شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

تحقيق عبري: «بن زايد» يهاجم «إسرائيل» بالابتسامات ويكلف وزيره ببث رسائل إيجابية نحوها

وصف تحقيق صحفي إسرائيلي محمد بن زايد ولي عهد إمارة أبو ظبي بأنه «أمير الظلال»، فهو يشن على «إسرائيل» هجوما بالابتسامات، في حين يدير علاقته بالسعوديين من وراء الكواليس، ويواجه الإيرانيين من خلال مشتريات أمنية ضخمة، أما في مصر فقد عمل من أجل الإطاحة بمرسي واستبدال النظام هناك.

وأضاف دورون باسكين خبير الشؤون العربية، في تحقيق لمجلة كالكاليست، ترجمته «عربي21» أن «ابن زايد، يحكم سيطرته الكاملة على الإمارات، ويستغل عاصمته بشكل حازم ليصبح الزعيم الأكثر نفوذا في الشرق الأوسط، ويكلف وزيره للشؤون الخارجية أنور قرقاش لبث رسائله الإيجابية نحو إسرائيل، وآخرها قوله إن الإمارات العربية المتحدة قد تختلف مع إسرائيل في القضايا السياسية، لكنها تتعاون معها في جائحة كورونا والتكنولوجيا».

تعليم التلمود

وأكد أنه «إذا لم يكن ذلك كافيا، فيمكن الإشارة إلى أن قرقاش، مبعوث ابن زيد، تحدث هذا العام في المؤتمر السنوي للّجنة اليهودية الأميركية AJC، ما جعله أكبر عضو عربي يتحدث إلى جمهور يهودي، وكان هذا الخطاب تتويجا لشن حملة إعلامية محسوبة تقوم بها الإمارات تجاه إسرائيل، ثم تبعه نشر مقال في صحيفة يديعوت أحرونوت للسفير الإماراتي لدى واشنطن يوسف العتيبة، دعا فيه لتوثيق العلاقات بين الدولتين».

وأوضح باسكين، مدير شركة كونكورد لدراسات الشرق الأوسط، أنه «قبل ذلك ببضعة أيام، هبطت طائرة إماراتية في إسرائيل، وافتتح معهد لدراسة التلمود والتوراة للأطفال اليهود في الإمارات، ومثل هذه التطورات لا تحدث بمفردها في الإمارات العربية المتحدة، لأنها جميعا تؤدي لشخص واحد، هو محمد بن زايد آل نهيان، 59 عاما، ولي عهد أبوظبي، أكبر إمارات البلاد، ونائب القائد العام للقوات المسلحة الإماراتية».

 

وأشار أن «هذه التوصيفات لا تعكس حقًا تأثير ابن زايد، فهو من الناحية الرسمية، رئيس الدولة الفعلي، فأخوه غير الشقيق الشيخ خليفة، أصيب قبل ست سنوات خليفة بجلطة دماغية، ومنذ ذلك الحين بات ابن زايد زعيم الدولة، يمتلك رؤية متماسكة، ولديه رغبة باستخدام جميع الوسائل المتاحة تحت تصرفه، وقبل كل شيء رأس المال اللامتناهي لتحقيق ذلك، وهذا الاستعداد جعله أحد أكثر القادة نفوذاً في الشرق الأوسط».

وأكد أن «حملة ابن زايد المؤيدة لإسرائيل تأتي نتيجة نظرته هذه نحو العالم، صحيح أن الإمارات منذ تأسيسها عام 1971، لعبت دورًا محايدًا في الشرق الأوسط، وامتنعت عن التدخل في نزاعات المنطقة، وركزت على بناء اقتصادها، لكن الفراغ القيادي الذي أحداث الربيع العربي جذب ابن زايد، كونه صاحب طموحات شخصية، كي يستغل هذا النجاح الاقتصادي ليصبح لاعبا رئيسيا في السياسة الإقليمية».

