قال وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة، ناجي سرحان، إن عملية إعادة إعمار القطاع، بعد مرور عام على العدوان الأخير الذي شنّته الاحتلال الإسرائيلي في مايو 2021، تسير ببطء شديد.
وأضاف سرحان،: «بعد مرور عام على العدوان، ما بدأنا بإعماره يصل إلى 200 وحدة سكنية، بتمويل من اللجنة القطرية، من أصل ألف و700 وحدة تم تدميرها بشكل كامل».
ووصف عدد الوحدات التي تم إعمارها مقارنة مع ما دُمر بأنه «بسيط جدا؛ رغم وجود التزامات من قطر بمبلغ تصل قيمته إلى 500 مليون دولار، ومصر بمبلغ 500 مليون دولار».
ولم تستهدف عملية الإعمار بعد البنى التحتية والمزارع والمصانع المتضررة والمنازل المدمّرة بشكل كامل، وسط غياب إعمار حقيقي للقطاع، بعد مرور نحو عام على الحرب الأخيرة.
وفيما يتعلق بملف الهدم الجزئي، قال سرحان في حوار مع الأناضول، إن هذا الملف تم إنجاز 70% منه.
وفي 10 مايو 2021، شنّ الاحتلال الإسرائيلي عدوانا على قطاع غزة استمر لمدة 11 يوما، وأسفر عن استشهاد وإصابة مئات من الفلسطينيين.
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فإن الاحتلال دمّرت خلال الحرب الأخيرة 2075 وحدة سكنية بشكل كلي، ونحو 15 ألف وحدة سكنية بشكل جزئي.
** مصر وقطر
وقال سرحان إن حكومته على تواصل مباشر مع كل من قطر ومصر، فيما يتعلق بتعهداتهم المالية في ملف الإعمار.
وفي مايو 2021، تعهّدت كل من مصر وقطر، بتخصيص كل منهما نحو نصف مليار دولار أميركي لإعادة إعمار غزة، بحيث يصل إجمالي المبلغ المقدّم منهما مليار دولار.
وأضاف أن مصر تعمل فعليا في الميدان، من خلال «المرحلة الأولى من المشاريع «الإنشائية» تنفذّها في قطاع غزة والتي تسير بشكل جيد».
وتابع: «المشاريع المصرية من إصلاح شارع البحر وإنشاء الجسور أمر جيّد، لكن يجب الاهتمام والتركيز على إعمار المنازل المدمّرة والبنى التحتية».
وفي السياق، دعا سرحان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى تخصيص مبلغ شهري، منفصل عن المنحة المالية الشهرية المقدمّة لفقراء غزة، للبدء الحقيقي بعملية الإعمار.
وأردف المسؤول الفلسطيني: «نأمل أن يكون هناك إسراع في المنحة القطرية لإعادة الإعمار، وأن يكون هناك إسهام شهري، كالإسهامات المالية الشهرية كمنحة الأسر الفقيرة، والكهرباء».
كذلك، ينتظر قطاع غزة منذ أعوام، إنجاز ملف الهدم من الحروب السابقة، والذي ما زال قائما بواقع ألف و300 وحدة سكنية مدمرة كليا لم يتم إعمارها بعد، ونحو 70 ألف وحدة دُمّرت جزئيا لم يتم تعويضها.
وتبلغ تكلفة إعادة إعمار ما دمّره عدوان مايو الأخير نحو 400 مليون دولار، بينما تصل تكلفة ما تم تدميره من الحروب السابقة ولم يتم إعادة إعماره بعد، حوالي 600 مليون دولار، وفق سرحان.
وأضاف: «إجمالي ما يحتاجه القطاع لإعادة الإعمار نحو مليار دولار».
** تراجع الإسهامات
وقال سرحان إن بعض الدول المانحة التي كان لها دور أساسي في عملية الإعمار خلال الأعوام السابقة، لم تقدّم هذه المرّة أية إسهامات، مثل «السعودية والكويت».
واستكمل قائلا: «كان لهاتين الدولتين إسهامات حقيقية كبيرة في عملية الإعمار، لكن حتى اليوم لا يوجد لهما أي التزام».
وأرجع عدم تدخل السعودية والكويت في عملية الإعمار لعدة أسباب، أبرزها تداعيات الانقسام الفلسطيني الداخلي، والظروف الإقليمية المُحيطة.
وأضاف: «كما ترجع بعض الأسباب إلى تخلّي السلطة الفلسطينية عن واجبها نحو غزة، وعدم التواصل مع الدول بشكل جدي لمطالبتها بالمساهمة بعملية الإعمار».
وطالب سرحان السلطة الفلسطينية بـ«جعل هذا الملف على أجندة أعمالها، والتواصل مع كافة الأطراف ودعوتهم لتوفير الأموال اللازمة «..» هذا الأمر يحتاج إلى جهد حكومي كبير».
** دور «أونروا»
وعن تحركات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، في ملف إعادة الإعمار، قال سرحان إن حجم إنجاز الوكالة في هذا الملف «ضعيف جدا».
وأوضح أن وزارته تتواصل بشكل مباشر مع إدارة «أونروا»، وتحثّها دائما على «البدء والإنجاز في عملية الإعمار».
وأضاف: «يوجد لدى أونروا تمويل لإعادة إعمار منازل اللاجئين المدمّرة، لكن لم يتم البدء الحقيقي في بناء هذه الوحدات».
وأشار إلى أن «أونروا» تُبرر هذا التأخر بوجود «تعطّل في الإجراءات التي يجب اتباعها»، لكنه قال إن هذا «التعطيل مبالغ فيه والأصل أن تكون الوكالة أنهت عملية الإعمار».
وتابع: «لا يعقل بعد مرور عام على العدوان، ما زال اللاجئون مشردون، ويوجد فعليا أموال لإعادة إعمار منازلهم».
وتتهم الفصائل الفلسطينية واللاجئون «أونروا» بالمماطلة في إعادة إعمار منازلهم المدمّرة.
وكان توماس وايت، مدير شؤون أونروا بغزة، قد قال في حوار سابق مع الأناضول، في فبراير الماضي، إن وكالته حصلت على «الأموال اللازمة لإعمار منازل اللاجئين وعددها 1300 منزل».
وقالت «أونروا» في بيان في 10 مايو الجاري، إنها «حوّلت دفعات مالية بقيمة 2.64 مليون دولار أميركي، لنحو 154 عائلة من العائلات التي تضررت منازلها كليا خلال الصراع الأخير، للبدء بإعادة إعمار منازلها».
وأُسست «أونروا» بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، لمساعدة وحماية للاجئين في مناطق عملياتها الخمس الأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة، لحين التوصل إلى حل عادل لقضيتهم.