نشر موقع «ميدل إيست آي» البريطاني في نسخته الفرنسية تقريرا تحدث فيه عن التصريحات الأخيرة التي هاجم فيها الرئيس الفرنسي، تركيا، الداعمة لحكومة الوفاق الوطني، والتي أشار خلالها مجددا إلى مدى قرب فرنسا، لا سيما وزير الخارجية والاستخبارات الفرنسية، من القوات الموالية لحفتر.
وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته «عربي21»، إن الصحفي الفرنسي جون جيسنال، ذكر في كتابه الصادر سنة 2019 «التاريخ السري لوكالة الاستخبارات الخارجية الفرنسية»، أن حفتر وإن حقق انتصارات في ليبيا، فذلك بفضل الفرنسيين.
وأضاف الموقع أنه في الفصول المخصصة للأجهزة السرية الفرنسية، قدم الكاتب والصحفي في مجلة «لوبوان» الفرنسية والمتخصص في الشؤون العسكرية، تفاصيل الدعم السري الذي قدمته باريس للخليفة حفتر وكذلك قربه من وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان. وفي كتابه، ذكر جيسنال أيضا أن «حفتر يتلقى الدعم من دولتين عربيتين لن تتخليا عنه أبدا، وهما مصر والإمارات العربية المتحدة. وبمباركة ضمنية من باريس، تصل الأسلحة إلى هناك، في انتهاك صارخ للحظر الذي قررته الأمم المتحدة سنة 2011». ويضيف قلم غيسنال أن حفتر العسكري الاستبدادي والرجعي معروف جيدا في فرنسا منذ عقود.
ويعود جيسنال ليذكر أن القائد السابق للقوات الليبية الذي غزا تشاد سنة 1983، هو في الواقع خليفة حفتر الذي اعتقل من قبل التشاديين. بالإضافة إلى ذلك، فإن الفرنسيين يدعمون حفتر بسرية وبقوة، وقد زود الجانب الفرنسي الجانب الليبي بصواريخ ميلان المضادة للدبابات بعد فوزهم سنة 1987 في معركة وادي الدوم.
والجدير بالذكر، أنه بعد مرور أشهر قليلة على إطلاق «عملية الكرامة» سنة 2014، استقبل الرئيس فرانسوا هولاند عبد الفتاح السيسي.
وخلال هذه الزيارة، التي ناقش خلالها السيسي عقود الأسلحة مع الفرنسيين، طالب باريس بمد يد العون في ليبيا لخليفة حفتر. وهنا، يقول جيسنال إن «السيسي هو الرجل الذي يهمس في أذن لودريان».
فاتورة باهظة الثمن حصيلة دعم الجنرال المتمرد
ماذا خسرت #مصر بعد 7 سنوات من دعم #السيسي المستمر لـ #حفتر؟ pic.twitter.com/vJjHQIZFtb— شبكة رصد (@RassdNewsN) June 2, 2020
ويفيد الموقع بأن هواجس لودريان، وزير الدفاع آنذاك، والسيسي وحفتر تتزامن مع تنامي نفوذ الجماعات الإسلامية المسلحة في ليبيا. على إثر ذلك، تبدأ فرنسا إجراءات سرية على الأراضي الليبية. ويضيف جيسنال أنه «نقلا عن روايات شهود عيان، فإن جليل الحرشاوي، الباحث في معهد كلينغيديل الهولندي، يعتقد بأن العناصر الأولى التابعة لوكالة الاستخبارات الخارجية الفرنسية وصلت إلى الزنتان في نوفمبر 2014، ثم حلت في فبراير أو مارس 2015 في مطار بنينا، بالقرب من بنغازي. عدا ذلك، فإنه في الرابع من ديسمبر 2015، أعلن قصر الإليزيه أن فرنسا أطلقت رحلات استطلاع قبل شهر على سرت، مسقط رأس معمر القذافي».
الاستخبارات الخارجية الفرنسية
ويفيد الموقع بأنه إلى جانب المساهمة العسكرية السرية، فإن باريس تدعم حفتر أيضا في مشروعها لتقويض حكومة الوفاق الوطني. وفي كتابه، يفيد غيسنال بأن «القوى السرية لوكالة الاستخبارات الخارجية الفرنسية موجودة بالفعل في ليبيا في هذا الوقت. وبشكل سري، وقع على إرسال وحدات تابعة إلى وكالة الاستخبارات إلى ليبيا في أوائل سنة 2015 وتتألف هذه الوحدات من عناصر من مركز تدريب متخصص للمظليين، الذي يدرب الوكلاء الذين يعتزمون العمل في مناطق الأزمات».
#حفتر يتراجع نحو الشرق
وقوات #الوفاق تواصل تحرير الغرب الليبي وسط خلافات عميقة في معسكر حفتر#ليبيا #مصر #الامارات #السيسي pic.twitter.com/yCBC7mq6kt— شبكة رصد (@RassdNewsN) June 7, 2020
وبحسب جويسنال، فإن وجود الجنود الفرنسيين مثبت بوضوح في قاعدة بنينا الجوية، على بعد حوالي عشرين كيلومترا من بنغازي، والغرض من ذلك هو إقامة اتصالات وتوفير «الدعم التقني» بما في ذلك تحليل صور الأقمار الصناعية والتدريب وتوفير الحماية الشخصية لخليفة حفتر.
الفرنسيون في المقدمة
يوضّح الموقع أنه في نهاية صيف 2016، وبدعم فعال من الخدمات الفرنسية، استولى حفتر على «الرئة الاقتصادية لليبيا، وهي منطقة الهلال النفطي، في حين وقع إنشاء رابط شخصي في فرنسا بين خليفة حفتر وجان إيف لو دريان. وقد كان السياسي الفرنسي ميشيل سكاربونشي الضامن للعلاقة بين الرجلين، ويعتبر سكاربونشي ابن عم برنارد سكورسيني، المدير المركزي السابق للاستخبارات الداخلية بين 2008 و2012، المتورط في العديد من الفضائح السياسية والمالية».
والجدير بالذكر أنه وقعت دعوة سكاربونشي إلى طرابلس إلى جانب نواب آخرين من طرف ابنة القذافي، عائشة سنة 2011، حيث التقوا ببشير صالح على وجه الخصوص، للتحقيق في التمويل الليبي الافتراضي للحملة الرئاسية لنيكولا ساركوزي في سنة 2007.
في الحقيقة، تعتبر فرنسا الاستيلاء على مدينة درنة في يونيو 2018 انتصارا لوكالة الاستخبارات الخارجية الفرنسية. وتحت ذريعة «الحرب ضد الإرهاب»، انضم ما بين 35 و60 مختصا تابعين لوكالة الاستخبارات الخارجية الفرنسية إلى جانب خليفة حفتر. وعلى أرض الواقع، يستخدم الفرنسيون المتواجدون بشكل غير قانوني داخل ليبيا أقوى الوسائل المتاحة مثل قذائف الهاون الثقيلة.
وينقل جيسنال في كتابه عن جليل الحرشاوي أنه «بمجرد تلقي المساعدة من فرنسا، فقد حقق حفتر تقدما سياسيا. في المقابل، تزعم باريس أنها تدعم كلا الجانبين في ليبيا، غير أن ذلك لا يمت للواقع بصلة».
وينوه الموقع إلى أن فرنسا تعمل وفقا لمواقفها، إذ تُعرف بكرهها للإسلام السياسي، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين، والمدعومة من الثنائي التركي القطري، وذلك بحسب ما يعتقده غيسنال.