دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء، المسلمين إلى الحوار للخروج من واقعهم المحزن.
جاء ذلك في رسالة مرئية بعث بها إلى اجتماع تشاوري افتراضي نظمته رئاسة الشؤون الدينية بتركيا لوزراء/ رؤساء/ كبار المفتين المعنيين بالشؤون الدينية في البلدان الأعضاء والمراقبة بمنظمة التعاون الإسلامي.
وقال أردوغان: «ينبغي لنا كمسلمين أن نصغي إلى بعضنا أكثر، وأن نتبادل الأفكار في هذه الفترة المؤلمة والمليئة بالتحديات».
وأشار إلى أن «التعصب القومي والمذهبي والإرهاب فتن تنخر العالم الإسلامي من الداخل».
وشدد على أن «الواقع المحزن للمسلمين يشجع الإمبرياليين وأعداء الإسلام على محاولة النيل منهم».
وأضاف أن المسلمين واجهوا العديد من المشاكل المعقدة، مثل الإرهاب والجوع والجهل وعدم المساواة في الدخل، والصراعات الداخلية والتفرقة.
ولفت الرئيس التركي إلى أن الاضطرابات والدماء تراق في البلدان الإسلامية، مثل اليمن وسوريا وأفغانستان وليبيا.
وتابع: «للأسف الصرخات تتعالى اليوم من الأراضي الإسلامية التي أنارت درب البشرية لقرون طويلة بالمعرفة والحكمة والسلام».
وأكد أن نحو ألف مسلم يذهبون ضحية الإرهاب أو العنف في العالم يوميا، معربا عن أسفه حيال ذلك.
وأوضح أن الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم، عرّف المسلم ورسم له حدودا واضحة بقوله «المسلم من سلِم المسلمون من لسانه ويده».
واعتبر أن فقدان المسلمين لطاقتهم عبر الصراعات العرقية والطائفية، بدءا من العراق وحتى اليمن، سببه الأكبر هو الابتعاد عن القرآن والسنة النبوية.
وأضاف أردوغان: «كما ذكرت من قبل، نحن ليس لدينا دين يسمى السنة أو الشيعة، وإنما ديننا هو الإسلام».
وشدد أنه تقع مسؤوليات كبيرة على عاتق السياسيين ورجال العلم من أجل القضاء على الفتن التي تنخر بالعالم الإسلامي من الداخل.
وأردف أنه يجب على المسلمين بداية الاعتصام بحبل الله، وعدم الوقوع في فخ الفتن، وعدم إلحاق الخلل بعلاقات الأخوة بين المسلمين، وعدم إتاحة الفرصة للإمبريالية بتفرقتهم إلى سني وشيعي، وأبيض وأسود، وتركي وعربي، وفارسي وكردي.
وتابع: «علينا أن نحب بعضنا في سبيل الله وليس من أجل هوية الآخر وعرقه ونسبه، وعدم السماح للجدالات السياسية بإلقاء ظلالها على ضمير الأمة الإسلامية أو إلحاق الضرر بعلاقات الأخوة».
واستطرد: «دعونا لا ننسى أن الكون لا يقبل الفراغ، وأنه عندما يتراجع الحق والحقيقة، فإن الباطل يحتل موقعهما».
ولفت إلى أنه في حال عدم سد الناس لظمأهم في الدين من مصادر صحيحة، فإنهم سيقعون في براثن تنظيمات إرهابية مثل «تنظيم الدولة»، و«جولن»، وحركة «الشباب»، و«بوكو حرام».
وأكد أردوغان أن «الكثير من المشاكل التي تواجهنا في الحياة الاجتماعية اليوم، سببها عدم معرفة الإسلام وعدم فهمه بالشكل الصحيح».
وشدد على أهمية نشر المفهوم الحقيقي للإسلام ورسائله الصحيحة في جميع أنحاء العالم، بدءا من تركيا، لافتا إلى أنه يجب على الجميع بذل جهود في هذا الشأن، باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
وأوضح أن «المنزعجين من صعود الإسلام، يهاجمون ديننا عبر الاستشهاد بالأزمات التي كانوا هم سببا في ظهورها».
وبيّن أن الخطابات المعادية للإسلام والمسلمين باتت أبرز الأدوات التي يستخدمها ساسة الغرب للتغطية على إخفاقاتهم، لافتا إلى أن مبادرات ظهرت مؤخرا من قبيل «الإسلام الفرنسي»، و«الإسلام الأوروبي»، و«الإسلام النمساوي»، تعد آخر الأمثلة في هذا الصدد.
وأشار إلى أن الغاية الأساسية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، من إطلاق مبادرة «الإسلام الفرنسي» هي تصفية حسابات مع الإسلام والمسلمين.
واعتبر أن هذه المبادرات تسعى إلى إيجاد نظام معاد للإسلام، يتم فيه أداء الشعائر الدينية في المنزل فقط، ولا يسمح بانتشار الدين ومبادئه ورموزه في الشارع والسوق والعمل والحياة الاجتماعية.
وقال إن اسم هذا النظام الذي يسعى للتحكم بالدين، والضغط عليه، وإعادة هيكلته، ليس الديمقراطية، إنما الشمولية، مؤكدا رفض الدول الإسلامية لهذا النوع من تجاوز الحدود.
وشدد الرئيس التركي على أهمية السعي لفهم جوهر الدين، بدلا من إطلاق مبادرات تهدف لتوسيع أو تضييق نطاقه بشكل بعيد عن الجوهر.
وأعرب عن ثقته بأن رجال الدين والعلم، الذين يعتبرون أمل الأمة الإسلامية والعالم، يتولون دورا رائدا في هذا السبيل.