في أول ظهور علني له دخل الرئيس د.محمد مرسى بخطوات واثقة إلى قاعة المحاكمة ماشياً على قدميه، عكس الحال التي كان يظهر عليها سلفه المخلوع مبارك، وكان باديا عليه حالة الشموخ، متعمداً أن يرتدي زيه الرسمي كاملا وكأنه في زيارة تفقدية يمارس مهام منصبه.
وفور دخوله قفص الاتهام لوح بإشارة رابعة وقال للقاضي المعين من الانقلاب لمحاكمته: "أنا الدكتور محمد مرسي العياط الرئيس الشرعي في البلاد،وأنت باطل"، مضيفاً أن" ما حدث يوم 3 يوليو هو انقلاب، وما حصل هو خيانة".
وقال د.مرسي:"أطالب المحكمة بإنهاء المهزلة"، موضحاً أنه :"موجود هنا بالقوة وغصبا عنى، ولا يجب أن يشارك القضاء المصري في الانقلاب العسكري"، مضيفاً أن :"قرار الإحالة صادر من غير ذي صفة، ومن نائب عام عينته سلطات الانقلاب".
وشدد الرئيس د.مرسي :"أرفض كل التهم التي صدرت إلي لأنها صادرة من الانقلاب"، محملاً القضاة الانقلابين مغبة محاكمته بالقول:"أنتم مسئولون عن عدم خروجي من هنا لممارسة مهام منصبي رئيسا للبلاد".
وحول تبعات مشهد المحاكمة صرح الدكتور رفيق حبيب نائب رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين لـ"رصد" قائلاً :" اعتقد أن مشهد اليوم محاكمة لثورة يناير وهي جزء من انقلاب عسكري يريد إعادتنا مرة أخرى إلى الدولة المستبدة".
وأضاف :" موقف الرئيس محمد مرسي كان واضحا وقاطعا تجاه المحاكمة وصموده وثباته دليل إضافي على أن هذه الثورة ستنتصر في النهاية ".
وتابع :" كل حيثيات المحاكمة بما فيها قضايا ضعيفة أو مفبركة وعدم إذاعتها على الهواء تدل على أن خوفا من تصاعد الزخم الثوري الموجود بالشارع".
وقال :" أتصور أن مرسي أصبح قائدا وزعيما للثورة وليس مجرد رئيس وأن المسألة تجاوزت منصب الرئاسة ، وأن المحاكمة أصبحت مشهدا من مشاهد مقاومة هذا الانقلاب العسكري ؛ فالمشهد اليوم رحلة نضال نحو الانتصار الكامل على دولة الاستبداد العسكري ، والأمر ليس هينا ولكنه في تقديري أن الانتصار قادم".
وأكدت مصادر لشبكة "رصد" أن جميع المتهمين الـ14 في القضية رفضوا الخضوع للمحاكمة، وقال الدكتور محمد البلتاجي لهيئة المحكمة: "عندي 10 أسباب دستورية وموضوعية تؤكد عدم شرعية المحكمة"، قبل أن يهتف: "يسقط يسقط حكم العسكر".
ولأول مرة يلقى فعلا يقوم به الانقلاب قبولاً عند الطرف الآخر الذي ينادي بعودة الشرعية، فلقد أسعدت رؤية الرئيس "المنقلب عليه" الدكتور محمد مرسي ولو بين يدي خاطفيه قلوب المؤيدين للشرعية، الذين خرجوا عن بكرة أبيهم يناصرون الرئيس المنتخب، كما ألهبت كلمات د.مرسي التي تسربت من قاعة المحكمة حماسة الثوار وأحيت الأمل من جديد في نفوس من فقده.
حول ذلك صرح الدكتور محمد سيف الدولة المستشار السابق للرئيس محمد مرسي :"عندما يقوم القاتل الحقيقي "لكل الشهداء" بمحاكمة الآخرين على جرائمه، في حراسة كل هذه القوات، فهذه قمة الظلم والغدر والتضليل والبطلان والجبروت".
وفي ذات السياق قال الدكتور مصطفى الشيخ القيادي في حزب الأصالة، والتحالف الوطني لدعم الشرعية:" مشهد المحاكمة هزلي بامتياز، ففي الوقت الذي يحاكم فيه رئيسا منتخبا من الشعب بتهم هزلية، يغيب من المشهد وزير الداخلية ووزير الدفاع وهما اللذان يجب أن يقدما إلى المحاكمة بتهم قتل المتظاهرين الإخوان أمام الاتحادية وليس الرئيس مرسي".
وتابع:" المحاكمة سرية وليست علنية وهو دليل آخر قاطع على بطلانها وعلى نية الانقلابيين الانتقام من ثورة 25 يناير وهدم كل استحقاقاتها التي حصل عليه الشعب المصري بدماء أبنائه الشهداء ".
واستطرد :" موقف الرئيس مشرف جدا حيث ظهر أنه يرفض أن يلين للانقلاب رافضا التظاهر بالمرض لاستعطاف الشعب مثل سلفه مبارك ، وفي تقديري أن الرئيس استفاد جدا من هذه المحاكمة ، كما استفاد منها الشارع الثوري وتحالف دعم الشرعية وأن هذه المحاكمة سوف تسهم في زيادة الزخم الثوري وانتفاضة الشارع وارتفاع وتيرة المظاهرات ضد الانقلاب".
وأضاف :" كان واضحا انحياز الشارع اليوم للشرعية وللرئيس المنتخب ، وكان الجميع يهتف في محافظات مصر (مرسي لازم يرجع رئيس)".
