قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية إن مصر في عهد رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي صارت أرضا خصبة لنظريات المؤامرة، منوهة إلى أن «السيسي مهووس بالمشاريع الكبيرة والفخمة من تفريعة قناة السويس الجديدة إلى العاصمة الجديدة».
وأشارت الصحيفة في مقال لها، الخميس كتبه زميل كبير في مركز الحرية الدينية التابع لمعهد هدسون بالولايات المتحدة، صموئيل تادرس، إلى ماكينة الدعاية المصرية التي زعمت إيجاد علاج لفيروس كورونا المستجد، فضلا عن القصص الغريبة الأخرى التي جاءت من القاهرة.
وفي مقدمة مقاله، قال تادرس إنه شاهد على حسابه في تطبيق واتس آب رسالة غريبة من القاهرة تقول إن «مصر تنتصر على نظرية المؤامرة وتقوم بحماية العالم»، وجاء في الرسالة أن فيروس كوفيد-19 هو جزء من المؤامرة الغريبة، إلا أن جهاز المخابرات المصرية كشف المؤامرة ونجح في تحييدها.
وذكر كاتب الرسالة المجهولة أن وزيرة الصحة المصرية زارت الصين وإيطاليا الدولتين الصديقتين لمصر، كي تقدم لهما الدواء الذي اكتشفه علماء مصر لهزيمة فيروس كورونا، وذلك رغم مناشدة الرئيس الأميركي ترامب لمصر كي تساعده. ويقول كاتب الرسالة إن مصر أكدت مرة أخرى قيادتها للعالم وأحبطت المؤامرة.
وتعليقا على الرسالة، قال كاتب المقال إن «مصر ليست غريبة على نظريات المؤامرة؛ فهي والشرق الأوسط، كانت لعقود مرتعا وبؤرة مهمة لنظريات منذ هجمات 11 سبتمبر حتى الأزمة المالية العالمية عام 2008، إلى ظهور تنظيم داعش. وعلى مدى العقد الماضي ضخمت منافذ الدعاية باللغة العربية في روسيا وإيران هذه الروايات، التي عادة تكون بمسحة قوية مناهضة للولايات المتحدة ومعادية للغرب».
واستدرك: «إلا أن النظريات في المرحلة الأخيرة باتت تأخذ بُعدا مصريا، وهي أن القوى المظلمة تقوم باستهداف الدور القيادي لمصر في الشرق الأوسط والعالم، ونجاح القاهرة بهزيمتها وتأكيد دورها القيادي. وهذا مرتبط بالدولة وحنينها مع الشعب للفخار الوطني».
واستطرد تادرس قائلا: «منذ وصول السيسي إلى السلطة عام 2013 عبر انقلاب عسكري قام بمزج هذه العناصر والسرديات التي تقوم على المؤامرة الغربية وساعدته الآلة الإعلامية التي سيطر عليها، وعادة ما توصف هذه بحروب الجيل الرابع، وهو تعبير استخدمه السيسي في واحد من خطاباته للجيش، حيث قصد بهذه الحرب المناخ الإعلامي المفتوح ومنظمات المجتمع المدني التي ورثها بعد وصوله إلى الحكم، ومنح كوفيد-19 آلة الدعاية الحكومية موادا غنية».
وتابع: «كان يمكن صرف هذه الأفكار واعتبارها أشكالا من الهذيان والأمراض النفسية لولا المشاركة الفاعلة لأجهزة وشخصيات مصرية، تبدأ من السيسي نفسه، مرورا بوزراء حكومته، وموظّفي الإفتاء والأوقاف، وصولا إلى الشخصيات الإعلامية والرياضية المحسوبة على النظام، بشكل يجعل المتابعين للوضع المصري يلاحظون أن هذه النظرية صارت جزءا من نسيج السياسة والدعاية الرسمية المصريين».
وسخر الكاتب بقوله: «عادة ما يركز دعاة حقوق الإنسان ونقاد مصر على سجلها الفقير والقمع للناشطين، لكن ما لا يلتفتون إليه هو الدور النشط في مواجهة نظريات المؤامرة والسرد المضاد والمتخيل الذي يتحدث عن نجاح الدولة في مواجهتها. ومنذ سنوات عدة قام إعلام الدولة بضخ الكثير من انتصارات مصر منها قصة في عام 2013 عن مواجهة متخيلة بين القوات المصرية والأسطول الأمريكي السادس واعتقال قائده».
وأكمل: «بعد عام دعمت الدولة جنرالا تحدث عن علاج مصري للإيدز، قصة لا تصدق. وحتى الماضي لن يكن بمأمن من نظريات المؤامرة ففي معرض نظمه الجيش المصري عام 2015 قدم فكرة أن انتصار الحلفاء لم يكن ممكنا بدون مشاركة الجيش المصري، الذي لم يشارك في الحقيقة بالحرب. ولكن نظريات المؤامرة تقتضي عادة مشاركة وجمهورا مستعدا للاستماع لها وتصديقها».
ولفت المقال إلى أن «الواقع المحزن يقول إن المصريين مستعدين للمشاركة هذه الحكايات الغريبة. وفي الحقيقة لم تكن الدعاية الرسمية لتنجح لولا استعداد المصريين التخلي عن العقلانية والعيش في عالم مركزه مصر المنتصرة على الأعداء».
وأشارت إلى أن السيسي مثل فراعنة مصر القدماء؛ فهو مهووس بالمشاريع الكبيرة والفخمة من تفريعة قناة السويس الجديدة إلى العاصمة الجديدة. والسيسي ليس سببا في مشاكل بلاده، ولكنه عرض من أعراضها”.