التعاون الأمني

وأضاف أن «ابن زايد يميل ليكون أكثر سرية، فهو يفضل تجنب الأضواء قدر الإمكان، ويبتعد عن المقابلات، ويجد الصحفيون صعوبة بالعثور على تصريحات رسمية له، لكنه من خلال هذه السرية نسج مسلسل العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، وهما دولتان تقاومان بعناد النفوذ الإيراني والإسلام السياسي، ولهذا الغرض تعززان تعاونهما الأمني».

ونقل عن «ابن زايد في أحد تصريحاته النادرة، قوله لوفد من يهود الولايات المتحدة الذين زاروا أبو ظبي أنه «في الحرب ضد إيران، فإن إسرائيل والإمارات تقاتلان جنبًا إلى جنب».

وأوضح أن «تجربة ابن زايد التكوينية بدأت في سن الـ14، عندما أرسله والده الشيخ زايد خارج البلاد عقابًا له بعد أن اشتكت عائلات محترمة في الإمارات من سعيه الدائم للتقرب من بناتها بالقوة، فأرسله والده للدراسة في المغرب بهوية مزورة، كمواطن مغربي، دون إبلاغ السلطات المحلية بذلك، وواجه هناك صعوبات الحياة؛ فبجانب دراسته، عمل نادلا، وعاش حياة سيئة».

وأشار أنه «بعد عودة ابن زايد من المغرب، أرسل لمدرسة جوردونستون الثانوية في أسكتلندا، وبدأ تدريبه بمنصب رفيع، وفي 1979، أكمل دراسته في ساندهيرست، الأكاديمية العسكرية البريطانية، وعند عودته للإمارات، بدأ صقله الفكري على يد مستشار والده الثقافي عز الدين إبراهيم، المستثمر المصري بأبو ظبي، ورغم أنه شخصية بارزة بجماعة الإخوان المسلمين، وأسس فرعها الليبي، لكن الشيخ زايد لم يعتبره تهديدًا لتعليم ابنه».

 

وأكد أن «ابن زيد اتخذ وجهة النظر المعاكسة لمعلمه الإسلامي، فبدأ تحوله الداخلي بعد هجمات سبتمبر 2001، وتورط إماراتيين فيها، وكان حينها رئيس أركان الجيش، ما شكل أزمة مع الولايات المتحدة، وأدت الهجمات لرد فعل فوري بالإمارات، شملت موجة اعتقالات واسعة لألفي مواطن ومقيم يشتبه بارتباطهم بالحركات الإسلامية، وإخراج العشرات من الجنود والضباط المتعاطفين مع الإخوان المسلمين من الجيش».

الانقلاب على مرسي

وأضاف أن «الموقف الأساسي لابن زايد ضد الإسلام السياسي بات أكثر وضوحًا أواخر عام 2010، مع ظهور «الربيع العربي»، وصعود القوى الإسلامية إلى السلطة في تونس ومصر، وشكل هذا له سيناريو كابوسًا، ما دفعه لاعتقال العشرات من نشطاء الإخوان المسلمين في الإمارات خلال 2011».

وكشف النقاب أن «ابن زايد اعتبر أن انتخاب محمد مرسي، رئيسا لمصر، رجل الإخوان المسلمين في انتخابات ديمقراطية في 2012، مصدر قلق رئيسيا له، ولذلك فقد تصرف لثني مرسي عن سياسته، وتعزيز بديل لحكمه، وضخ ملايين الدولارات للمعارضة المصرية، وشن حملة إعلامية تهدف لتقويض شرعية مرسي».

وأشار أنه «في 2013، عندما تمت الإطاحة بمرسي على يد عبد الفتاح السيسي، كانت أبوظبي أول عاصمة عربية ترحب بالانقلاب، بعد ذلك مباشرة، أعلنت بجانب السعودية والكويت عن تحويل 23 مليار دولار كمساعدة لنظام السيسي، وفي السنوات السبع الأخيرة، ضخت أبو ظبي عشرات مليارات الدولارات في خزائن مصر لدعم السيسي».

