عقدت رابطة الإعلاميين المصريين في الخارج، الخميس، ندوة بعنوان: “الإعلام المصري بين الثورة والانقلاب”، وذلك بمدينة إسطنبول التركية، بمناسبة الذكرى الأولى لوفاة الرئيس المصري الراحل محمد مرسي.
وناقشت الندوة الحريات الإعلامية في مصر خلال عام من حكم “مرسي”، وكيف تمتعت الجماعة الصحفية بأعلى سقف في حرية الرأي والتعبير، وبما يتناسب مع تحقيق مطالب ثورة 25 يناير 2011.
وأكد المتحدثون في الندوة أن حرية الإعلام في عهد “مرسي” بلغت مدى لم تبلغه من قبل حيث حرية النقد الواسعة، وحرية إصدار الصحف وتأسيس القنوات، وعدم إغلاق صحيفة أو قناة أو حبس صحفي.
وأشاروا إلى أن “الإعلام المصري في الوقت الحالي في ظل حكم السيسي في أسوأ حالاته، حيث تم حبس عشرات الصحفيين والإعلاميين، وإغلاق العديد من الصحف والقنوات، وتكميم الأفواه، وسيادة مبدأ الصوت الواحد، والرواية الحكومية الواحدة للأحداث ومنع ما يخالفها من روايات”.
وفي مستهل الندوة، تم عرض فيلم وثائقي قصير عن الإعلام المصري في عهد “مرسي”.
“أجندة الحرية”
من جانبه، قال رئيس رابطة الإعلاميين المصريين في الخارج، الإعلامي حمزة زوبع، إن الرئيس مرسي أنصف الإعلام والإعلاميين، وجاء بأجندة الحرية كأحد أعمدة الأمن القومي المصري، مضيفا: “لقد عاش بطلا ومات شهيدا”.
وذكر زوبع أن “رابطة الإعلاميين تضم في عضويتها أكثر من 500 إعلامي يعلمون في مجالات الإعلام المختلفة من المؤمنين بالثورة والمواجهين للانقلاب، والذين يعلمون ليل نهار في ظروف صعبة من أجل إيصال صوتهم للعالم والشعب المصري في وقت أُغلقت فيه كل نوافذ التعبير في مصر التي أصبحت مقبرة للصمت، وفي هذا الوقت نستذكر ذلك الزعيم البطل الرئيس مرسي”.
بدوره، أوضح الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للصحافة ومنسق الندوة، قطب العربي، أن “هذه الفعالية جاءت في إطار سلسلة من الفعاليات لإحياء الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الرئيس مرسي، وقد ركزت على الحالة الإعلامية مقارنة بين الثورة والانقلاب والوضع المتردي الحالي الذي وصل إليه الإعلام المصري”.
“حريات واسعة”
ولفت العربي، في تصريح لـ”عربي21″، إلى أن “الندوة أوضحت الفارق الكبير بين الحريات الواسعة التي شهدها الإعلام المصري في عهد الرئيس مرسي، حيث لم تغلق صحيفة أو قناة ولم يُحبس صحفي، حيث تدخل الرئيس لتعديل القانون بهدف إنقاذ الصحفي إسلام عفيفي رئيس تحرير جريدة الدستور من الحبس الاحتياطي”.
وتابع: “كما تدخل (مرسي) لإعادة الصحفية شيماء عادل من جريدة الوطن على متن طائرته بعد القبض عليها في السودان، وتدخل لسحب بلاغات كانت مُقدّمة ضد عدد من الصحفيين والإعلاميين، بينما يعيش الإعلام المصري اليوم أسوأ فتراته من حيث هيمنة الدولة التامة عليه، ومنع أي أصوات معارضة أو مستقلة، وفرض الرواية الرسمية فقط للأحداث، ومن حيث حبس عشرات الصحفيين وإغلاق العديد من الصحف والقنوات الإعلامية”.
وأشار العربي إلى أن “الفعاليات لإحياء ذكرى الرئيس مستمرة خلال الأيام المقبلة، حيث سينظم منتدى البرلمانيين ندوة دولية عن مستقبل الديمقراطية في المنطقة يوم السبت المقبل، كما ستنظم بعض المؤسسات الأخرى فعاليات متنوعة”.
“القوى الناعمة”
إلى ذلك، دعا النجم المصري هشام عبد الحميد إلى “ضرورة تحويل تلك اللحظات الحزينة والصعبة إلى واقع عملي فعلي من خلال القوى الناعمة التي هي مع شديد الأسى والأسف غير مُفعلة، والتي يمكنها أن تُحدث الكثير من التأثير والكثير من العرض الإيجابي لقضية الحرية”.
وفي كلمته بالندوة، أضاف عبد الحميد: “مرسي كانت أجندته الحرية بمفهومها العام. والقوى الناعمة قادرة على نقل هذا الأمر إلى المستوى الإقليمي والدولي من خلال أعمال سينمائية تحديدا، وليست أعمالا تلفزيونية، لأن السينما هي الباقية في ذاكرة العالم الإنساني، وهناك أعمال عالمية يمكننا تقديم أعمال على غرارها”.
