وقف "صلاح الدين" فى قفص الانقلاب ليقوم "هولاكو" المجرم بمحاكمته!! باتت عجلة التاريخ تسير بظهرها، وبات العالم الذى يدعى أنه متمدين يسير على يديه ويفكر بقدميه، نعم المسافة بين صلاح الدين وهولاكو ثلاثة وسبعين عاما، فصلاح الدين انتصر فى حطين فى يوليو 1187م وهولاكو نال شر هزيمة فى سبتمبر عام 1260م، لكنهما التقيا فى الرابع من نوفمبر 2013م، وبالتحديد فى ساحة الانقلاب العسكري.
لقاء خارج نطاق التاريخ فى أحداث خارج نطاق العقل والمنطق، انقلاب خارج عن كل الأعراف، مجازر لم يتصورها عقل، اعتقالات لفتيات بصورة يستحى منها أبو جهل.
هولاكو يعتلى كرسى العرش الذى خطفه، ويحكم ويدير ويسرح ويمرح، وفرق الزار الإعلامى لا تتوقف عن الرقص، ثم يأتون بالرئيس المنتخب ليحاكموه أمام قضاء شارك بكل قوة وفجور فى ذلك الانقلاب، وفى تهمة هى أيضا خارج نطاق العقل والمنطق.
هو مشهد هزلى بكل تفاصيله يحدث لأول مرة فى تاريخ مصر، وهو مشهد يضعك فى صورة هولاكو المجرم السفاح يحاكم صلاح الدين الأيوبى البطل النبيل، مشهد يصيب بالدوار.
ويزيد من بؤسه وكارثيته تصريحات جون كيرى وزير خارجية أمريكا صانعة الانقلاب خلال زيارته لمصر حيث طالب بعدالة المحاكمة ونسى أن بلاده داست على كل قيم العدالة عندما دبرت ذلك الانقلاب، ونسى أن الشعب المصرى لن ينسى لأمريكا أبدا هذا الاحتلال بالوكالة عبر عملائها لإرادته.
صلاح الدين الأيوبى مؤسس الدولة الأيوبية فى مصر وبطل موقعة "حطين" التى قهر فيها الصليبيين واستخلص القدس من بين أنيابهم، تاريخه مكتوب بحروف من نور وسيرته محفورة فى قلوب المصريين والمسلمين جميعا، واسمه سيظل قرين المسجد الأقصى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
أما "هولاكو" ذلك الوحشى المغولى النهم لشرب دماء البشر، وصاحب أشهر مجازر فى التاريخ خلال حملاته ضد المنطقة العربية، وقد أسقط الخلافة العباسية بعد اجتياح عاصمتها بغداد (656هـ – 1258م). التى دافعت عن العالم الإسلامى أكثر من خمسة قرون، وعاثت قواته فيها قتلا وتخريبا حتى بلغت الدماء فى شوارعها سنابك الخيل، فقد تراوحت أعداد القتلى بين مائتى ألف حتى المليون قتيل، وتلون نهر دجلة باللون الأسود بعد أن دمروا مكتبتها الشهيرة وألقوا بما فيها من كتب فى النهر، ولم يكسره سوى قائد مسلم هو سيف الدين قطز، الذى خرج من مصر وهزمه فى عين جالوت.
فمَن يحاكم مَن إذًا؟ هولاكو أم صلاح الدين؟ هكذا انقلب الحال، فبات هولاكو الانقلاب القاتل لستة آلاف مدنى مسالم، الخاطف للسلطة الشرعية، الغادر برئيسه، يحاكم صلاح الدين المنتخب من شعبه، صاحب السجل الناصع.
ألا يستحون وهم يتراقصون على جثة مصر وسط حفلات الزار لإعلام العار، لكن كلمات نعوم تشومسكى صوت الضمير الغربى ما زالت تقرع الآذان، خلال ندوة طلاب الجالية المصرية، وبحضور عدد كبير من شباب الجاليات العربية فى نيويورك، قائلاً: "إن الطغاة يسقطون عندما يتخذون قرارات غبية أو عندما يسيطر عليهم المنافقون وأصحاب المصالح الخاصة، هم فى مصر قرروا أن يحاكموا الرئيس الذى اختطفوه، وهو رئيس منتخب ولم يُنتخب رئيس من بعده".