أرست محكمة النقض، مبدأ قضائيًا جديدًا، انتهت فيه إلى أن صدور قرار من رئيس الجمهورية بالعفو عن العقوبة بالنسبة لمتهم ما، لا يحول دون مُضيها في نظر الطعن المقام على الحكم بالعقوبة الصادر ضده، والفصل في مدى صحته، واتفاقه مع أحكام القانون.
ويشير الحكم إلى قرار عبد الفتاح السيسي بالعفو عن متهم بضرب شخص آخر بسلاح أبيض “cutter”، وإصابته بعاهة مستديمة يستحيل زوالها، تقدر نسبتها بـ20%. كما اتهمته النيابة العامة بإحراز سلاح أبيض مما يستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ من الضرورة المهنية أو الشخصية، وإزاء ذلك قضت المحكمة بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة، وتبين أنه استبق قرار العفو بإقامة طعن على الحكم أمام محكمة النقض.
وعدَلت محكمة النقض، بموجب حكمها الجديد، عن مبدأ قضائي كانت سارت عليه بعض دوائرها،حين قررت أن حصول متهم على قرار بالعفو عن العقوبة قبل الفصل في الطعن بالنقض المقام منه، يُخرج الأمر من يد القضاء، مما تكون معه محكمة النقض غير مستطيعة المضي في نظر الطعن، ويتعين عليها الحكم بعدم جواز الطعن.
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها الصادر في 23 مايو الماضي، والذي أعلنته عبر موقعها الرسمي الخميس الماضي، إن اللجوء إلى رئيس الدولة للعفو عن العقوبة المحكوم بها هو الوسيلة الأخيرة للمحكوم عليه للتظلم من العقوبة الصادرة عليه والتماس إعفائه منها كلها أو بعضها أو إبدالها بعقوبة أخف، إلا أن ذلك يتم عندما يكون الحكم القاضي بالعقوبة غير قابل للطعن سواء بالطرق العادية أو غير العادية.
وأضافت المحكمة أنه “إذا استقرت العقوبة نهائيًا وباتت غير قابلة للطعن بصدور حكم من النقض بتأييده، تصير كلمة رئيس الدولة هي القول الفصل الذي لا معقب له في ما سبق العفو عنه. أما إذا صدر العفو قبل أن يُفصل في الطعن بالنقض في الحكم الصادر بالعقوبة، فإن ذلك لا يحول بين محكمة النقض وبين المضي في نظر الطعن والفصل فيه”.
وتابعت “والقول بغير ذلك من شأنه أن يعطّل محكمة النقض عن أداء مهمتها، ويفوِّت على المحكوم عليه طريقاً من طرق الطعن، ويحرمه من حقه في الدفاع عن نفسه بكل وسيلة قررها القانون، ويحول بينه وبين ما كان يأمله حين سلك طريق الطعن بالنقض سعيًا من جانبه للحصول على البراءة الكاملة”.
ونوهت المحكمة إلى أن العفو عن العقوبة، بخلاف العفو الشامل، لا يمحي ارتكاب المتهم للجريمة، ولا يزيل الصفة الجنائية التي تظل عالقة به، ولا ينفي نسبتها إلى من عُفي عنه، ولا يرفع الحكم، ولا يؤثر فيما نفذ من عقوبة، بل يقف دون ذلك جميعًا.
كما أنه لا يسقط العقوبات التبعية، ولا الآثار الجانبية المترتبة على الحكم بالإدانة، ما لم ينص في أمر العفو على خلاف ذلك، كما لا يؤثر على حق المضرور في التعويض عن الضرر الذي أصابه بسبب الجريمة.