأ حينها الاشتباكات ولكنهم لم يستطيعوا أخذ أي بانر من بانرات الجروب.. يتحدثون عن إصابات في صفوفهم ولم ير أحد أو يتحدث عن كسر باب المدرج من الداخلية واقتحامهم للمدرج في وجود 20 ألف متفرج وضرب غاز وخرطوش ورصاص حي.. لم يتحدثوا عن الإصابات بين الجمهور الموجودة الآن في المستشفيات.
وأشار البيان إلى عدم وجود أي نية لهذه الاشتباكات مؤكدين علي ذلك بقولهم: "دخل الجروب وبدأ في تنظيم الدخلة، ثم بدأت المباراة بدخلة تاريخية لم تحدث في إفريقيا من قبل، وهذا كفيل بجعل تركيز كل الجروب مع الدخلة، وعدم النية للدخول في مشكلة مع أي جهة.. المباراة بدأت وشجع الجمهور فريقه حتى تحقق الفوز بكأس السوبر وهو ما وعد به الجروب قبل المباراة بأن الفوز سيأتي بتشجيع الجمهور وهو ما تم التركيز عليه.. وهذا جزء آخر يدل على عدم النية لافتعال أي مشكلة.. اليوم سار بامتياز بالنسبة للجمهور بدون أي مشكلة وإذا كنا نريد افتعال مشكلة كنا فعلنا عند دخولنا للمدرج".
وكان رد وزارة الداخلية من خلال تصريح اللواء أشرف عبد الله، مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن المركزي: إن "جماهير الأهلي قامت بترديد ألفاظ خارجة ضد الشرطة قبل انتهاء المباراة بـ10 دقائق".
وأوضح عبدالله في مداخلة هاتفية مع برنامج ممكن لخيري رمضان أن الإصابات وقعت فقط في صفوف الشرطة ولم تحدث للجماهير أي إصابة.
أما اللواء هاني عبد اللطيف المتحدث باسم وزارة الداخلية فقد صرح لأحد المواقع الإخبارية بأن وزارة الداخلية تدرس الآن إعادة النظر في قرارها بشأن حضور الجماهير في مباريات الدوري العام، مؤكدًا أن الوزارة ستبحث هذا الأمر من جديد ومدى خطورته.
ومنذ مجزرة بورسعيد التي راح ضحيتها العشرات من شباب أولتراس أهلاوي باستاد بورسعيد انطلقت الشرارة الأولى لغضب شباب الألتراس على الداخلية التي كانت سببا في سقوط هذا الكم من الضحايا؛ حسب تقرير تقصي الحقائق الذي صدر من لجنة مكونة من أعضاء مجلس الشعب أن تقصير قوات الشرطة والأمن كانت سببا رئيسيا في هذا العدد من الضحايا.
وعندما تم القبض علي عدد من رجال الأمن ومنهم قادة الأمن في بورسعيد واتهامهم بالتسبب في المجزرة هدأ الغضب الجماهيري قليلا، ثم عاد ليشتعل مرة أخري في أكتوبر2013 بعد قيام قوات الشرطة بالقبض على عدد منهم في مطار القاهرة أثناء انتظارهم لفريق كرة اليد العائد من المغرب واتهمتهم قوات الأمن بالقيام بأحداث شغب وهو ما نفته جماهير الألتراس في بيان لها عبر صفحتها الرسمية على الفيسبوك مؤكدة أنها ستتظاهر حتي يتم الإفراج عن هؤلاء الشباب.
وبعد مسيرات حاشدة لمسيرات شباب الألتراس للإفراج عن زملائهم استجابت الداخلية في نوفمبر2013 بالإفراج عنهم بدعوى خوفها على مستقبلهم وأنها اكتفت بتغريمهم مبالغ مالية جراء ما سببوه من أضرار.
ورجح عدد كبير من المراقبين وقتها أن الانقلاب قام بذلك حتى لا يبدو أن دائرة معارضته تتسع كلما مر وقت ولأن الألتراس قوة لا يستهان بها وبرز ذلك منذ ثورة يناير 2011 ولهذا لم تتمكن الداخلية من إطالة مدة اعتقال الشباب كما تفعل مع معارضيها من شباب الجامعات وشباب المتظاهرين في مختلف الفعاليات المناهضة للانقلاب.
