شهدت الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور العديد من المحطات، جدلا واسعا حول ما أثير عن سيطرة الإسلاميين على تشكيلها، ليتم تشكيل جمعيتين لم يلاقوا التوافق عليهم من جانب القوى المدنية ، لينتهي الجدل ويصدر الدستور، ويقرر الرئيس محمد مرسي الاستفتاء الشعبي عليه 15 ديسمبر الجاري.
تشكلت الجمعية التأسيسية للدستور في مصر بموجب الإعلان الدستوري، الذي صدر بعد استفتاء شعبي في مارس 2011 تعطيل على أساسه العمل بدستور 1971 بسقوط نظام مبارك.
ونص الإعلان الدستوري علي أن يقوم أعضاء مجلسي الشعب والشورى المنتخبين بانتخاب أعضاء جمعية تأسيسية من 100 عضو لكتابة دستور جديد في غضون ستة أشهر من تاريخ تشكيلها ، ويعرض مشروع الدستور خلال 15 يوما من إعداده على الشعب للاستفتاء ويعمل به من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه.
التأسيسية الأولى ومناصفة البرلمان
بدأت أولى جلسات الجمعية التأسيسية للدستور في 3 مارس 2012 ، وتم فيها الاتفاق على تشكيل لجان فنية لتلقي الاقتراحات من النواب وأفراد الشعب حول آلية اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية ، وطريقة ونسب تشكيلها من أطياف الشعب المصري كله.
أما الاجتماع الثاني فكان في 17 مارس 2012 ، وتم فيه التصويت على مقترحات نسب تشكيل الجمعية التأسيسية من داخل وخارج البرلمان، وتراوحت الاقتراحات بين أن تكون الجمعية التأسيسية بالكامل من داخل البرلمان ، أو أن تكون بالكامل من خارجة.
وجاءت نتيجة التصويت لتصبح نسبة نواب البرلمان 50% من أعضاء الجمعية التأسيسية ، و50% من خارجها، وعقد الاجتماع الثالث 24 مارس 2012 ، وأقرت الأغلبية في مجلسي الشعب والشورى أسماء الـ100 عضو في الجمعية التأسيسية ، وانقسمت نسبة 50% من داخل بنواب البرلمان إلى 36 مقعد لحزبا الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، والنور السلفي، و14 مقعد للأحزاب آخري والمستقلين، كالوفد، والمصري الديمقراطي، والإصلاح والتنمية، المصريين الأحرار والوسط والكرامة والإصلاح والتنمية والبناء والتنمية.
وانقسمت نسبة 50% من خارج البرلمان إلى 12 مقعد للإسلاميين، و38 مقعد لغير الإسلاميين.
وانسحب 35 عضو من الجمعية من بينهم ممثلو الأزهر والكنائس المصرية ، والمحكمة الدستورية العليا وأحزاب مدنية اعتراضا على تشكيلها الذي قال معترضون أنه لم يشمل عددا ملائما من الشباب ، والمسيحيين والنساء ، وأبناء الأقليات الأخرى الصغيرة والمناطق النائية. وتم فيه التصويت على اختيارات أعضاء الجمعية التأسيسية.
وتوالت الدعاوى أمام المحكمة الإدارية مطالبة ببطلان قرار تشكيل الجمعية، المكونة من 100 عضو، نصفهم من مجلس الشعب، لينتهي الأمر بإصدار المحكمة الإدارية العليا، في 10 أبريل 2012، حكما ببطلان تشكيل الجمعية برمتها.
التأسيسية الثانية وحل البرلمان
وكان حكم محكمة القضاء الإداري ببطلان تشكيل الجمعية برمتها بداية المرحلة الثانية في جهود حل أزمة هذه الجمعية، حيث كلف محمد سعد الكتاتني – رئيس مجلس الشعب السابق – في 18 إبريل لجنة الشئون الدستورية بالمجلس بإعداد مشروع لمعايير انتخاب جمعية جديدة لكتابة الدستور ''يكون ممثلا لكل فئات الشعب ولا يفرق بين أحد .
وفى7 يونيو 2012 وافقت الأحزاب على التشكيل الجديد للجمعية التأسيسية، والذي تحصل بموجبه الأحزاب الممثلة في البرلمان على 39% فقط.نريد نسب التى تم الاتفاق عليها، ونسبة الإسلاميين، والغير إسلاميين
وأقرا مجلسا الشعب والشورى 13 يونيو 2012التشكيل الثاني للجمعية التأسيسية، وانسحب ممثلو أحزاب مدنية بسبب هيمنة المنتمين للتيار الإسلامي عليها.
