الجيش الإسرائيلي يعتبر الجيش المصري شريكا " هكذا قال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية في شهادته أمام مجلس الشيوخ الأمريكي بتاريخ 18 يوليو 2013 . العبارة على قصرها تمثل تلخيصا مخيفا لكل الحقائق التي ما زلنا نكتشفها بخصوص القوات المسلحة المصرية منذ أعلن الخائن إنقلابه على الرئيس الشرعي المنتخب . فقد إكتشفنا أن الجيش المصري قادر على فتح النار باتجاه معتصمين سلميين و قتل ما يقرب من المائة منهم نساء و أطفال أمام نادي الحرس الجمهوري دون أن يطرف للقاتل جفن أو تنتج أي ردة فعل لدى المشاهد و السامع من الجيش العظيم !! . ثم أظهر موهبة اخرى و هي قدرته على مشاهدة قتل مايقرب من 120 آخرين من المصريين المعتصمين السلميين على يد بلطجية الداخلية من وراء المنصة دون أن يتدخل لحمايتهم أو حتى للفصل بينهم . وهذه الأحداث تشير لخلل رهيب في شخصية أفراد القوات المسلحة يتمثل في غياب ما يطلق عليه العرب النخوة لدى هؤلاء و هو نقص مخل في شخصية من توكل إليه مهمة الدفاع عن الأوطان .
كما أن الجانب الديني الذي يحرم قتل النفس بغير حق تحريما مغلظا يبدو غائبا تماما عند هؤلاء و هو ما يثير التساؤل في دولة دينها الرسمي الإسلام . كما أنه يشير إلى مدى التشويه الذي أصاب العقيدة القتالية للجيش المصري و خصوصا بعدما إخترقت طائرة إسرائيلية بدون طيار الحدود المصرية و قتلت خمسة مواطنين مصريين مع إنشغال الجيش المصري في حصار مداخل القاهرة لمنع الثوار ضد الإنقلاب من الوصول إليها و بحصار ميدان رابعة العدوية و ميدان النهضة فأصبحت مهمة الجيش المصري هي محاربة عدو أمريكا و قياداته الداخلي و هم الثوار الراغبين في إستقلال مصر و نهضتها و ديموقراطيتها و ليس عدو مصر الخارجي المتمثل في الكيان الصهيوني . و بدلا من الإنشغال برصد العدو الصهيوني أصبحت المخابرات الحربية منشغلة بالعمل على تثبيت الإنقلاب و نشر الشائعات و التنسيق مع نفس العدو لمحاربة ما يسمونه " الإرهاب " . لقد أثبتت الأحداث أن الجيش المصري عبارة عن قطيع من العبيد المغيبين الذين يتبعون سيدهم حتى لو كان خائنا لوطنه و عميلا للأعداء .
قد يرد أحد بأنهم معذورون لأنهم تعرضوا لعملية غسيل مخ عنيفة على يد عناصر الثورة المضادة بالتنسيق مع قادة الإنقلاب و بالإشتراك مع المخابرات الحربية عن طريق إدارة الشئون المعنوية التي لم يعد لها هم سوى تشويه صورة جماعة الإخوان المسلمين لدى الجنود و الضباط عن طريق تزييف الحقائق . و هذا أيضا له دلالات خطيرة و لا يمثل عذرا لأفراد الجيش فهو يعني أن هؤلاء لا يبصرون ما يحدث أمامهم في الشارع و وفي ما تنقله وسائل الإعلام و لا يستطيعون تمييز المعتدي من المعتدى عليه رغم وضوح الأمر . كما أنه يعني عدم مناعتهم ضد سلاح من أهم أسلحة الحرب الحديثة و هو سلاح الحرب النفسية الذي يستهدف نشر الإشاعات بين أفراد الشعب و الجيش العدو من أجل النفاذ إلى معنوياته و تحطيمها . فهل إذا تم إستخدام هذا السلاح ضدنا في أي حرب مستقبلية سيبتلع جيشنا شائعات العدو بسهولة كما يبتلع الحقائق المزيفة التي يصدرها الإنقلابيون له الآن ؟
قد كنت أعلم بحكم خدمتي العسكرية كم الفساد المالي و الإداري المنتشر داخل القوات المسلحة و أن مقولة" أكثر المؤسسات إنضباطا "ما هي إلا أسطورة أخرى و لكني كنت أعزو هذا الفساد إلى كونه وباءا عاما أصاب عهود الحكم العسكري بأكملها منذ رئاسة عبد الناصر و لا يمكن أن تفلت منه أي مؤسسة . و لكن الفساد الأخلاقي و السياسي و العقائدي الذي كشفه هذا الإنقلاب يعد أمرا خطيرا ينذر بضياع الأمن القومي المصري تماما إذا إستمر الحال هكذا . لقد شغل الدور السياسي قادة الجيش بحيث أصبح هم كل ضابط الآن كشف المعارضين للإنقلاب داخل وحدته العسكرية و التنكيل بهم و ليس إختبار كفاءة الصف و إستعداده الدائم . إنه جيش النكسة يصنع من جديد و إن لم نوقف هذا التفاعل المتسلسل فإننا سنصل إلى نفس النتيجة . إن الثورة الحالية المشتعلة في شوارع مصر قد تجاوزت إستعادة شرعية الدكتور مرسي و إستعادة الدستور المستفتى عليه إلى إستعادة الجيش المصري و أمننا القومي .