وأكد أن «خصوم ابن زايد في المعسكر الإسلامي بقيادة تركيا وقطر، لن يغفروا له هذه الخطيئة، لكنه يعتقد أن الدول العربية ليست جاهزة لانتخابات ديمقراطية كالغرب، فهذه الانتخابات ستساعد الإسلاميين بالوصول للحكم في الدول العربية، ولذلك ليس من المستغرب أن يكون من أوائل القادة العرب الذين جددوا العلاقات بنظام بشار الأسد».

كراهية حماس

وأوضح أن «ابن زايد لا يخفي كراهيته لمن ينتمون لجماعات الإسلام السياسي، ممن يحظون برعاية وقطر وتركيا، ومن ضمنها حركات حماس والجهاد الإسلامي، ولم يتردد في زيادة التدخل العسكري لبلاده في نقاط الاحتكاك الإقليمية لمواجهة القوى الإسلامية، سواء في اليمن أو ليبيا، حيث تدعم أبوظبي الجنرال خليفة حفتر».

وكشف النقاب عن أن «ابن زايد أبلغ وفداً أميركياً بأنه «يرى حزب الله أخطر من تنظيم القاعدة»، وأعرب عن قلقه من حيازة إيران للسلاح النووي لأنه سيمهد الطريق لوصول أسلحة الدمار الشامل للمنظمات الإسلامية، وشدد علاقاته مع الولايات المتحدة، خاصة منذ انتخاب الرئيس دونالد ترامب، وعزز قدراته العسكرية».

وأوضح أنه «بين 2015-2019، احتلت الإمارات المرتبة الثامنة في العالم في المشتريات العسكرية، ومثلت 3.5% من جميع المشتريات العسكرية في العالم، لأن 70% من نفقاتها مخصصة للمشتريات من الولايات المتحدة، مع أن عدد سكانها أقل من 10 مليون نسمة، 90% منهم من المهاجرين والعمال الأجانب».

 

ولفت الكاتب إلى أنه «بجانب إيران، فإن السعودية مصدر قلق ابن زايد الأكبر، وحذر في محادثات مغلقة في وقت مبكر من بداية الألفية الثالثة، أن «سقوط المملكة من قبل الإسلاميين سيكون خطرًا أكبر من وجود الأسلحة النووية الإيرانية»، وبالنظر لضعف القيادة السعودية المسنة، يمكن للمسؤولين المحافظين والجيش السيطرة على الدولة، وتحويلها مملكة تنشر الفكر الإسلامي».

تحريك ابن سلمان

وأشار أن «ابن زايد أدرك أن السعودية بحاجة لإصلاحات واسعة النطاق، ودماء جديدة في القيادة لإبعاد شبابها عن التيارات الإسلامية، وعندما ظهر أمير شاب يدعى محمد بن سلمان في السياسة السعودية، أدرك ابن زايد قدراته، قبل أن يصبح الرجل القوي في المملكة بوقت طويل، وبات تأثير ابن زايد على ابن سلمان هائلا، ودفعه للقيام بسلسلة واسعة من الإصلاحات كالسماح للنساء بقيادة السيارات، وفتح المسارح، والاستثمار الضخم في المشاريع الترفيهية».

وأشار أن «ابن زايد وجه ابن سلمان أواخر عام 2017 للقيام بحملة اعتقالات واسعة النطاق وغير مسبوقة ضد كبار الأمراء ورجال الأعمال السعوديين، ويبدو أن الاثنين متفقان على قائمة طويلة من القضايا، بما في ذلك الحاجة لتقييد خطوات إيران، وكرههما للحركات الإسلامية، وفي السنوات الأخيرة، شرعا في مغامرات مشتركة، مثل مقاطعة قطر 2017، وحرب اليمن في 2015 ضد الحوثيين».