وأثارت جلسة المحاكمة ردود فعل رافضة للمحاكمة ومؤكدة في الوقت نفسه أن الانقلاب خسر بمحاكمة الرئيس مرسي، وهو ما يفسر قرار هيئة المحكمة تأجيل جلستها إلى 8 يناير المقبل بعد دقائق من انعقادها، وفي الأثناء بث التلفزيون المصري لقطات من المحاكمة أظهرت د.مرسي في حالة ثبات وصمود أراد نقلهما إلى مؤيديه خارج قفص الاتهام.
من جانبه قال الناشط رامي جان مؤسس حركة أقباط ضد الانقلاب :"اليوم الرئيس مرسي بدلا من أن يحاكمه الانقلاب حاكم الانقلاب و كسب الشارع فظهر واقفا علي قدميه لا يبالي بالمحكمة الهزلية اليوم سيكون منعطف تاريخي و مسمار آخر في نعش الانقلاب كما ذكرت من قبل".
مضيفاً :"لم تعد سيادة الرئيس رئيس لمصر فقط بل أصبحت رمز و فكره للحرية و ألهمت العالم اجمع في العصر الحديث"، موضحاً :" الحكاية مش إخوان ..الحكاية شعب اتهان".
وهو ما أكده دكتور علاء الروبي عضو المكتب التنفيذي لحزب الإصلاح وعضو مؤسس جبهة الإرادة الشعبية والتوافق الوطني في تصريح لشبكة "رصد" : " موقف الرئيس مشرف ومحترم والصمود الذي بدا عليه في المحكمة أحرج الانقلاب وأسقط مشروعية المحاكمة والكلام الذي وجهه الرئيس إلى هيئة المحكمة أثبت أنها مسيسة وباطلة وانعقادها جاء انتقاما من الثورة ، وظهر واضحا رقي حوار الرئيس مع القضاة وأنه شدد على أنه لازال الرئيس الشرعي وأن تواجدهم لمحاكمته باطل ، كما شدد على عدم اعترافه بهيئة المحكمة ، مما زاد من تفاعل الناس داخل القاعة وهتافهم بأنه الرئيس الشرعي ، ومما قالوه (يسقط يسقط حكم العسكر ) ".
وأضاف :" في تقديري أن الطرف الأقوى اليوم ليست المحكمة وليس انقلاب ولكنه الرئيس مرسي الذي يقود الشارع الثوري ، وظهر واضحا صمود الشارع الثوري مع الرئيس من خلال الحشود التي زحفت من كل محافظات ومجن وقرى مصر والهتافات التي طالبت برحيل الانقلاب وعودة الشرعية ، خصوصا الحشود التي كانت أمام المحكمة الدستورية ".
وأكمل :" أستطيع القول أن المشهد الآن في تصاعد مستمر لصالح الثورة وهو لطمة للانقلاب ؛ المحاكمة اليوم زادت من الدعم الدولي والإعلامي والشعبي لعودة الشرعية ضد الانقلاب ".
من جانبه قال المهندس عمر عزام، القيادي في حزب التوحيد العربي وعضو تحالف دعم الشرعية : " المحاكمة واضح أنها بينت أن هذا الرجل صامد وأن حبائل هذا الانقلاب تتقطع كل يوم مهما حاول الانقلابيين الظهور بأنهم يسيطرون على الأوضاع ، وبشكل واضح أكد مشهد المحاكمة أن مرسي هو الرئيس الشرعي لأن كل ما بدا اليوم يؤكد ذلك ويؤكد أنهم فشلوا في انقلابهم ".
وتابع :" هذا الرجل أثبت أنه دائما وأيدا كان على حق وأن الانقلابيين على باطل ولأجل ذلك توحد الشارع الثوري الآن خلفه وليس الإسلاميين وحدهم ولو كان هؤلاء الانقلابيين على حق لقاموا بعرض وقائع الجلسة الأولى علنا على الهواء كما حدث مع المخلوع مبارك لكنهم تجنبوا ذلك خوفا من حجج الدكتور مرسي وخوفا من فضحهم على الهواء مباشرة".
دولياً كشفت الناشطة اليمنية توكل كرمان عن غضبها من محاكمة الرئيس مرسي وقالت: " مرسي هو الآن أكبر وأعظم من رئيس.. إنه زعيم ورمز عالمي للحرية.. فمن أنتم".
مضيفة :"الم اقل لكم إنه منديلا العرب ؟!.. كلاهما حاصر النظام المستبد وهو في المعتقل، حاكمهم وهو في قفص الاتهام ، أنه ومؤيديه يعيدون ذات الكفاح الوطني الإنساني النبيل لنيلسون منديلا وحزب المؤتمر الوطني الأفريقي".
مستطردة:" نعم الانقلابين في مصر فاشيون وعنصريون إلى درجة تصل إلى حد التطابق مع النظام العنصري الذي ابتليت به جنوب إفريقيا . خذوا مثلا كلمة خرفان التي أطلقوها كتسمية للإخوان ، أليست كلمة عنصرية كاملة ؟!".
وقالت مصادر لشبكة "رصد" أنه في نهاية جلسة المحاكمة التي تأجلت إلى 8 يناير المقبل بعد دقائق من انعقادها، هتف الدكتور محمد سليم العوا، ومعه أعضاء هيئة الدفاع عن المتهمين: الشعب يريد تأييد الرئيس..الشعب يريد دستور الرئيس، وإزاء هذه الحالة من التأييد للشرعية رفعت هيئة المحكمة الجلسة، وبعد رفع الجلسة، جلس د.مرسي داخل قفص الاتهام، والتف حوله، المتهمون، وهم واقفون في صمود أربك قضاة الانقلاب.