وقال: “لدينا أشياء كثيرة في القوى الناعمة، ولو تم تفعليها سيكون لها تأثير إيجابي ومهم ومؤثر ومسموع. لابد أن تصل قضيتنا للعالم كله، ولابد أن نعالج قضية الحرية بشكل فني وبشكل مختلف عما يُعرض في المؤتمرات والندوات مع كامل احترامنا لها، لكني أنادي وأرجو أن تُفعّل قيم الحرية من خلال القوى الناعمة، والتي هي الحاضر والمستقبل، خاصة أننا الآن في عصر المعلومات والقوى الناعمة”.
“فيلم روائي”
وتعقيبا على كلمة الفنان هشام عبد الحميد، دعا زوبع إلى إنتاج فيلم روائي عن حياة “مرسي”، لافتا إلى أن “رابطة الإعلاميين المصريين في الخارج والقنوات المصرية في الخارج ستتبنى هذا المقترح، وستتعاون لإنتاج هذا الفيلم”، داعيا كل الفنانين والموهوبين للعمل والتطوع في هذا الفيلم الذي قال إنه “سيؤرخ للتاريخ، ويثبت للأجيال أنه كان هناك مَن وقف ضد دولة عميقة ومُموّليها، ومات صامدا لم ينحن”.
وطالب زوبع الإعلام المعارض بـ “الاستمرار في كشف فساد المنظومة الإعلامية التابعة للانقلاب، وعلينا أن نقدم أفكارا جديدة لدعم إعلام الثورة”.
“صفحة ناصعة البياض”
بدوره، أكد الإعلامي المصري معتز مطر أن الإعلام كان في قلب المعركة قبل وبعد الانقلاب، مؤكدا أن المقارنة بين الإعلام في عهد الثورة والانقلاب ليس لها أي محل من الإعراب، لأنها تكاد تكون معدومة، مضيفا: “لا يمكن المقارنة على الإطلاق بين عام الرئيس مرسي وبين ما يحدث الآن؛ فمجرد كلمة مقارنة هي جرم كبير في حق هذا الرجل وفي حق ثورة يناير”.
ولفت مطر إلى أن “العام الذي حكم فيه مرسي كان صفحة ناصعة البياض بالنسبة للإعلام، بغض النظر عن الأداء السياسي الذي قد يختلف حوله البعض، إلا أنه لا أحد يختلف بالنسبة لموقفه من الإعلام؛ فقد كان يمكن لأي إعلامي أو صحفي أن يقول ويكتب ما يشاء دون أن يتعرض لأي مكروه بأي صورة من الصور بعكس الحالة التي نشهدها الآن”.
من جهته، نوّه أحمد عبد العزيز، المستشار الإعلامي للرئيس محمد مرسي، إلى أن “الإعلام دأب على الترويج إلى أن الشعب المصري غير مؤهل لممارسة الديمقراطية بخلاف الحقيقة”، مضيفا: “لو تناول الإعلام المصري كل يوم مفردة واحدة من مفردات الديمقراطية والحرية، لكان الشعب المصري اليوم يُعلّم العالم كله ماهية الديمقراطية، لكن لا توجد إرادة لهذا الأمر”.
وأوضح عبد العزيز أنه كان مسؤولا عن ملف ماسبيرو برئاسة الجمهورية، وتقدم ببعض الاقتراحات لإصلاح ماسبيرو (التلفزيون المصري الحكومي) أهمها “تأهيل الكوادر وإصلاح المبنى، وتكوين نخبة جديدة تتصدر المشهد، ولم تكن المعايير لبناء تلك النخبة لها أية علاقة بجماعة الإخوان، بل إتاحة الفرصة لكل إنسان وموهبة في مصر أن تظهر من خلال برنامج أُعد تفصيليا لهذا الأمر، لكن الانقلاب حدث”.
“أموال الثورة المضادة في الإعلام”
وخلال الندوة تلا المستشار الإعلامي للرئيس مرسي شهادة خالد عاشور منسق فريق الخبراء الإعلاميين في الهيئة الاستشارية للرئاسة، والتي كانت تُمثل إحدى غرف صنع القرار في مؤسسة الرئاسة.
وتكشف الشهادة أنه “بلغ فريق الهيئة الاستشارية للرئاسة معلومات مؤكدة بدخول ستة مليارات دولار لصالح خمس قنوات فضائية للعمل ضد الثورة وحكم الثورة”، مشيرة إلى أن “طبيعة نشأة الإعلاميين وصعودهم في عهد مبارك، وممارسات جماعات الضغط، وسخونة أموال الخليج المتدفقة للعمل ضد الثورة كانت أقوى”.
وبحسب شهادة عاشور، “كان للشعب والدولة على حد سواء نصيب متوازن في الإعلام؛ فهو إعلام الشعب وفي قلبه الدولة. وكان للإعلام في رؤية الرئيس مرسي دور عظيم في معركة التنمية من أجل بناء نظام سياسي قائم على التعدد، وتداول السلطة، ونظام اقتصادي قائم على العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، تحقيقا للشراكة الوطنية في السلطة والثروة”.
وقال عاشور في شهادته: “لفهم السياقات المحيطة بإدارة الرئيس مرسي للأمور، أنقل لكم قولا بليغا، يُعبّر بدقة عن التحديات التي كان يوجهها، حيث قال الرئيس مرسي: (كلما رفعت بلاطة في الدولة وجدت تحتها حنش)، وكأن لسان حاله يشتكي من انعدام ظهير القوة الذي يستند إليه في إنفاذ حكمه، فقد كان رحمه الله رئيسا بغير سلطة، وقوات إنفاذ قانون كانت تعمل ضده”.