نشرت صحيفة «فايننشال تايمز» تقريرا قالت فيه إن 70 شخصا من العاملين في القطاع الطبي بمصر، كانوا من ضمن الذين شملتهم حملات الاعتقال في الأشهر الأخيرة.
وقالت في تقرير ترجمته «عربي21»، إن عائلة سيف اعتقدت أنها عانت الأسوأ مما يمكن أن يمارسه ضدها النظام المصري بشكل متتالي، فخلال سنوات النشاط فإن الأب والأم والأخوات والابن اعتقلوا جميعا لمطالبتهم بحقوق الإنسان وحريات أوسع. لكنهم شعروا بالصدمة الشهر الماضي عندما تعرض ثلاثة من أفراد العائلة للهجوم واعتقلت ابنتهم لمدة 24 ساعة، كجزء من موجات القمع التي يمارسها عبد الفتاح السيسي التي أصبحت، بحسب منظمات حقوق الإنسان، أكثر توسعا وصفاقة هذا العام.
وقالت منى سيف «صدقا، اعتقدنا أن الأسوأ قد مضى مع السيسي وأن كل شيء أصبح مثل آثار ما بعد الكارثة، لكن يبدو أن لديهم وقائع أخرى من العنف مخبأة لنا».
وسجنت السلطات شقيق منى، علاء عبد الفتاح وأختها سناء حيث قالت «لم أجرب وضعا خانقا وعلى كل المستويات مثل هذا الوقت».
وبحسب منظمة أمنستي انترناشونال فقد كانت سناء، 26 عاما من ضمن 70 شخصا، منهم 9 أطباء و5 صحافيين ومحاميين اعتقلوا بطريقة «تعسفية» في الفترة ما بين مارس، يونيو في الوقت الذي تواجه فيه البلاد وباء فيروس كورونا.
وقال حسين بيومي الباحث في منظمة أمنستي «ما نراه بالتأكيد زيادة في حالات الاعتقالات، ليس من ناحية العدد، ولكن من نوعية الناس الذين تستهدفهم الحكومة».
وتراجعت ظروف حقوق الإنسان في مصر بشكل سريع في ظل السيسي، الذي كان قائدا للجيش وقاد انقلابا عام 2013 ضد الرئيس المنتخب ديمقراطيا، محمد مرسي.
وفي البداية كانت جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي هي مركز حملات الإعتقال التي نفذتها القوات التابعة للسيسي، وقتلت قوات الأمن 800 من عناصر ومؤيدي الإخوان في ميدان رابعة العدوية بالقاهرة في أغسطس 2013 وتم سجن الآلاف منذ ذلك الوقت.
ولأن النظام كان مصمم على سحق أي شكل من أشكال المعارضة فقد توسعت حملة القمع لتشمل الناشطين العلمانيين والصحافيين والمدونين والمحامين، خاصة أثناء الحملة الرئاسية التي فاز فيها السيسي بنسبة 98% وبعد التظاهرات النادرة التي اندلعت في سبتمبر 2019.
وعادة ما يقدمون لمحاكم أمنية توجه إليهم اتهامات مماثلة لتلك التي توجه إلى المشبته بنشاطهم الإسلامي. وفي الأسابيع الماضية أصبح الأطباء والممرضون الذين انتقدوا النظام بسبب قلة اللوازم الطبية الواقية من كوفيد-19 هدفا لأجهزة الأمن واتهموا بنشر الأخبار الكاذبة والإرهاب.
وتم تسجيل 71.000 حالة إصابة و3.000 وفاة. ورفضت الحكومة التي التعليق مؤكدة على أن خدماتها الأمنية تلتزم بالقانون.
وبدأت محنة سناء عندما تعرضت مع والدتها التي كانت تنتظر معها أمام سجن طرة للحصول على رسالة من علاء، للضرب بالعصي من مجموعة من الناس فيما يعتقد أنه هجوم مدعوم من الدولة.
واعتقل عبد الفتاح الناشط المعروف في ثورة يناير، في سبتمبر الماضي، بعد ستة أشهر من الإفراج عنه وقضائه حكما بالسجن لمدة خمسة أعوام، مع أنه لم يشارك في تظاهرات العام الماضي.
وبعد يوم تعرضهن للضرب ذهبت سناء ومنى ووالدتهما إلى مكتب النائب العام لتقديم شكوى. وعندما كانت سناء تحاول عبور الحاجز قام رجال بثياب مدنية بدفعها في سيارة صغيرة وأخذوها إلى نيابة أمن الدولة.
ووجهت لها تهمة نشر الأخبار الكاذبة والتحريض على الإرهاب وإساءة استخدام منصات التواصل الإجتماعي. وتم نقلها إلى السجن ولم تسمع عائلتها عنها أي شيء. وشملت الاعتقالات الأخيرة نورا يونس، محررة موقع «المنصة» وخمسة من أقارب الناشط والسجين السابق محمد سلطان الذي قدم دعوى قضائية في الولايات المتحدة ضد رئيس الوزراء السابق حازم الببلاوي.
وفي دعوى بالمحكمة المدنية اتهم فيها الببلاوي بالمسؤولية عن تعذيبه في عام 2013، حيث كان الببلاوي، رئيسا للوزراء، ويعمل حاليا مديرا في البنك الدولي.
وأفرج عن يونس بالكفالة فيما لا يزال أقارب سلطان بالسجن ووجهت لهم تهم الإنتماء لمنظمة إرهابية ونشر المعلومات المضللة.
ويقول سلطان، إن سجن أقاربه ربما كان انتقاما منه ولملاحقته الببلاوي في الدعوى القضائية التي ورد فيها اسم السيسي، وأضاف سلطان المسجون والده المسؤول السابق في نظام مرسي منذ سبعة أعوام: «يهدف قمع السيسي لتحقيق الردع، إما أن تقبل بالظلم والإنتهاكات أو تسكت. ولو لم ترض فسيدفع الأعزاء عليك الثمن».
وقال ناشط حقوقي بالقاهرة لم تذكر الصحيفة إسمه، :«أصبحوا أكثر جرأة الآن» و «نفهم أهمية المكان الذي نحن فيه من الناحية الجيوسياسية ونتعايش معه».
ويعتبر السيسي حليفا للغرب خاصة في مجال مكافحة الإرهاب، وفي العام الماضي وصفه الرئيس دونالد ترامب بـ «ديكتاتوري المفضل».
وقال الناشط إن ما يعزز القمع هو إرث ثورة عام 2011 ومخاوف المسؤولين من ثورة جديدة حيث مرت الذكرى العاشرة عليها. وأضاف: «نفس الأشخاص الذين خسروا معركة 2011 لا يزالون في الوكالات الأمنية» و «ظلوا على مدى عامين ونصف يستمعون للنقد وذكر أسمائهم مع المؤسسات التي يمثلونها ولكنهم الآن لن يقبلوا بأن ينتقدهم أحد».