منذ عدة أسابيع بدأت في مصر تعرف ظاهرة لحرق سيارات الشرطة، كأحد تكتيكات مناهضة الإنقلاب، أسفرت عن إضرام النار في مئات السيارات، ما لبثت أن تطورت إلى حرق السيارات المملوكة للضباط أنفسهم.
لكن يوم الجمعة شهد نقلة نوعية في هذه العمليات، حيث تزايد حرق سيارات الضباط وحقق رقما قياسيا، بل امتدت الظاهرة إلى حرق سيارات فئات أخرى من مؤيدي الإنقلاب.
ولأول مرة منذ الإنقلاب دخل القضاة في دائرة الاستهداف، حيث قام مجهولون في مدينة طنطا بمحافظة الغربية بإشعال النار في سيارة قاض يتولى التحقيق مع أنصار جماعة الإخوان المسلمين.
وامتدت النيران إلى منزل القاضي قبل أن تتمكن قوات الحماية المدنية من إطفاء الحريق.
وفي نفس اليوم تمكن مجهولون من إحراق 4 سيارات مملوكة لضابط بالقوات المسلحة وأسرته في حي مدينة نصر بالقاهرة.
وهذه هي المرة الأولى أيضاً التي يتم فيعا استهداف سيارات تابعة لضباط في الجيش منذ 3 تموز/يوليو.
كذلك، تم الجمعة حرق سيارة المذيع أحمد موسى – المقرب من الأجهزة الأمنية – أمام بيته.
وأعرب موسى – في مداخلة مع قناة التحرير مساء الجمعة – عن قلقه من الحادث، مؤكدا أنه كان يتلقى تهديدات عديدة من قبل، لكن هذه هي المرة الأولى التي تصل فيها التهديدات إلى بيته.
وطالب موسى المستهدفين من الإعلاميين ورجال الشرطة والجيش والقضاة بإبعاد سياراتهم عن منازلهم وأن يأخذوا حذرهم، مؤكدا أن هناك مخطط مدروس لتتبع تلك الفئات.
وهدد موسى بأنه سوف يقوم بنفسه بحرق ممتلكات الإخوان المسلمين إذا لم يعد له القانون حقه، قائلا: "لو القانون مش هيجيب حق الناس ..فكل واحد ينتقم لنفسه".
وخلال مظاهرة رافضة للإنقلاب بمنطقة الهرم بالجيزة قام عدد من المتظاهرين بحرق إحدى سيارات البث المباشر تابعة لقناة التحرير الفضائية، في حادثة تكررت كثيرا من قبل.
وقال شهود عيان لـ"عربي 21" إن العملية الخاطفة حدثت رغم تواجد سيارة البث على مسافة قريبة جدا من قوات الشرطة التي كانت تضم مصفحات وعشرات والضباط والجنود إلا أن جرأة المهاجمين وسرعتهم أذهلت رجال الأمن الذين لم يتمكنوا من حماية السيارة.
ويبدو أن التطور النوعي في تلك العمليات لم يمنع هؤلاء "المجهولون" من مواصلة حرق السيارت الخاصة المملوكة لضباط الشرطة، حيث تم في الساعات الأولى من صباح الجمعة إضرام النار في إحدى عشر سيارة، وهو رقم غير مسبوق.
وتم إحراق السيارات بمعدل خمس سيارات في القاهرة واثتين في الجيزة وواحدة في كل من الإسكندرية والدقهلية والشرقية والإسماعيلية.
ويقول منفذو تلك العمليات إنها تهدف إلى الإنتقام من ضباط تورطوا في الإعتداء على المتظاهرين، كما تهدف أيضا إلى بث الذعر في نفوسهم ونفوس أسرهم وتوصيل رسالة بمفادها "نحن قريبون جدا منكم".
ويقول أحمد عبد الحميد – أحد شهود العيان – لـ "عربي 21"، إن هذه العمليات ذات تأثير شديد على الضباط وأنه لمس ذلك بنفسه، حيث يمنع جاره ضابط الشرطة أولاده وزوجته من الخروج إلى الشارع خوفا من تعرضهم لإعتداء.
وكانت وزارة الدخلية قد أعلنت منذ أسبوعين وضع خطة أمنية لمواجهة ظاهرة حرق سيارات ضباط الشرطة، تضمنت تعيين شرطة سرية لضبط الجناة، ونصحت الضباط والأفراد بعدم وضع أي علامات على سياراتهم تدل على هوية صاحبها.
كما طلبت منهم وضع سيارتهم في جراجات أقسام الشرطة القريبة من منازلهم، وأعلنت أنه يجري توسعة تلك الجراجات في مختلف المحافظات لاستيعاب سيارات الضباط.
ويوم الجمعة حرق متظاهرون مقهي في الاسكندرية قالوا إنه مملوك لبلطجية اعتادوا التعرض للمسيرات السلمية بالأسلحة خلال الأسابيع الماضية.
وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على الإنترنت المتظاهرون – أثناء حرقهم للمقهى – وهم يرددون هتاف "البلطجية ملهومش دية" في إشارة إلى انهم من بدأوا بالإعتداء على المتظاهرين وأن يستحقون الإنتقام.
كما أوردت صفحات مناهضة للإنقلاب على فيس بوك صورا تظهر إضرام مجهولين النار في عدد من أبراج التقوية التابعة لشركة "موبينيل" للهاتف المحمول في محافظة الشرقية، التي يمتلك رجل الأعمال الداعم للإنقلاب نجيب ساويرس حصة فيها.
وتعليقا على هذه الحوادث أبدى دكتور علاء صادق الناقد الرياضي سعادته بقيام مجهولين بإضرام النيران بسيارات القنوات الفضائية، حيث قال عبر تويتر، "حرقوا سيارة البث الخارجي لقناة "التحرير" عقبال الاستوديوهات بالمذيعات والمذيعين".
كما أشاد المستشار وليد شرابي المتحدث باسم حركة قضاة من أجل مصر، بالعمليات فقال على "فيس بوك": "كان للمجهولين بصمات واضحة فى فاعليات الجمعة، خاصة بالنسبة لسيارات القنوات الداعمة للإنقلاب، أرجوا من المجهولين أن يتقبلوا تحياتي".
ومنذ عدة أسابيع ظهرت حركات جديدة مثل "هنرعبكوا" و"ولع" و"مولوتوف" أعلنت تبنيها لعمليات حرق سيارات ضباط الشرطة، وتنشر صفحات هذه الحركات على مواقع التواصل الإجتماعي صورا ومقاطع الفيديو لحرق السيارات وسط ترحيب من رافضي الإنقلاب خاصة الشباب، الذين يرفعون شعار "المجد للمجهولين".