بالتأكيد سيحمل نهاية ما .. أما نهاية ماذا فيعتمد على ما سيحدث في ذلك اليوم .. الثلاثون من يونيو الذي يترقبه الجميع الآن في مصر و الذي سيكون فاصلا بالتأكيد في تاريخ مصر ما بعد ثورة الخامس و العشرين من يناير . و الحقيقة أنه لا يوجد من يستطيع أن يجزم ما الذي سيحدث في ذلك اليوم لسبب مهم و أساسي و هو أنه يعتمد على موقف جزء كبير من الكتلة غير المسيسة من الشعب المصري التي طالما فاجأتنا بردود فعل مختلفة كان لها دور أساسي في الصراع الحالي بين الأطراف السياسية .
فالكتلة التي رجحت كفة الإسلاميين في إنتخابات مجلس الشعب الماضي بنسبة تقارب الـ 75% – و يبدو أن ذلك كان على سبيل التجربة – عادت و رفعت أسهم شفيق إلى ما يقرب من نصف الأصوات في الإنتخابات الرئاسية فجاء نصر الإسلاميين فيها ضعيفا للغاية مقارنة بالوضع في مجلس الشعب . ثم رجحت كفة الدستور الذي دعمته القوى الإسلامية بنسبة كبيرة فكانت 64% مقابل 36% لرفضه الذي دعت إليه المعارضة رغم كل الحشد الإعلامي الذي قامت به القوى الرافضة .
يعلمنا هذا أن هذه القوة لا تتبنى موقفا موحدا من أي طرف سياسي و مازال مزاجها السياسي متغيرا . و مرة أخرى يصبح هذا المزاج عاملا محددا بالنسبة لمستقبل مصر . فلو تحركت هذه الكتلة بغضب و قوبل بغضب مماثل من مؤيدي الرئيس فسيعني هذا إندلاع عنف دموي يؤدي إما إلى حرب أهلية أو إلى إنقلاب عسكري وحشي و كلتا الحالتين تعني نهاية الديموقراطية في مصر لفترة غير محددة . أو لا تتحرك هذه الكتلة خوفا من العنف المحتمل فيعني هذا نهاية طموح القوى السياسية المعارضة إلى إجبار الرئيس على التنحي و القضاء سياسيا على الإسلاميين فحجمهم الطبيعي لا يمكنهم من تحقيق أي من هذا . و إما يكون التحرك سلميا منظما رافضا للعنف رفضا يؤدي إلى إجهاض أي بوادر له دون السعي إلى إسقاط النظام و الدولة فتكون نهاية للأداء السيء للرئاسة المصرية و دافعا لها لإعادة تقييم طريقتها في إدارة الدولة و التعامل مع الشعب المصري.
ويجب أن يكون معلوما أن السيناريو المرسوم في ذهن قادة المعارضة و الذي يهدف إلى تحقيق مصالحهم الشخصية و ليس المصلحة الوطنية بإجبار الدكتور مرسي على التنحي و إجراء إنتخابات رئاسية مبكرة غير مسموح به من قبل الإسلاميين و سيعني بالتأكيد بدء دوامة عنف تكون نهايتها فاشية ينشأها المنتصر . فالخيار غير معقول و لا يحمل أي مقوم من مقومات العدالة و المنطق فما الذي يمنع الطرف الآخر من تبني نفس الخيار مع أي رئيس قادم من المعارضين الحاليين .. دائرة مفرغة . و رغم أن الأمر بديهي إلا أن إصرار الطرف الآخر عليه يثير سؤال حول الهدف الحقيقي من الدعوة لهذا اليوم … هل هو تهيئة الظروف لمواجهة دموية يتدخل في الجيش المصري ضد الإسلاميين ؟
لقد كان للرئاسة دور كبير في وصول حالة الغضب الشعبي إلى هذه الدرجة , صحيح أن الأمر لم يصل في تقديري إلى حالة الثورة و لكن لا يوجد مراقب منصف يغفل الإحباط الذي أصاب قطاعا كبيرا من الشعب المصري نتيجة أداء الرئاسة المتخبط في كثير من الأحيان. و بالتالي فلدى هذه المؤسسة جزء كبير من الحل . و في إطار نافذة الوقت الضيقة يوجد إجراء واحد فقط كفيل – في رأيي – بإزالة جزء كبير جدا من الإحتقان و جعل يوم الثلاثين من يونيو بلازخم كبير.. و هو المصارحة .
خطاب للشعب المصري يحوي إعتذارا للشعب المصري عن ما مضى من أخطاء و تفصيل للصعوبات التي واجهت الرئيس في تعامله مع ما ورثه من مؤسسات من النظام السابق مع تفاصيل كل المؤامرات التي تحدث عنها سابقا . لقد كان غياب الشفافية لدى مؤسسة الرئاسة عاملا أساسيا في بناء الغضب الشعبي الحالي فالشعب دائما يحتاج إلى إجابات و إذا لم يتلقى الصحيحة من مؤسسة الرئاسة فسينصت إلى المشوهة لدى الإعلام المعادي للرئيس . لقد أخطأ الدكتور مرسي عندما حاول إبرام تسويات مع الفاسدين و خصوصا في المؤسسات الأمنية دون أن يستعين بالإرادة الشعبية ضد أدواتهم . إنه من المؤكد أن الكتلة الغاضبة من الشعب المصري غير المسيسة ستتفهم الوضع إذا حصلت على إجابات شافية و ستدعم الرئاسة في مواجهتها القادمة مع عناصر الثورة المضادة فهل يسرع الرئيس بمثل هذا الخطاب و يجنبنا الإنفجار ؟