في أي مجتمع يُريد أن ينهض، تُشكل النُخبة دائماً قدراً كبيراً من وعيه، حيث تتجه الأنظار إلى هذه النُخبة تنتظر آرائهم في الملمات والمواقف الحاسمة لاسيما وإن كانت هذه النُخبة تمتلك الطرق السهلة للوصول بآرائها للمجتمع عبر اللقاءات والندوات والمؤتمرات والنوافذ الإعلامية المختلفة.
وهذه النُخبة حين تكون "نُخبة حقيقية" تُمثِّل حصناً حصيناً عالياً باطنه من الداخل التوجيه والتقويم وظاهره من الخارج الدفاع عن العقيدة والمقدسات والقيم والأخلاق، وكذلك الحفاظ على المُجتمع من أي فكر هدام أو طرح أخرق.
أما عندما تكون هذه النُخبة هي من تصف وتفرض نفسها بأنها النُخبة، وتظن دائماً أنها تملك وصاية على الناس رغماً عنهم، وعند المواقف الحاسمة يعلنون بأفعالهم قبل أقوالهم أنهم لن يكونوا إلا معاول هدم في مجتمعاتهم من الداخل ولن يكونوا حصوناً إلا "حصوناً مُثقبة" تمرر كل معتدي سَافِر على عقائد وقيم وأخلاق مجتمعهم وتُشجع قوله وفعله، وتُلهي الناس عن بشاعة ذاك المعتدي وبشاعة مخططه، متهمين في طريقهم أبناء مجتمعهم الذين يُمثلون لَبِنات "الحصن الحقيقي" أنهم سيُضيِّعون البلاد والعباد.
وجنود "الحصون المُثْقَبة" نجدهم في كل مجال، بل من عجيب أمرهم أن الواحد منهم يتكلم في غير فنه وتخصصه ليخدم كونه من المساهمين في شركة "الحصون المُثقبة" فتجد أحدهم اقتصادي ناجح إلا أنه يخوض باقتحام عالم السياسة مُنفقاً كل ما يستطيع أن يُنفقه لتحقيق "ثُقبه" في الحصن، وتجد ثانٍ كان يُعرف بأنه صحفي فلما لم يفلح أن يكون كذلك انطلق يريد أن يركب سهماً للزعامة ليُسيطر على مجتمعه ليمثل دون أن يشعر "ثقباً بالحجم الكبير" في الحصن!
وثالث يترأس تحرير صحيفة اسمها ليس له أي علاقة بمحتواها، ما كان تعليقه على الفيلم المسيء الذي أنتجه أقباط المهجر إلا أن قال: "أن الرسول لا يحمل الجنسية المصرية"! ويقول كلما حانت الفرصة في الحديث عن الحجاب: "ما زاد التحرش إلا لما زاد الحجاب" ثم يُعد أمثاله أنهم "النخبة" فبأي معايير يُفْرَضون على الناس أنهم النُخبة!
ورابع وخامس وسادس وكثير من هم على شاكلة من ذكرتهم لن نجدهم إلا لَبِنات "لحصون مُثقبة" يُرجى من الله في عهد ما بعد ثورة يناير أن تُرَمم تلك الحصون عن طريق إصلاح التلفيات التي تسببوا فيها وإقامة "حصون حقيقية" بنخبة حقيقية تقوم بدورها المطلوب من توجيه داخلي، ودفاعٍ خارجي لتنهض مصرنا الحبيبة.