أدلى رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، السبت، بتصريحات صحفية، على هامش جولته بمنطقة المقابر بصلاح سالم، لشرح مخطط تطوير المنطقة، وعرض خطوات بدء تنفيذ «مقبرة الخالدين».
وقال مدبولي خالال تصريحاتته: «بدأنا جولتنا اليوم من منطقة المقابر، لمناقشة القضية التي أثير حولها الكثير من الجدل بشأن نقل المقابر وبعض المناطق في المقابر، وكيفية وضع تصور في إطار التنمية الحضرية التي نقوم بتنفيذها لمدينة القاهرة».
وفي هذا الإطار، أشار رئيس الوزراء إلى حرصه على اصطحاب الإعلاميين والصحفيين في هذه الجولة التي تشمل عددا من المناطق التاريخية التي أكد أنه يعرفها جيدا قبل توليه المسئولية بحكم الخبرة الفنية.
وأضاف مدبولي: «الكل يعلم أن هذه المنطقة منطقة صعبة للغاية، وهناك مشكلة المياه الجوفية، على الشعب المصري أجمع أن يتخيل أن موتانا ورفاتهم، والذين لهم كل التبجيل والاحترام، في منطقة وضعها هكذا، فهذه النقطة لها قدسية شديدة لدى نفوسنا جميعا».
وتابع: «بعض الأشخاص بدأوا يتعاملون مع هذه المشكلة عند القيام بدفن موتاهم من خلال التحايل على هذه المشكلة عن طريق الصعود بسلالم خشبية للدفن فوق مستوى سطح الأرض، تفاديا للمياه الجوفية، إلا أن المشكلة بدأت تتفاقم للغاية بشكل غير مقبول لا من الناحية الدينية ولا من الناحية الأخلاقية أو الإنسانية، أن نترك المكان بهذه الصورة».
وفي السياق ذاته، قال مدبولي: «بدأنا نتحرك في رؤية محددة انطلاقا من مشروع تطوير القاهرة التاريخية، وهذا الموقع على بعد أمتار قليلة من متحف الحضارة والمنطقة الكبيرة التي تم تنفيذها حول بحيرة عين الصيرة والمتنزه الحضاري الكبير، بجانب المشروع الجاري تنفيذه المتمثل في حدائق تلال الفسطاط».
وأورد: «لم يكن من المتصور أن نترك هذه المنطقة بهذه الصورة، ناهيك عن الجوانب الأمنية والممارسات غير المقبولة التي قد تتم في هذه المنطقة، ولذا كان هناك توافق كبير على ضرورة وضع تصور شامل لهذه المنطقة، وحل مشكلة المياه الجوفية، التي اضطرت العديد من الأسر لنقل رفات موتاها إلى أماكن بديلة».
وأكد رئيس الوزراء أن هذه الحلول ليست هي الحلول المُثلى، مذكرا بتعامل الدولة مع المناطق غير الآمنة وما تم فيها، وما أثير حولها من جدل ونقاش أيضا في ذلك الوقت.
وقال مدبولي: «نحن نقوم هنا على نفس الغرار بتوفير بدائل إنسانية ودينية، بحيث تراعي حرمة موتانا، وهو ما تقوم الدولة بتوفيره حاليا على الطرق السريعة، حيث بدأت بالفعل في إعداد حصر بالأراضي، وهناك أكثر من 20 ألف مقبرة تم إنشاؤها وجار استكمالها خلال الأشهر القليلة المقبلة؛ لكي تكون بديلا لنقل الأماكن التي تيقنا أنها لا تصلح للدفن بها، وهي نقطة مهمة يجب التأكيد عليها».
وأضاف: «فيما يخص الأماكن التي لا تصلح للدفن، فهناك تصور بإقامة حدائق ومتنزهات حضارية عليها، أو مجموعة من الطرق والخدمات لا تشمل إقامة أي مبان، بحيث تعمل شبكة الطرق التي ننفذها على حل مشكلة الاختناقات المرورية داخل العاصمة».
وتابع: «ليس بوسعنا أن نقوم من الناحية الدينية بتنفيذ أي حلول أخرى، مجددا التأكيد أيضا أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نترك مثل هذه الأماكن التي تقع في قلب القاهرة بمشكلاتها كما هي دون تطوير وإيجاد حلول لها، والتغلب على مشكلة المياه الجوفية التي نتجت عن طبيعة المنطقة بسبب وجود بحيرات وانخفاض المنطقة نفسها مما يعمل على تجميع المياه بها، الأمر الذي يصعب معه التعامل مع هذه القضية، ويجب أن يعي الجميع حجم هذه الأزمة».
