تلتزم الدولة باتخاذ التدابير التي ترسخ مساواة المرأة مع الرجل في مجالات الحياة السياسية والاجتماعية وسائر المجالات الأخرى دون إخلال بأحكام الشريعة هذا هو نص المادة «68», التي وضعته الجمعية التأسيسية وتسببت في خلاف واسع بين التيار الإسلامي وجمعيات الدفاع عن حقوق المرأة؛ حيث المرأة كافحت كثيرا لكي تصل إلى ما وصلت إليه الآن, فنصيب المرأة من مواد الدستور قليل للغاية من «231» مادة ولا يتناسب مع حجم المرأة في المجتمع، فهل المواد الخاصة بالحريات وما يتعلق منها بالمرأة سيعمل على الحفاظ على ما وصلت له المرأة من مكانة في المجتمع أم سيسلبها هذه الحقوق وتضيع بين ما يسمى أحكام ومبادئ الشريعة؟.
المادة «68» أساس في التأسيسية
قالت "نهاد أبو القمصان" – المحامية ورئيس المركز القومي لحقوق المرأة -: إن ما قامت به المرأة المصرية فيما يتعلق بعدد من الموضوعات ومنها الجمعية التأسيسية مبهر بكل المقاييس فما حدث من ضغط من قبل العديد من جمعيات حقوق المرأة بشأن المادة (68) والخاصة بالمساواة بين الرجل والمرأة يدل على الدور الكبير للمرأة مشيرة إلى أن المرأة المصرية "أصبحت كاملة", ولا تحتاج إلى من يعولها أو يعطف عليها فالجماعات الإسلامية التي تسيطر على الغالبية في الجمعية التأسيسية تنظر للحركات النسائية على أنها حركات مبعثرة ولكن هذه الحركات تعمل معا بشكل متكامل.
وأضافت: إنّ المادة «68» هي رمانة الميزان في اللجنة التأسيسية ويجب علينا ألا نظل صامتات أمام الوضع المهين للمرأة في الدستور, كما يجب علينا أن نقوم بتوعية المواطنين البسطاء بقضايا المرأة, وماذا يعني الدستور عن طريق النزول لهم على أرض الواقع وعن طريق العمل الميداني؟ فالدستور الجديد الذي ستخرجه هذه اللجنة التأسيسية المعيبة سيجعل الشعب المصري مخزون بشري لفئة من الأغنياء. مؤكدة أنهم ليس لديهم معركة دينية وهذه معركة مفتعلة وما يحدث الآن هو ابتزاز جماعي للشعب المصري, فالدستور الجديد لا يوجد به ما يكفل حقوق المواطنين في التعليم أو العلاج.
وضع المرأة بالدستور يعود بها مليون سنة للوراء
وأضافت "فتحية العسال" – عضو بالجبهة المصرية لنساء مصر -: إن وضع المرأة بالدستور يعود بالمرأة المصرية مليون سنة للوراء قائلة: إنهن كافحن كثيرا كي تصل المرأة إلى ما وصلت له الآن, فالنص على المساواة بين الرجل والمرأة بما يخالف شرع الله هو نص فضفاض, وبالتالي سيكون ختان الإناث متاحا وتعدد الزوجات, مؤكدة على رفضها التعامل مع المرأة على أنها مجرد جسد وعن رد فعلهم كجبهة نساء مصر على تدني تمثيل المرأة بالجمعية التأسيسية برفع دعوة ضد الرئيس مرسي والجمعية التأسيسية؛ لأن المرأة ليس لها دور بالجمعية التأسيسية؛ حيث إن من يمثل المرأة بها من الجماعات الإسلامية مؤكدة أنها مع الدولة المدنية وترفض الدولة الدينية.