وبعد ذلك أقرت المحكمة الدستورية العليا في 14 يونيو 2012حل مجلس الشعب لعدم دستورية بعض مواد قانون الانتخابات الخاص به .
من جانبه أصدر المجلس العسكري الحاكم للبلاد 17 يونيو 2012إعلانا دستوريا جاء فيه ''إذا قام مانع يحول دون استكمال الجمعية التأسيسية لعملها يشكل المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال أسبوع جمعية تأسيسية جديدة تمثل أطياف المجتمع لإعداد مشروع الدستور الجديد خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تشكيلها , ويعرض مشروع الدستور على الشعب لاستفتائه في شأنه خلال 15 يوما من تاريخ الانتهاء من إعداده''.
التأسيسية الثانية و الطعون
وكان عدد من المحامين قد أقاموا دعاوى تؤكد بطلان تشكيل الجمعية التأسيسية الثانية ، مشيرين إلى أن التشكيل الجديد للجمعية التأسيسية التف على حكم محكمة القضاء الإداري الصادر ببطلان تشكيل الجمعية الأولى.
وفي 26 يونيو 2012 قررت محكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار علي فكري- نائب رئيس مجلس الدولة- تأجيل نظر دعوى بطلان تشكيل الجمعية التأسيسية الثانية لوضع الدستور، لجلسة الأول من سبتمبر للرد والتعقيب من قبل الحكومة.
وعقد مكتب الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، اجتماعه الأول بعد انتخابها27 يونيو 2012 ، لتبدأ الجمعية في ممارسة عملها ووضع لائحتها الداخلية،وتحديد لجانها الفرعية .
وتوالت الدعاوى ضد التأسيسية الثانية حيث قررت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار فريد نزيه، نائب رئيس مجلس الدولة، تأجيل نظر 46 دعوى قضائية تطالب ببطلان التشكيل الثاني للجمعية التأسيسية للدستور، لجلسة 9 أكتوبر المقبل، لتقديم الأوراق والمستندات.
ومع تعدد الدعاوى القضائية ضد التأسيسية انسحب عدد من الشخصيات وعاد آخرون بعد انسحابهم، ففي 25 سبتمبر 2012أصبحت الناشطة منال الطيبي سادس منسحبة من الجمعية الثانية، وفي 29 سبتمبر 2012 قرر أربعة من المنسحبين العودة للجمعية.
وفى 23 أكتوبر 2012 قررت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار فريد نزيه تناغو- نائب رئيس مجلس الدولة- وقف نظر 43 دعوى تطالب ببطلان الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، وإحالتها للمحكمة الدستورية العليا، للفصل في المادة 79 لسنة 2012.
وفى نوفمبر توالت حالات الانسحابات حيث انسحبت الكنيسة بطوائفها الثلاثة،لكون الدستور يؤسس للدولة الدينية، وعدد من القوى السياسية المدنية، والذي كان أبرزهم الدكتور وحيد عبد المجيد، الإعلامي حمدي قنديل، وعمرو موسى متعللين بأن الجمعية التأسيسية تسعى لخروج الدستور في أقرب وقت مهما كان منقوصا، فضلا عن تعدد النقاط الخلافية فيما بينهم ، والدعوى بسيطرة فصيل الإسلام السياسي على التأسيسية .
وفى 22 نوفمبر الماضي اصدر الرئيس محمد مرسى ، إعلان دستوري حصن فيه تأسيسية الدستور ،ومجلس الشورى من الحل، ومد عمل تأسيسية الدستور من 4 إلى 6 أشهر، وهو الأمر الذي أثار سخط الكثير من القوى المدنية، مما أدى لانسحاب 11عضوامن تأسيسية الدستور، أبرزهم
ورغم ذلك استمرت الجمعية التأسيسية في صياغة الدستور، حيث انتهت من صياغته والتصويت عليه فجر الـ30 من نوفمبر ، وقامت بعدها بتسليمها إلى الرئيس محمد مرسي ، الذي أصدر قرار بالاستفتاء عليه في 15 ديسمبر المقبل .
أجلت المحكمة الدستورية في الثاني من ديسمبر الجاري الجلسة المختصة بنظر في دعاوى حل الجمعية التأسيسية للدستور، و مجلس الشورى وسط محاصرة المحكمة الدستورية من قبل مؤيدي الإعلان الدستوري الجديد، من جماعة الأخوان المسلمين وغيرهم.