أثارت العديد من مواد الدستور قبل الانتهاء منه جدلا واسعا داخل الهيئة التأسيسية للدستور منذ تشكيلها بين الأعضاء المنتمين للتيار المدني و الآخرين المنتمين للتيار الإسلامي، حيث تصاعد الأمر إلى انسحاب 28عضو من الهيئة التأسيسية احتجاجا على بعض هذه المواد.
الشريعة الإسلامية
وكانت المادة الثانية التي تنص على أنمبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريعهى ابرز المواد التي أثارت جدلا واسعا بين أعضاء التيار المدني و التيار الإسلامي، فرأى السلفيون أن هذا النص لا يكفى ويجب أن تكون أحكام الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع، في حيناعترض التيار المدني على ذلك، على اعتبار أن صياغة المادة على ذلك النحوبداية للدولة الدينية و التعدي على حقوق الأقباط ومبادئ المواطنة، واقترحوا أن تظل المادة كما هى ويرفق معها مذكرة تفسيريةمن الأزهر الشريف توضح تفصيلاً معنى كلمة مبادئ الشريعة .
ومن جنبه اقترح أعضاء التيار الإسلامي أن تظل المادة كما هي مع وضع نص آخر فى فصل السلطة التشريعية ينص على ألا تخالف التشريعات و القوانين الشريعة الإسلامية، وهو ما لاقى اعتراضا من ممثلي الكنائس الثلاث الذين انسحبوا مؤخرا من الهيئة التأسيسية .
وشاعت حرب التصريحات والمليونيات بين التيار المدني والتيار الإسلامي في الفترة الماضية حول الشريعة فى الدستور ، وانتهت الصيغة النهائية للمادة الثانية على أن الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، مع إضافة المادة الثالثة التى تنص على أنمبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية.
كما اعترض التيار المدني على المادة 219المفسرة للمادة الثانية من الدستور والتي تنص على إن مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة،حيث اتفقوا ان العرف العام المتبع في الدساتير يقضى بعدم وضع مواد مفسرة فى الدستور لمواد أخرى وان هذه المادة مخالفة للتوافق العام، بينما رأى التيار الإسلامي أن المادة توضح مبادئ الشريعة الإسلامية ، وبمثابة حماية من الوقوع في أخطاء التشدد في التفسير حتى بالنسبة للمسلمين .
وفى ذات السياق اثارت المادة الرابعة الخاصة بالأزهر الشريف استياء بين أعضاء التيارالمدنى والتى تنص على أن يؤخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية، معتبرين ان هذه المادة تعتبر عودة لولاية الفقيه وهو ما يتعارض مع الدولة الديمقراطية.
نسبة التمثيل في البرلمان
أثارت المادة الخاصة بنسبة العمال و الفلاحين في مجلس الشعب، و التي تقدر بنصف أعضاء مجلس الشعب جدلا واسعا حتى اللحظات الأخيرة من الانتهاء من التصويت على المواد الدستور، حيث يرى البعض أن العديد من المرشحين لمجلس الشعب يستغلوا صفة الفلاح للترشيح للمجلس، بينما يرى آخرون ان هذه المادة من مكتسبات ثورة 52 لابد من تمثيل شريحة الفلاحين والعمال بشكل مناسب داخل مجلس الشعب و اتفق أعضاء التأسيسية في النهاية على تعريف صفة الفلاح حتى يتم تجنب استغلال هذه الصفة والبقاء على هذه المادة.
الجمعيات الأهلية والأحزاب
اختلف المشاركون في الجمعية التأسيسية حول المادة 51 التي تنص على أن للمواطنين حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية، والأحزاب بمجرد الإخطار، وتمارس نشاطها بحرية، وتكون لها الشخصية الاعتبارية ولا يجوز للسلطات حلها أو حل هيئاتها الإدارية إلا بحكم قضائى؛ وذلك على النحو المبين بالقانون ، وطالب المنسحبون من التأسيسية بإضافة نص يتضمن أن يحظر الأحزاب على أساس ديني والجمعيات أو المؤسسات الأهلية التى يكون نشاطها سرياً أو ذا طابع عسكري أو استناداً لأي مرجعية تتعارض مع المقومات والمبادئ الأساسية والحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور،ولكن صوت أعضاء التأسيسية على بقاء المادة كما هى.