مصطلح بما لا يخالف شرع الله فضفاض
ومن جانبه أضاف "حسام عيسى" – أستاذ قانون -: إن إضافة مصطلح «بما لا يخالف شرع الله» إلى المادة (68) هو مصطلح فضفاض؛ حيث الشريعة الإسلامية تمثلها مذاهب عديدة وآراء مختلفة من صنع البشر, وهذا يجعل المرأة خاضعة لهذه التفسيرات العديدة والمختلفة, مؤكدا على رفضه لهذا النص والاحتكام إلى مبادئ الشريعة وليس إلى أحكام الشريعة؛ لأن مبادئ الشريعة نابعة من القرآن الكريم وأكثر تحديدا ووضوحا من أحكام الشريعة.
المرأة المصرية تشعر بالخطر
كما تساءلت "إيناس مكاوي" -إحدى عضوات جمعية جبهة نساء مصر-: أين العدل في تقليص حقوق المرأة؟؟ مؤكدة أن المرأة المصرية مهانة بكل الأشكال فالمواد التي تخص المرأة والموضوعة في مشروع الدستور الجديد لن تجعل المرأة تستطيع الخروج للعمل بعد عام أو عامين من الآن, فالمرأة المصرية تشعر بالخطر قائلة: "لماذا نتعجب من المواد التي تخص المرأة بالدستور الجديد, فمعظم النساء اللائي شاركن في الجمعية التأسيسية من التيار الإسلامي.
المادة «68» لا يوجد عليها جدل
كما قال "صبحي صالح" – عضو بالجمعية التأسيسية لصياغة الدستور -: إن المادة «68» ليس عليها جدل, فهذه المادة كانت موجودة بدستور «71» واصفا من يثير الجدل حول هذه المادة يثير أزمات ومشاكل بدون أي داع مطالبا بعدم التدخل في أحكام القضاء.
حقوق المرأة في الدستور غير واضحة
وفي سياق متصل قال "فؤاد عبد المنعم رياض" – أستاذ القانون بجامعة القاهرة واحد المنسحبين من الجمعية التأسيسية -: إن لا أحد يعلم شيئا عن حقوق المرأة والأقباط في الدستور؛ لأنهم لم يمثلوا بنسبة كبيرة في اللجنة القائمة على صياغة الدستور, مشيرا إلى أن مواد الدستور الحالية لا تتفق إطلاقا مع الواقع وروح العصر.
المرأة تعاني من ضياع حقوقها
واتفق معه في الرأي "جابر نصار" – أستاذ القانون العام بكلية الحقوق جامعة القاهرة – قائلا: إن المرأة في المجتمع تعاني من ضياع حقوقها, ولذلك لا بد من وجود مادة في الدستور تمنحها حقوقها كاملة وتجرم الاتجار بالنساء مستنكرا ما تدعو إليه بعض التيارات من زواج للفتيات مبكرا بقوله: "ولما يتم زواج الفتيات مبكرا وهناك العديد من الفتيات اللائي تجاوزن الثلاثين ولم تتزوج حتى الآن".
مشيرا أن هناك إشكالية كبيرة في الفهم والتصورات, فالذهن مملوء بالقيود وغير متفتح على الحريات لن ينتج دستور وطني توافقي وهو من شأنه أن يعرقل حركة التغيير في البلاد ويعود بها للوراء.
الحريات مباحة ولكن بضوابط
وعن رأي الجبهة السلفية في المادة «68», وسبب الخلاف عليها أكد "هشام جمال" – المتحدث الرسمي للجماعة السلفية -: إنه لا يرفض الحريات ولكن لا بد أن تكون هذه الحريات مرتبطة بما لا يخالف شرع الله, فالحريات مشروعة ولكن ليست مطلقة, كما يحدث في الغرب فالرجل والمرأة متساوون في الحقوق والواجبات, مشيرا لعدم رفضه الاختلاط بين الرجل والمرأة بشرط وجود ضوابط لهذا الاختلاط كأن يكون هناك محرم مع المرأة إذا اضطرت للخروج رافضا الاختلاط غير المبرر في الجامعات والأعمال المختلفة, موضحا أن خروج المرأة يكون إما لقضاء حاجة أو لبناء المجتمع, ودعا إلى وجود دعوات للتوعية الدينية تواجه دعوات السفور والتبرج من بعض التيارات العلمانية والليبرالية.