قال شريف منصور منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في لجنة حماية الصحافيين التي تتخذ من نيويورك مقرا لها إن إعلان الحكومة المصرية المدعومة من العسكر عن محاكمة 20 صحافيا، منهم 16 صحافيا مصريا يعملون مع قناة الجزيرة الإنجليزية يعتبر أمرا غير مسبوق حسبما تقول اللجنة التي تعمل على مراقبة ودعم حرية الصحافة في العالم منذ إنشائها عام 1981.
وأوضح منصور في مقال نشره في "واشنطن بوست" أن الخطوة لا تثير الدهشة إذا أخذنا بعين الاعتبار قمع الحكومة المدعومة من العسكر للصحافة وتاريخها في استخدام النظام القضائي كوسيلة لتمرير ما تريد.
ويقول منصور إن مصر كانت في قائمة أكثر عشر دول في العالم اعتقلت صحافيين، وثالث دولة من حيث الدموية والخطر على الصحافيين كما جاء في بيانات المنظمة.
وفي الوقت الحالي هناك 10 صحافيين يقبعون خلف القضبان، وقتل خمسة صحافيين منذ تموز/ يوليو الماضي، حيث يشتبه بضلوع الحكومة أو الجيش بأربع حالات وفاة من الخمس.
ويضيف الكاتب أن الجيش المصري طور قبل الإطاحة بنظام الرئيس محمد مرسي خطة للضغط والتأثير على الإعلام المحلي ودفعه لدعم مزاعمه في السيطرة على السلطة.
ويزعم منصور أن عداء مرسي للإعلام واستفزاز مؤيديه له (لم يعتقل أي صحفي "عربي21") كان وراء خلق حالة من الإستقطاب في المشهد الإعلامي المصري بحيث قلل من قدرة هذا الإعلام على اتخاذ مواقف جماعية لمواجهة القمع.
وعندما تولى الجيش الأمور في تموز/يوليو الماضي كانت السلطات قادرة وبسهولة على فرض الرقابة على الإعلام وتطبيق حملة دعائية وضعت كل ناقد أو جماعة معارضة باعتبارها "إرهابية"؛ في استمرار لأشكال من الرقابة التي بدأت في عام 2011، حيث زرع الجيش أجواء الخوف ونشر نظريات المؤامرة عن "التهديدات التخريبية الخارجية".
ويقول منصور إن "الهجوم على الإعلام والتحرش بصحافيي الجزيرة يبدو مألوفا لي، فقد كنت واحدا من بين الذين حكم عليهم في قضية المنظمات غير الحكومية، حين قامت الحكومة العسكرية عام 2011 بتوجيه اتهامات لمنظمة ألمانية وأربع منظمات أمريكية: مؤسسة كونراد أدينور، المعهد الديمقراطي الوطني، المعهد الجمهوري الدولي، فريدم هاوس والمعهد الدولي للصحافيين.
وصدرت أحكام على 43 عاملا فيها ولمدد متعددة، فيما تم تعليق بعض الأحكام، وفي الوقت الذي لم نزج في السجون، إلا أن معظمنا أجبر على الابتعاد عن مصر".
ويقول "رغم أنه حكم علينا رسميا بالعمل داخل مصر بدون رخص، والحصول على أموال بدون إذن، إلا أن الإعلام المصري ومؤسساته اتهمونا بخلق الفوضى والتحريض على العنف، بل وأكثر من ذلك نشرت تقارير كاذبة عن العثور على أسلحة في مكاتبنا".
ويضيف "علمت عبر تويتر أن الحكومة المصرية قد وجهت إلينا اتهامات، ووصفتني أنا و27 من العاملين في منظمات غير حكومية "بالهاربين" وطلبت من الإنتربول القبض علينا، حتى قبل التحقيق معنا.
وخلال المحكمة التي استمرت 18 شهرا، لم يتلق القاضي الذي عمل في المحكمة العسكرية أي دليل ضدنا، ومع ذلك أصدر الحكم علينا واتهمنا بتطبيق المؤامرة الأمريكية الإسرائيلية، وأننا نريد نشر الإمبريالية اللينة في مصر".
ولم يؤد الحكم كما يقول إلى أي نوع من الشجب أو التهديد من الألمان أو الأمريكيين بقطع أو فرض شروط على الدعم كما يقول. بل وبعد فترة قليلة تم تطبيع العلاقات مع الحكومة العسكرية "ونُسيت مأساتنا، ولم يكن باستطاعة أي من منظمات حقوق الإنسان المتهمة العمل في مصر حتى اليوم".
ويعود لموضوع الجزيرة التي وُجهت اتهامات مماثلة لصحافييها، وأنهم يعملون بدون رخص، واتهمهم الإعلام المؤيد للحكومة بتطبيق "الأجندة القطرية" أو "التحريض على العنف". واتهم النائب العام الصحافيين بالتلاعب بالصور وتغيير أفلام الفيديو باستخدام برنامج كمبيوتر متقدم، وأن هؤلاء الصحافيين تلقوا أموالا لتشويه صورة مصر في الخارج ونشر أخبار كاذبة.
وللأسف فقد لقي القمع دعم كثير من المصريين، لأن الجيش وداعميه بالغوا وضخموا من حسّ الوطنية الكاذب، وزرعوا بذور العداء لأمريكا وشجبوا أي جماعة مرتبطة بالولايات المتحدة حسبما يقول منصور. ولأن حكومة قطر دعمت مرسي بالمليارات، فقد سهل اتهام قناة الجزيرة بالتحيز له.
ويختم بالقول إن البعض في مصر عبّر عن رغبته بإصلاح بعض الأخطاء والممارسات، في إشارة إلى طلب عدلي منصور، الرئيس المؤقت من النيابة العامة مراجعة بعض الأحكام، وتصريحات المتحدث باسم الخارجية المصرية حول معاملة الإعلام الدولي.
لكن "ومع ابتعاد مصر عن المسار الديمقراطي، فمن المهم أن يقوم الإعلام الدولي بالعمل بحرية ونشر تقارير عن انتهاكات الحكومة، ولو حصل الصحافيون على دعم دولي، فسيكون بإمكان الصحافيين وجماعات حرية الصحافة العاملة داخل وخارج الحكومة تحديد سلطة الجيش وقوات الأمن".
ويحذر الكاتب قائلا إن "مصر ستدخل في حفرة من التعتيم الإعلامي، وسيؤكد حسّ الحصانة الذي سيجعل من أي فعل مهما كان صغيرا مثل إجراء مقابلات مع أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين جريمة إرهابية".
المصدر والترجمة: عربي ٢١