وأوضح أنه «في جميع الحالات، وضع ابن زايد ابن سلمان في المقدمة، واكتفى بتحريك الملفات خلف الكواليس، وقد غطت شراكة المصالح على اختلاف أسلوبهما بإدارة السياسة الداخلية والخارجية، محمد بن سلمان مولع بالأضواء، ما يجعله عرضة لقرارات متهورة، كاغتيال الصحفي جمال خاشقجي، أما ابن زايد فأكثر تعقيدا وخبرة، وهذا الصبر لا يعكس التردد، بل الهدوء، رغم أنه لا يبدي هوادة حين يتعلق الأمر بمصالح عائلته ونظامه».

وأكد أن «ابن زايد لم يتردد في إدارة ظهره لحرب اليمن، بعد أن وصلت لطريق مسدود، وقدرت تكلفتها بمليار دولار شهريًا، وبعد أن أمر قواته بالانسحاب من هناك، ترك السعودية وحدها في الحملة».

صراعه مع ابن راشد

ويسلط الكاتب الضوء على «السياسة الداخلية لابن زايد، حيث يظهر ناقده الأساسي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي، ورئيس وزراء الإمارات، فهناك منافسة كامنة بين الإمارتين، حيث طغى نجاح دبي على مدى العقود الماضية على أبوظبي، ووضعت نفسها كمركز للتجارة والتمويل والسياحة الدولية، لكن الصورة تغيرت في 2010، عندما تعرضت لأزمة ديون ضخمة، ويرجع ذلك لسوء إدارة المشاريع الباهظة».

وأوضح أن «من أنقذ دبي هي أبوظبي التي ضخت 20 مليار دولار فيها، لكن هذه المساعدة رافقها قليل من الإذلال عندما أصر ابن زايد على إعادة تسمية “برج دبي” الأطول في العالم، ليصبح “برج خليفة” تقديراً لحاكم أبو ظبي».

وكشف النقاب أنه «في يونيو 2019، عقدت أبو ظبي مناقشة مغلقة حول أزمة اليمن، وشهدت توجيه انتقادات لابن زايد، وهاجمه ابن راشد قائلاً: علينا إعادة النظر بسياستنا الخارجية، وعدم التدخل بالشؤون العربية، لأنها تكلفنا مئات الملايين من الدولارات يوميًا، محذرًا أن المواجهة مع إيران سوف تتسبب بانهيار اقتصاد الإمارات».

وأوضح أنه «في أغسطس 2019، أصبح الصراع علنيًا بين الرجلين، حيث شرع ابن راشد على تويتر بكتابة تغريدات واضحة تنتقد سياسة ابن زايد، ما دفع مناصري الأخير لتمجيد إنجازاته، ومهاجمة خصومه، دون أن يرد ابن زايد علنًا على ذلك، فيما تحدثت أوساط أخرى أنه انتقم من ابن راشد بطريقته الخاصة من وراء الكواليس، حين ساعد زوجة الأخير، الأميرة هيا شقيقة ملك الأردن عبد الله الثاني، بالهروب من الإمارات».

وأكد أن «انتقاما جديدا نفذه ابن زايد ضد ابن راشد حين أجريت مقابلة صحفية مع طليقة الأخير الأولى، وهي سيدة لبنانية، ذكرت أنه بعد ترحيلها من دبي في السبعينيات، لم تر ابنتها منذ ذلك الحين، وتذكر أوساط حاكم دبي أن المقابلة نظمت بتنسيق ابن زايد».

وختم بالقول إنه «بالنسبة لإسرائيل، فقد اختار ابن زايد شن هجوم عليها بالابتسامات في بادرة غير مسبوقة لزعيم ليس له علاقات رسمية معها، واختار مناشدة الجمهور الإسرائيلي وقادته، ولذلك يمكن للإسرائيليين الافتراض أنهم سيستمرون في سماع هذه المخاطبات الإماراتية قريبا».



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023