بقاء الرئيس
و أثارت صلاحيات الرئيس فى الدستور الجديد جدلا واسعا بين المشاركون والمنسحبون من التأسيسية حيث رأى المعارضون أن المادة 139، و التي تتضمن اختيار رئيس الجمهورية رئيس الوزراء ، ويكلفه بتشكيل الحكومة وعرض برنامجها على مجلس الشعب خلال 30 يوما، تركز السلطات في يد فرد .
و على صعيد متصل اعترض المنسحبون من التأسيسية على المادة 226، التى تنص على إن مدة رئيس الجمهورية الحالي تنتهي بانقضاء أربع سنوات من تاريخ تسلمه مهام منصبه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة أخرى، مبررين رفضهم لهذه المادةبأنه لابد من إجراء انتخابات رئاسية لإيجاد رئيس وفق الصلاحيات الجديدة أما المؤيدون للمادة وجدوا فى بقاء الرئيس الاستقرار اللازم لهذه المرحلة .
محاكمة المدنين و العسكريين
فمثل وضع القانون العسكري في الدستور الجديد في باب السلطة القضائية أو يظل ضمن باب القوات المسلحة نقطة خلاف ، فأغلب أعضاء التأسيسية يروا عدم ضم القضاء العسكري في باب السلطة القضائية، مع بقائه في ضمن فصل المتعلق بالقوات المسلحة، وذلك على اعتبارأن القضاء العسكري قضاء خاص يختص بجرائم محددة وأشخاص محددين، في حين رأى ممثلوا القوات المسلحة ضم القضاء العسكري إلى باب السلطة القضائية المدنية.
واعترضت القوات المسلحة على المادة 198 التى تنص على أن المدنيين لا يجوز محاكمتهم أمام القضاء العسكري .
وأشار النص النهائي للدستور على أن القضاء العسكري جهة قضائية مستقلة يختص دون غيره في كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة، وجرائم الخدمة العسكرية، مع عدم جواز محاكمة مدني أمام قضاء عسكري إلا في الجرائم التي تضر القوات المسلحة ويحدد القانون تلك الجرائم ، ويبين اختصاصات القضاء العسكري الأخرى.
العزل السياسى
وفى نفس السياق اعترض المنسحبون من الجمعية التأسيسية وبعض المشاركون حول المادة 232، التي تقضى بمنع قيادات الوطنى من مباشرة حقوقهم السياسية تمنع لمدة عشر سنوات من تاريخ العمل بالدستور معللين رفضهم بان هذه المادة لا تتفق مع الإعلان العالمى لحقوق الإنسان و أن منع أى مواطن من ممارسه حقوقه السياسية إلا بصدور حكم من السلطة القضائية .
حرية الصحافة
اعتبر البعض أن المواد المتعلقة بالصحافة تعمل على تقييد حريتها و المتمثلة فى المادة 216 التى تنص على تقوم الهيئة الوطنية للصحافة والإعلام على إدارة المؤسسات الصحفية والإعلامية المملوكة للدولة، وتطويرها، وتنمية أصولها، وتعظيم الاستثمار الوطنى فيها، وضمان التزامها بأداء مهنى وإداري واقتصادي رشيد.
و اعترض الصحفيون وامتنعوا عن المشاركة في الجمعية التأسيسية بسبب بعض المواد المتعلقة بالصحافة منها المادتين 49 و48 ، اللتان تتضمنان أن حرية الصحافة والنشر والإعلام مكفولة،كما أن حرية إصدار الصحف مكفولة بمجرد الإخطار،وأن توجيه الرأي العام يكون في إطار المبادئ الأساسية للدولة والمجتمع، كما أن حظر وقف الصحف أو غلقها أو مصادرتها لا يتم إلا بحكم قضائي .
يذكر أن من ابرز المنسحبين من الجمعية التأسيسية للدستور ممثلى الكنائس الثلاث و كلا الدكتور وحيد عبد المجيد، الإعلامي حمدي قنديل، وعمرو موسى، والدكتور حسن نافعة، والدكتور جابر جاد نصار متعللين بأن الجمعية التأسيسية تسعى لخروج الدستور في أقرب وقت مهما كان منقوصا.