وقال رئيس الوزراء : «يتمثل التصور الحالي في نقل المقابر التي أصبحت غير صالحة للأنشطة الأصلية التي أنشئت من أجلها، إلى مناطق أخرى إنسانية، لنعيد تشكيل هذه المنطقة بما يخدم هدف إضافة مناطق خضراء للقاهرة».
وتساءل مدبولي باستنكار: «هل رأينا مقبرة الزعيم الخالد أحمد عرابي الذي درسنا إنجازاته في كتب التاريخ؟، وهل يُعقل أن أحد أهم زعماء مصر تكون مقبرته بهذا الشكل؟»
وأورد: «لذلك كان هناك ضرورة لإقامة منطقة كبيرة تُسمى مقبرة الخالدين؛ لنُعلي من شأن زعمائنا الذين ضحوا من أجل الدولة المصرية على مدار العصور المتعاقبة، بحيث تكون تلك المنطقة بمثابة مُجمع يذهب إليه المواطنون للاطلاع على تاريخ هؤلاء الزعماء ومعرفة حجم ما قدموه للدولة».
وأكد رئيس الوزراء أن «توجيه السيسي بإنشاء مقبرة الخالدين تضمن أن يكون ذلك المكان مُصمما على أعلى مستوى وبشكل حضاري ليجمع كل الخالدين وزعماء الوطن، ويكون مزارا لنا جميعًا نفخر به ونرسخ من خلاله تاريخنا، ويمثل أيضًا جزءًا من رفع كفاءة القاهرة القديمة».
وفي إطار حديثه عن أن هناك بعض المقابر القديمة ذات الشكل التراثي والحضاري، لفت مدبولي إلى أن بعض تلك المناطق لم يدخل في نطاق التطوير لكنها من المتوقع أن تنهار في غضون شهور قليلة، مستعرضا مثالا لإحدى المقابر التي نشب بها حريق أسفر عن التأثير على واجهتها.
وأوضح رئيس الوزراء أنه توجد بدائل مطروحة بالنسبة للمقابر التي لن يتم نقلها أو إجراء أي نوع من التطوير بها، ومن بين تلك البدائل عمل تطوير للمقبرة نفسها كواجهة، وسيكون ذلك التطوير من قِبل الدولة التي ستنفق عليه بدلا من صاحب المقبرة أو الأسرة، حيث إنه من الواضح أن هذه المقابر تم هجرها أو من الممكن أن يكون الأحفاد نقلوا مقابرهم إلى مناطق أخرى وأصبح المكان متروكا بهذا الشكل.
وأشار إلى أنه يمكن نقل مفردات حوائط المقبرة وواجهتها مع المنطقة المجمعة التي تشمل سواء مقبرة الخالدين أو حتى المقابر ذات القيمة.
وقال مدبولي: «نقوم بتجميع رفات الزعماء الذين كان بعضهم يتولى المسئولية ضمن قيادات الجيش المصري في وقت من الأوقات خلال القرن التاسع عشر».
وتابع رئيس الوزراء : «توجد حلول وبدائل كثيرة، إما تطوير ذات المكان طالما أنه بعيد عن خطة التطوير، أو نقل أهم المفردات المعمارية والتراثية والزخرفية الموجودة ليتم وضعها في مكان آخر للعرض المتحفي».
وخلال تصريحاته أيضا، واصل مدبولي التأكيد على أن الحكومة تطلع على كل آراء الخبراء ومقترحاتهم وطلباتهم في هذا الملف، ولابد أن يكون هناك بعض التصورات إزاءها وطرح بعض الحلول البديلة، مضيفا: «من خلال الاجتماع بالمسئولين والخبراء سندرس كل البدائل حتى نصل إلى تصور يحقق الهدف من عملية التطوير بقدر الإمكان».
ولخص رئيس مجلس الوزراء ما أكده من حيث إن هذا المشروع الكبير، الذي يتم تنفيذه حاليا، يأتي على غرار ما تم تنفيذه في المناطق العشوائية، من منطلق أن مثل هذه المناطق بهذه الصورة غير اللائقة وغير الإنسانية لابد من تطويرها ضمن عملية تطوير القاهرة القديمة.
واختتم مدبولي حديثه: «مثلما أنشأنا العاصمة الإدارية الجديدة نطور القاهرة القديمة لتكون على أعلى مستوى، ولابد من أن نرفع كفاءة هذه المناطق ويعاد لها الوجه الحضاري المعهود لها».