قالت وكالة “بلومبرج” الأمريكية، إن الجنيه المصري يتجه إلى تكبد مزيد من الانخفاضات في القيمة مقابل الدولار خلال شهر ديسمبر المقبل.
وذكرت أن الانخفاضات المذكورة ستأتي قبل حصول مصر على قرض صندوق النقد الدولي المقرر في الشهر المقبل، الذي تبلغ قيمته 3 مليارات دولار، إذ يفضل البنك سعر صرف أكثر مرونة كشرط للدعم المالي.
لكن الوكالة أوضحت أن انخفاضات الجنيه في ديسمبر لن تكون الأخيرة، إذ سيتبعها انخفاضات متكررة للعملة المصرية المتدهورة خلال الـ12 شهرا المقبلة.
وأشارت الوكالة إلى ضعف مرونة سعر الصرف في مصر مقارنة بأوضاع السوق الذي من المتوقع أن يشهد مزيدا من الاضطراب خلال الأشهر المقبلة.
وأضافت أنه على الرغم من أن مصر خلال الربع الحالي من العام سمحت للجنيه بالهبوط بمعدل أكبر من كل العملات الأخرى تقريبًا في العالم، إلا أن المستثمرين يتساءلون عما إذا كانت السلطات ستخفف قبضتها تمامًا عن العملة إذا تعرضت لمزيد من الضغط، وأضافت الوكالة أن الإجابة على تساؤلات المستثمرين لن تتأخر طويلا.
وذكرت أنه وفقا لمقياس بنك “نومورا هولدينج إنك” -مقره طوكيو- فإن مصر تعد الاقتصاد الناشئ الأكثر عرضة لأزمة العملة على مدار الـ12 شهرًا القادمة.
وفي السياق ذاته، رفع بنك “إتش إس بي سي” توقعاته حاليا إلى تحرك سعر الصرف نحو 26 جنيها للدولار، ما يعني انخفاضًا بنسبة 5.5% تقريبًا عن المستويات الحالية، ويبلغ سعر الدولار رسميا حاليا بين 24.5 و24.6 جنيها.
وكان البنك توقع في وقت سابق أن يستقر الجنيه عند حوالي 24 لكل دولار.
وأدى إحجام المستثمرين الأجانب إلى حد كبير عن الاستثمار في أذون الخزانة المصرية (الأموال الساخنة)، إلى ارتفاع حاد في عوائدها، بحيث وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ أوائل عام 2019 في المزادات الأخيرة.
وخفضت مصر قيمة الجنيه بنسبة 18% في أواخر أكتوبر الماضي، وأشارت إلى أنها تتحول إلى نظام صرف أجنبي أكثر مرونة في الوقت الذي يصارع فيه الاقتصاد تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال “سايمون ويليامز”، كبير الاقتصاديين في “إتش إس بي سي”، في تقرير، إن “الجنيه المصري لم يتغير كثيرًا مقابل الدولار، بعد التحرك الأولي الحاد وقت إبرام صفقة صندوق النقد الدولي، في الوقت الذي كانت فيه عملات الأسواق الناشئة الأخرى أكثر تقلباً”.
وأضاف “ويليامز” أنه “إذا استمر الوضع الراهن، فإن الاحتمالات سترتفع بحدوث تحول هبوطي أعمق في قيمة الجنيه”.
يتوقع المحلل في “كولومبيا ثريدنيدل” للاستثمارات “جوردون باورز”، أن “تسمح مصر ببعض الانخفاض السريع في قيمة العملة”، وذلك قبل الموافقة المتوقعة، الشهر المقبل، على قرض صندوق النقد.
وأضاف “باورز” أنه “بالنظر إلى المستقبل، فإن مصر تواجه عدة نقاط ضغط، من بينها سماح البنك المركزي في نهاية ديسمبر بإلغاء شرط حصول المستوردين على خطابات اعتماد لشراء بعض السلع في الخارج”.
وتابع: “كما تحتاج البلاد أيضًا إلى تصفية الطلبات المتراكمة من المستوردين والشركات للوصول إلى العملة الصعبة التي تقدر بأكثر من 5 مليارات دولار، وهي خطوة أخرى يمكن أن تزيد الضغط على الجنيه”.
وما يزال التداول في سوق السندات المحلية ضعيفًا، بينما في السوق الخارجية صعد المستثمرون رهاناتهم على أن الجنيه سوف ينخفض أكثر من 13% في الأشهر الـ12 المقبلة.
تتوقع الخبيرة الاقتصادية في “ستاندرد تشارترد بي إل سي”، “كارلا سليم”، أن “الجنيه المصري سيظل تحت الضغط حتى تكون هناك المزيد من التدفقات الدولارية من الحلفاء الخليجيين الذين سارعوا إلى مساعدة مصر بتعهدات الودائع والاستثمارات”.
ومنذ مارس الماضي، صعد الدولار الأمريكي بنسبة 56.5% أمام العملة المصرية صعودا من 15.7 جنيها، بالتزامن مع ضغوطات في وفرة النقد الأجنبي داخل الأسواق المحلية عقب الحرب الروسية الأوكرانية.
وتعيش مصر اليوم، مرحلة تعويم (تحرير) جديدة لعملتها المحلية “الجنيه”، وسط ضبابية حول موعد استقرار أسعار الصرف.
والشهر الماضي، أكد صندوق النقد الدولي أنه توصل إلى اتفاق مع مصر بشأن “تسهيل تمويل ممتد” لمدة 46 شهرا بقيمة 3 مليارات دولار.
المصدر: الخليج الجديد