حذر حقوقيون من توسع السلطات المصرية في تنفيذ عقوبة «التغريب» ضد المعتقلين السياسيين بمختلف السجون والمعتقلات، مؤكدين أن الأيام الماضية شهدت زيادة بأعداد المعتقلين الذين تم تغريبهم من سجونهم لسجون أخرى، لتضامنهم مع الرئيس المصري الراحل محمد مرسي.
وحسب الحقوقيين الذين تحدثوا لـ«عربي21»، فإن الأيام التي تلت وفاة مرسي شهدت إضرابات بعدد من السجون، وهو ما ردت عليه السلطات الأمنية بتغريب ما لا يقل عن 80 معتقلا بسجون مختلفة لسجون أخرى، وهو ما يمثل عقوبة مغلفة بمواد القانون، ولكنها في الوقت نفسه تعد أحد طرق الموت البطيء الذي يحدث بالسجون المصرية.
وتعطي لائحة السجون الحق للمسؤولين، بتطبيق عقوبة التغريب بحق السجناء من خلال مواد فضفاضة، ووفق تقديرات شخصية لضباط السجن، وجعلت مصطلح «إثارة الشغب»، عنوانا عريضا يتم استغلاله ضد المعتقلين السياسيين بشكل موسع.
وجاءت استغاثة أطلقها عدد من المعتقلين بسجن برج العرب بمحافظة الإسكندرية، تم تغريبهم لسجن الوادي الجديد بالصحراء الغربية بالقرب من الحدود الليبية، في شهر مايو الماضي، حيث أكد المعتقلون أنه تم إيداعهم بعنبر الإيراد، وهو المكان المخصص في السجن لاستقبال السجناء الجنائيين الجدد.
وكشفت الاستغاثة أنه تم منع الزيارة عنهم بشكل كامل، أما طعامهم اليومي فكان قاصرا على ثلاثة أرغفة خبز و50 غراما جبنا، ويسمح لهم بالمياه لمدة ساعة واحدة فقط في اليوم، كما منعت عنهم إدارة سجن الوادي الجديد، البطاطين والملابس الداخلية، وأدوات النظافة الشخصية، والأدوية الدورية للأمراض المزمنة مثل أدوية السكر والضغط والقلب والكلى والكبد، بحجة أنهم معاقبون.
ويؤكد مقربون من أسرة الصحفي السكندري المعتقل محمد مدني، أنه كان معتقلا بسجن برج العرب بمحافظة الإسكندرية، وبعد أزمة حدثت بين إدارة السجن والمعتقلين نتيجة الاعتداء على عدد منهم، وتم تغريب ما لا يقل عن 250 معتقلا لسجون المنيا وجمصة والوادي الجديد.
وحسب المصادر فإن مدني، كان ضمن المجموعة التي تم ترحيلها لسجن الوادي الجديد، الذي يبعد عن موطنه بمحافظة الإسكندرية أكثر من 900 كم، ما جعل زوجته تكتب عبر صفحتها بموقع «فيسبوك»: «حسبنا الله ونعم الوكيل، محمد اتغرب لسجن الوادي الجديد اللى هو فين ده (أين يوجد مكانه) أنا ماعرفش (لا أدري)».
Publiée par قصص المعتقلين بمصر sur Vendredi 5 avril 2019
وقد عانت أسرة مدني مثل غيرها من الأسر، في الحصول على تصريح لزيارة ذويهم، وهي الزيارة التي كانت تستغرق خمسة أيام، اثنين في الذهاب للوادي الجديد، واثنين في العودة للإسكندرية، ويوما للزيارة نفسها التي لم تكن تستغرق سوى 5 دقائق فقط.
ويضيف الحقوقي المهتم بقضايا المعتقلين أحمد عبد الباقي، أن سلطات السجون المصرية، قامت بتغريب عدد من المعتقلين بسجون طرة تحقيق والاستقبال بمجمع سجون طرة (جنوب القاهرة)، لسجن المنيا العمومي الذي يبعد عن القاهرة أكثر من 400 كم، بسبب دعوتهم للإضراب عن الطعام ردا على الإهمال الطبي الذي تعرض له الرئيس الراحل محمد مرسي، ما أدى لوفاته.
ويؤكد عبد الباقي أن مسؤولي السجون قاموا بتهديد عدد من قيادات الإخوان المسلمين المعتقلين، بتغريبهم لسجن الوادي الجديد، إذا تمت الاستجابة لهذه الدعوات، وأخبرهم مسؤولو السجن أن التغريب سوف يقضي على حياتهم، دون أن يتعرضوا لأي مساءلة قانونية.
ويوضح عبد الباقي أن التغريب لسجن مثل الوادي الجديد يمثل خطورة على كبار السن، لأنه سيتم ترحيلهم لمسافة 900 كم في سيارة ترحيلات لا تصلح للاستخدام الآدمي، ما يعرضهم للاختناق نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، وغياب التجهيزات عن السيارة نفسها، بالإضافة لكسور العظام، وهي الرحلة التي يمكن أن تتكرر في الشهر مرة أو مرتين أو ثلاثة، إذا كان المعتقل يحاكم على ذمة أحد القضايا بمقر محكمة معهد أمناء الشرطة بسجن طرة في القاهرة.
من جانبه، يؤكد رئيس اللجنة القانونية لحزب الحرية والعدالة مختار العشري، أن القيادي الإخواني محمد البلتاجي، قدم بلاغا رسميا عن تلقيه تهديدات من رئيس مصلحة السجون الأسبق حسن السوهاجي، بقتله بالبطيء هو وعدد من القيادات الأخرى، مثل أسامة ياسين وعصام الحداد وعصام العريان، من خلال نقلهم لسجن الوادي الجديد.
بسبب الحبس الانفرادي والإهمال الطبي..آلاف المعتقلين يواجهون مصير الرئيس الراحل #محمد_مرسي..من ينقذهم من الموت؟
Publiée par شبكة رصد sur Mercredi 19 juin 2019
وحسب شكوي البلتاجي التي أشار إليها العشري، فإن السوهاجي، أوضح لهم أنهم لن يتحملوا ذهابهم للوادي الجديد وعودتهم للقاهرة لحضور الجلسات أكثر من أسبوع واحد، وسوف يكونون ضمن الموتى، ولن يستطيع أحد أن يحاسبه لأن لم يخالف القانون، وإنما طبق لائحة السجون التي تسمح له بتغريب الشخصيات المثيرة للشغب.
ويضيف العشري قائلا: «الأمن المصري يتفنن في الطرق الجهنمية للتخلص من خصومه السياسيين، وكما يعتمد على سياسة الإخفاء القسري والتصفيات الجسدية، فإن لديه طرقا قانونية أيضا لقتل معارضيه دون مساءلة، كما حدث مع الرئيس الراحل محمد مرسي، ويحدث الآن مع آلاف المعتقلين من مختلف التيارات السياسية».