تحتل مصر المرتبة الأولى عالميًا في ظاهرة التصحر بحسب ما أعلنته في يونيو لعام 2011 السكرتارية التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة ظاهرة التصحر التي تحدث بسبب مجموعة من العوامل الجيولوجيّة، والبيولوجيّة، والبشريّة، والمناخيّة المؤدّية إلى تدهور المقومات الفيزيائيّة، والكيميائيّة، والبيولوجيّة للأرض في المناطق القاحلة وشبه القاحلة، ما يؤدّي إلى التأثير على التنوّع البيئيّ والمجموعات البشرية وفق دليل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «FAO» الصادر في يونيو لعام 2010.
وتنقسم الأماكن الأكثر تصحرًا والمهددة بالتصحر في مصر إلى 4 أقاليم، لكل منها أسبابه الخاصة، بحسب ما نقله موقع «العربي الجديد»، عن تقرير المناطق الأكثر تصحرًا وتدهورًا في مصر، والمعد من قبل مركز بحوث الصحراء التابع لوزارة الزراعة في عام 2018، والذي حدد إقليم الساحل الشمالي في مقدمة تلك المناطق، ويضم كلا من: منطقة الحمام وبرج العرب بالإسكندرية ومرسى مطروح ومنطقة أبيس وسهل الطينة. ويعاني الإقليم تدهورا شديدا للغاية وتصحرا نتيجة تملح الأراضي وارتفاع مستوى المياه الأرضي ويليه إقليم دلتا النيل والوادي ويضم: كفر الشيخ ورشيد ودمنهور وبني سويف وسوهاج والمنيا.
وبسبب التملح، وارتفاع مستوى المياه الأرضية، والبناء على الأراضي الزراعية تدهورت أراضي هذا الإقليم وتعرضت للتصحر وفق التقرير المرسل إلى مكتب الأمم المتحدة لمكافحة التصحر العام الماضي، والذي جاء فيه أن أسباب التصحر في إقليم الصحراء الغربية، ويضم: الفيوم والواحة البحرية وواحة الفرافرة وبعض المناطق المحدودة بالوادي الجديد، ترجع إلى التملح وارتفاع مستوى المياه الأرضي، بينما تدهورت الأراضي في إقليم الصحراء الشرقية وسيناء ويضم: الغردقة والعريش وشرق القنطرة وحلايب وشلاتين وأبو رما، نتيجة أسباب طبيعية بيئية ومنها الانجراف بالمياه نتيجة السيول أو الرياح.
ونتيجة لتدهور الأراضي في تلك المناطق ودخولها ضمن حيز التصحر، خسرت مصر 2 مليون فدان في شمال وشرق الدلتا، بحسب إفادة رئيس مركز بحوث الصحراء التابع لوزارة الزراعة المصرية الدكتور رأفت خضر والذي قال لـ«العربي الجديد»: «التوسع العمراني وتملح الأراضي الزراعية والتلوث واستنفاد خصوبة التربة والتدهور الفيزيائي للأرض وانجراف التربة والكثبان الرملية، تؤدي إلى خسارة مصر سنوياً 30 ألف فدان من أجود الأراضي الزراعية والقابلة للزراعة».
وتعاني أراضي الزراعة المروية في الوادي والدلتا من آثار جانبية للري؛ بسبب عدم وجود نظام فعال للصرف، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع المياه الجوفية، وتراكم الأملاح، ما يقلل من إنتاجيتها وفق ما جاء في دراسة «واقع تغير المناخ والتصحر في مصر» التي أعدها الدكتور علي عبد الرحمن علي رئيس الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة. وبحسب الدراسة، إن أراضي الواحات والمناطق الغربية من«شمال سيناء، والمنيا، وأسيوط، والشاطئ الغربي من بحيرة ناصر» تعاني من التصحر، نتيجة لغزو الكثبان الرملية، ناهيك بمخاطر تصحر أخرى على الأراضي المروية، ومنها استنزاف رصيد عناصر غذاء النبات بها لتوالي زراعتها بمحاصيل مجهدة وتلويثها ببقايا المبيدات ومخلفات المصانع والصرف الصحي وتدهور خصوبة التربة.
ويزيد من مشكلات تراكم المياه والأملاح في الأراضي عوامل أخرى، منها انخفاض منسوب أراضي المنطقة بالنسبة للأراضي المجاورة، وارتفاع تركيز الأملاح في مياه الري، أو ارتفاع منسوب المياه الجوفية إلى الحد الحرج، وتزداد الملوحة والصودية في مناطق الأطراف الشمالية للدلتا «محافظة كفر الشيخ» لانخفاض منسوبها من جهة، وانخفاض جودة ونوعية مياه الري من جهة أخرى، كما ينتشر هذا التصحر في واحات الصحراء الغربية خاصة واحة سيوة، نظرا للإسراف الشديد في الري، دون وجود نظم للصرف وفقا لدراسة واقع تغير المناخ والتصحر في مصر، التي حصلت «العربي الجديد» على نسخة منها.