أورد معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى تحليلا للكاتبين "ديفيد شينكر" – مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن- و"إيريك تراجر" – زميل الجيل الثاني بالمعهد- تناول التحليل جدول الأعمال المتوقع لوزير الدفاع الأمريكي "تشاك هيجل" خلال زيارته المرتقبة لمصر نهاية الأسبوع الجاري, وقد ذكرا في التحليل أن لقاء هيجيل بنظيره المصري الفريق عبد الفتاح السيسي سيكون له نتائج مؤثرة, فبالإضافة إلى نقل هيجيل للقلق الأمريكي حول حالة عدم الاستقرار في سيناء – تلك المشكلة التي تفاقمت عقب الهجوم الصاروخي على مدينة إيلات الأسبوع الماضي- فلابد لهيجل أن يستغل لقائه بالفريق السيسي للتأكيد على مجموعة موسعة من وسائل الدفاع الثنائية.
ومما لا شك فيه أنه في الوقت الذي سيعبر فيه هيجل عن قلق أمريكا من مسار مصر السياسي خلال لقائه بالرئيس مرسي, فإن التركيز الأساسي لرحلته لابد أن يكون حول القائمة الطويلة للشؤون المتعلقة بالدفاع والتي لازال الجيش يسيطر عليها حصريا. ومع وضع هذا السياق في الاعتبار, فإن جدول الأعمال الذي يتضمنه لقاء وزيري الدفاع المصري والأمريكي يجب أن يتضمن الأتي:
التأكيد على أمن سيناء: فبينما لم يسفر الهجوم الأخير على إيلات الذي قامت به جماعة مجلس شورى المجاهدين في سيناء, عن أي إصابات في جانب إسرائيل, إلا أنه منذ يناير 2011 قد حاولت الجماعات المسلحة بشكل متكرر استهداف اسرائيل من سيناء في محاولة للإطاحة باتفاقية كامب ديفيد. وبالرغم من أن المسؤولين في إسرائيل يقولون بأن التنسيق مع الجيش المصري لازال قويا – فإن البعض, كالجنرال عاموس جلعاد بوزارة الدفاع الإسرائيلية, يقولون أنه أفضل من قبل- فإن الجيش المصري لم يبد رغبة في استقرار شبه الجزيرة. وعلى الوزير هيجل أن ينقل لنظيره المصري الحاجة الطارئة لاستقرار الأمن في سيناء والأهمية التي توليها واشنطن لتحمس الجيش لهذه العملية.
وكذلك يجب البدء في حوار حول إعادة هيكلة التمويل الخارجي للجيش: فالهيكل الحالي للمساعدات العسكرية الأمريكية – والتي من خلالها يتم منح 1,3 مليار دولار سنويا لشراء طائرات إف 16, والدبابات وبعض القطع الحربية لإحلال القديمة – ليست كافية لمساعدة القاهرة في مواجهة العمليات المسلحة المتزايدة والتهديدات الناجمة عن التهريب من داخل أراضيها. وفي حين أن إعادة هيكلة المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر هي ثالث مسار للعلاقات الثنائية, فإن الوزير هيجل عليه أن يبدأ بمناقشة كيف يمكن تخصيص المساعدات الأمريكية بشكل أفضل – إما من حيث ما يتعلق بشراء المعدات أو تدريب الجنود المصريين على مكافحة الإرهاب ومكافحة التهريب من خلال البرنامج الدولي للتدريب والتعليم العسكري (IMET) – لتنفيذ هذه المهمة. وبلاشك فإن هذا الحوار سيكون صعبا ولكن هذا النوع من التعامل الصريح قد يكون ممكنا بعد أكثر من 35 عاما من التعاون الأمني.
كما يجب الإصرار على التعامل بشكل أكثر صراحة بين الأصدقاء: فبينما يعزو الكثيرون في واشنطن رفض الجيش المصري إطلاق الرصاص على المتظاهرين خلال ثورة يناير 2011 إلى علاقته الاستراتيجية الطويلة بواشنطن, فإنها تعكس نوعا من تهنئة الذات أكثر من تقييم قائم على الدليل. في الحقيقة, لم يكن لدى واشنطن رؤية واضحة حول كيفية رد الجيش المصري تحت الضغط الناجم عن تلك الظروف, فبالرغم من إمداد مصر بمساعدات عسكرية تفوق 70 مليار دولار منذ عام 1979, فإن الولايات المتحدة لا تعرف الكثير عن وجهات نظر الضباط المصريين في القيادة الوسطى. إن هذا ما يجعل الجيش المصري مختلفا تماما عن أي جيش آخر يحصل على مساعدات أمريكية هائلة مثل الأردن والكيان الصهيوني, الذين يتعامل ضباط القيادة الوسطى لديهما مع نظرائهم الأمريكيين من حين لآخر.
ومع احتمال أن تستمر حالة عدم الاستقرار خلال السنوات القادمة, فسيكون من الأهمية بمكان لواشنطن أن يكون لديها وسائل أفضل للوصول ولفهم أعمق لضباط الجيش المصري, وخاصة في ضوء تزايد المطالبات الشعبية بانقلاب عسكري ضد حكومة مرسي والتي يدعمها حاليا حوالي 82% من المصريين وفقا لاستفتاء تم إجراؤه مؤخرا. لابد للوزير هيجل أن يطالب الوزير السيسي بتبادل عسكري أكثر عمقا بين البلدين من أجل فهم أفضل للنظرة السياسية للجيش المصري وعملية اتخاذ القرار خلال الأزمات.
كذلك يجب على هيجل أن يعبر عن قلق أمريكا من دخول الإخوان الأكاديميات العسكرية. إن واشنطن لا تفتقد فقط للرؤية حول الأهداف السياسية قصيرة المدى للجيش المصري, كما أنها غير متأكدة من الشكل الذي ستتطور به المؤسسة بمرور الزمن. وفي هذا السياق, فإن الإعلان الذي صدر الشهر الماضي برفع الجيش الحظر المفروض على دخول أعضاء الإخوان المسلمين للأكاديميات العسكرية يجب أن يُقلق واشنطن. كما أن الإخوان المسلمين لا يشاركون الجيش المصري في التزامه بشراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة والسلام مع إسرائيل: إنهم يكنون عداءا شديدا للغرب, وهدفهم بإقامة "خلافة إسلامية عالمية" كما جاء في كلام نائب المرشد خيرت الشاطر, لا يتوافق مع التزامات مصر الدولية.
إن زيارة هيجل هي فرصة للتحول من علاقة الصفقات إلى شراكة حقيقية قائمة على التعامل مع المصالح الاستراتيجية المشتركة للبلدين. ولا يشمل هذا فقط حماية مصر من التهديدات الإقليمية , ولكن أيضا عزل الجيش داخليا كمؤسسة مستقلة.