غير أن الهجوم الإعلامي على شباب الألتراس بعد مباراة السوبر كان الأكثر عنفا؛ حيث تم إبراز شباب الألتراس على لسان عدد من النقاد الرياضيين والإعلاميين على أنهم مستهترون أو أنهم ليسوا الجماهير الوحيدة للأهلي وأن الكورة لا قيمة لها إذا تسببت بذلك، وهي الصورة المعاكسة تماما لما تم تصويره للألتراس من قبل الإعلاميين ذاتهم عقب ثورة 25 يناير في موجات تملق الثورة، حيث تم وصفهم بالوعي والوطنية والمسئولية والطهر الثوري وعدم الطمع في أي مناصب أو مكاسب، وهو التصعيد الذي رآه مراقبون تمهيدا لتصعيد أمني موازٍ لمجموعات الألتراس.
فقد أكد حسن المستكاوي، الناقد الرياضي، أن الألتراس ليس جمهور الأهلي فقط، موضحًا أن جماهير الأهلي بالملايين، موضحا خلال مداخلة هاتفية بأحد البرامج أن كل شخص يفعل أي حادثة أو جريمة أو نوع من الشغب يجب أن يسجن ويعاقب فورًا مهما كان عمره.
وتابع: "ما حدث في إستاد بورسعيد جريمة بكل المقاييس كانت نتيجة بسبب احتقان صنعه جمهور الأولتراس الأهلاوي"، مشددا على أن ما يحدث حاليًا مؤامرة على مصر، قائلًا: "طظ في الكورة اللي تخلي أي حد يعمل كده"!
أما محمد أبو حامد، مؤسس حزب حياة المصريين، فقد شدد عبر تويتر على أنه لابد من وقفة حاسمة مع أولتراس أهلاوي، قائلا ما يحدث الآن غير مبرر، وهو بلطجة يجب التصدي لها، وأصابع رجال خيرت الشاطر واضحة"!!!
كما تبنت وسائل الإعلام الموالية للانقلاب العسكري روايات حول أحداث مباراة السوبر تصف "الألتراس" بالتخريب والتدمير والبلطجة، ووصف موقع الوطن الإلكتروني ما حدث قائلا" دمرت مجموعة أولتراس أهلاوي عدد كبير من نوافذ منشآت استاد القاهرة الدولي، خلال اشتباكاتهم مع قوات الشرطة عقب انتهاء مباراة السوبر الأفريقي، كما احتجزوا 2 من عناصر الأمن، وضربوا وسحلوا أحد الجنود، وهو ما دفع الشرطة للإحاطة بهم واغلاق بوابات إستاد القاهرة".
أما الإعلامي خيري رمضان عبر برنامجه فوصف ما حدث -على فضاية السي بي سي- بأنه إساءة لسمعة مصر متسائلا عن "من يقف وراء إثارة الشغب والاشتباك مع الأمن؟".
فيما قال الكاتب أكرم القصاص عبر صحيفة اليوم السابع بمقاله: "ألتراس.. مش ناقصة استهبال" قائلا لا هي المرة الأولى ولا الثانية ولا الخامسة التب يخرج الألتراس من تحت الأرض ليعيث فسادًا، ويعتدى على قوات الأمن، ويحرق ويخرب مرة أخرى.
وتابع: "لا وصف لما حدث غير أنه بلطجة، في وقت لا تحتمل فيه الأوضاع المزيد من الاستهبال، وطبعًا كانت هناك سوابق لم يتم فيها عقاب المعتدين، مع أنهم مارسوا عنفًا وبلطجة مجانية، تضعهم طرفًا في معادلة الفوضى.
وخاتم مقاله: "حيث يجتمع التعصب مع العنف، يغيب العقل، ويصبح العنف واردًا في كل لحظة، بينما الأمور مش ناقصة استهبال".
وكان لبوابة الأهرام الإلكترونية رأي لا يختلف كثيرا قائلة لابد من الوقوف أمام التصرفات الطائشة وغير المسئولة التي اعتاد الألتراس القيام بها في المناسبات الكبيرة.. كما أنه لابد من التساؤل حول من يدفع هؤلاء الصغار، خاصة أنه لا يمكن إلقاء اللوم على الشرطة التي سمحت بدخول أعداد كبيرة من الجماهير في المباراة، وكان من الممكن أن تكون المباراة فاتحة خير يمكن من خلالها المطالبة بعودة الجماهير للمدرجات في مباريات الدوري، لكن ذلك أصبح حلماً بعيد المنال، بعدما وصلت العلاقة بين الشرطة والألتراس لطريق مسدود، ولا أحد يعرف كيف سينتهى الصراع بين الطرفين، لكن المؤكد هو أن كرة القدم هي الخاسر الأكبر!. كان هناك.. بطولات بلون الدم.