كتاب النميمة المصرية انضافت إليه هذا الأسبوع صفحة باسم الفريق سامي عنان رئيس الأركان السابق ونائب ورئيس المجلس العسكري الذي حكم مصر بعد إسقاط الرئيس الأسبق حسني مبارك.
ذلك أننا كنا قد قرأنا أن الرجل بصدد ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية،
وفي هذا السياق طالعنا أخبار لقائه مع ائتلاف القبائل العربية بمدينة الحمام في الساحل الشمالي،
ثم قرأنا خبرا عن ترتيب لقاء له في مدينة السويس، إلا أننا فوجئنا بأن اللقاء ألغي دون ذكر الأسباب، واختفت بعد ذلك أخبار لقاءاته الجماهيرية.
لكنه لم يخرج من دائرة الأخبار، لأن مفاجأة من نوع آخر كانت في انتظارنا، ذلك أننا طالعنا على صفحات جريدة صوت الأمة في 21/9 تقريرا مدعوما بالصور نسب إلى الفريق عنان اتهامات بالفساد المالي والتربح واستغلال النفوذ.
فذكرت أن راتبه لم يكن يتجاوز 2500 جنيه، ومع ذلك فإنه أصبح يمتلك قصرا «فاخرا» في منطقة التجمع الخامس،
كما أنه امتلك ثلاثة قصور في مارينا، وقصرا آخر في منطقة سيدي كرير،
إضافة إلى مائتي فدان اشتراها بثمن بخس للغاية، وسجلت بأسماء زوجته وبناته.
فضلا عن أنه كان شريكا لأكبر تاجر أراض وعقارات بمصر، حيث كان يساعد التاجر في شراء الأراضي «بسعر التراب» كما ذكرت الجريدة، ثم كان يبيعها بملايين الجنيهات.
إضافة إلى ذلك فإنه كان يبعث ببناته المتزوجات لكي يلدن في الولايات المتحدة ويتمتع أحفاده بالجنسية الأمريكية، في حين كن يعالجن بالمجان في مستشفيات الجيش المصري.
من ناحية أخرى، فإنه استغل نفوذه لكي يعين بالمخالفة للقانون ابنه الذي كان مدرسا بالفنية العسكرية لكي يعمل بالمخابرات العامة ويستفيد من الميزات التي تمنح لعناصر العاملين بالجهاز.
هذه المعلومات التي نشرتها الصحيفة جرى استعراضها بعد ذلك في أحد برامج قناة التحرير، حيث قدمت بحسبانها معلومات صحيحة، فيما اعتبر تعميما وترويجا للاتهامات التي إذا صحت فإنها تلغي المستقبل السياسي الذي بدا أن الفريق عنان يفكر فيه ويتطلع إليه.
ليس لدي أي كلام بخصوص الوقائع الذي ذكرها التقرير المنشور،
لكن لدي كلاما آخر حول ملابسات ومقاصد فتح ذلك الملف في الوقت الراهن.
وأستأذن قبل ذلك أن أروي قصة تمهيدية مررت بها حين كنت أكتب في جريدة الأهرام.
ذلك أن نائب رئيس الوزراء السوري ووزير الخارجية عبدالحليم خدام كان قد اختلف مع الرئيس بشار الأسد وأعلن انشقاقه عن السلطة في عام 2005.
وحين فعلها فإن أجهزة النظام نظمت ضده حملة تشهير واسعة النطاق للطعن في ولائه السياسي وذمته المالية.
وفي هذا السياق فإنها نشرت قائمة طويلة بممتلكاته في داخل سوريا وخارجها، وتضمنت كيفية استغلاله لنفوذه الذي بمقتضاه تملك بنايات وشققا سكنية عدة، كما أنه شارك في الأعمال التجارية عبر حصوله على توكيلات بعض الشركات المتخصصة في استيراد الملابس والأغذية الفاخرة.
آنذاك كتبت مقالة في جريدة الأهرام قلت فيها أنه في ظل الأنظمة الاستبدادية يغرق المسؤولون في بحر الفساد محتمين بقوة السلطة وتعتيمها على المجتمع.
لكن الأمر لا يخفى على الأجهزة الأمنية التي تحتفظ لكل مسؤول بملف يرصد مصادر ثروته ومظاهر فساده.
ويظل ذلك الملف محفوظا لدى الأجهزة لكى تستخدمه في الحفاظ على ولاء أولئك المسؤولين وابتزازهم.
وأضفت أن السؤال ليس عن مظاهر فساد والثراء غير المشروع الذي حققه السيد خدام، لأن الإعلان الذي صدر في دمشق يثير العديد من الأسئلة بخصوص ثروات بقية أعضاء القيادة الذين أتيحت لهم نفس الفرص وتعرضوا للغوايات ذاتها.
(حذف رئيس تحرير الأهرام هذا الجزء من المقال لأنه اعتبر غمزا في فريق الرئيس مبارك).
لم نسمع رأي الفريق عنان فيما نسب إليه عن وقائع، ولذلك فليس لنا أن نسلم بصحتها، لكن النشر الصحفي والبث التلفزيوني يثيران أسئلة عديدة منها مثلا:
• من يقف وراء تسريب هذه المعلومات التي لا تملكها سوى الأجهزة الرقابية والسيادية؟
• ما هي علاقة التسريب بما أعلن عن اعتزام الرجل الترشح للرئاسة،
وهل المقصود بالنشر في هذه الحالة تلويث سمعة الفريق عنان واستبعاده لصالح مرشح آخر؟
• هل استغلال النفوذ الذي تمثل في حيازة القصور وامتلاك الأراضي مقصور على الفريق عنان وحده، أم أن أقرانه من قادة القوات المسلحة تورطوا فيما تورط فيه؟
• منعا للبلبلة ولكي لا تعمم الشبهات، أليس من المناسب في هذه الحالة أن تعلن على الملأ البيانات المتعلقة بثروات قادة القوات المسلحة وحقيقة القصور التي يملكها بعضهم في منطقة التجمع الخامس؟
• أخيرا، هل فتح ملف الفريق عنان على ذلك النحو له صلة بما يتردد في أوساط النمامين والهامسين عن تجاذب وصراعات مكتومة بين الأجهزة السيادية؟
لا استطيع أن افترض البراءة في الترويج للمعلومات السابق ذكرها.
وما تمنيت أن يثار اللغط حول الذمة المالية لقادة القوات المسلحة بهذه الصورة، ولكن المعلومات التي سربت هي التي فتحت الملف واستدعت الأسئلة، ورغم ما أثارته من بلبلة إلا أنها نبهتنا إلى أن أولئك القادة إذا كانوا أقوى منا بسلاحهم لكنهم في ضعفهم مثلنا بالضبط.