نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية تقريرا موسعا تناولت فيه قضية الطبيب الأميركي من أصل سعودي وليد فتيحي المعتقل في السجون السعودية دون محاكمة.
ولفتت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته «عربي21» إلى أن نجل فتيحي تحدث أمام لجنة في الكونجرس عن الظروف التي يعتقل فيها والده لإقناع المجلس بتبني قضية والده.
وتاليا نص التقرير كاملا:
انتظر أحمد فتيحي أكثر من عام أملاً في أن تطلق المملكة العربية السعودية سراح والده، الطبيب الذي حصل على مؤهلاته الطبية من جامعة هارفارد ويحمل الجنسيتين السعودية والأميركية، والذي ما زال يحتجز في سجن سعودي دن توجيه تهم له ودون محاكمة.
وكانت الحكومة السعودية قد جردت والدة أحمد فتيحي وستة من أشقائه من جوازات سفرهم الأميركية وحظرت عليهم مغادرة المملكة وجمدت أملاكهم، كما قال في مقابلة أجريت معه مؤخراً.
ويذكر أنه بينما كان الأب، وليد فتيحي، خارج السجن في إخلاء سبيل مؤقت ليزور أحد أولاده بعد عملية جراحية أجريت له، أخبر صديقاً له وأحد أفراد عائلته بأنه تعرض لجلسات تعذيب بما في ذلك الصعق بالكهرباء والجلد.
وفي الشهر الماضي وصل أحمد فتيحي البالغ من العمر ستة وعشرين عاماً إلى واشنطن حيث تعزز الجهود التي بذلها لإقناع الكونجرس بتبني قضية والده، المصاعب التي تواجهها جهود إدارة ترامب خلال سعيها لإعادة العلاقات مع الرياض إلى وضعها الطبيعي.
يأتي ذلك بينما تستمر المملكة العربية السعودية في نضالها من أجل تجاوز رد الفعل من قبل الحزبين داخل الكونجرس على قتل المعارض جمال خاشقجي، الكاتب السعودي في صحيفة الواشنطن بوست والذي كان مقيماً في الولايات المتحدة، والذي استدرج إلى القنصلية السعودية في إسطنبول حيث قام عملاء للحكومة السعودية بقتله وتقطيع أوصاله.
أثمرت جهود السيد فتيحي موجة من النقد الموجه للمملكة العربية السعودية من قبل الحزبين الأميركيين. ولقد أصدر رئيس لجنة الشؤون الخارجية الديمقراطي في مجلس النواب بالاشتراك مع الشخصية الجمهورية الأبرز في اللجنة بياناً مشتركاً نادراً نددا فيه بالمعاملة التي يلقاها الدكتور فتيحي وطالبا بالإفراج عنه.
وخلال جلسة استماع عقدت الأسبوع الماضي للجنرال المتقاعد جون أبي زيد، مرشح الرئيس ترامب لمنصب سفير الولايات المتحدة إلى الرياض، أثار شيوخ من الحزبين قضية الدكتور فتيحي مراراً وتكراراً، بل وشن السيناتور ماركو روبيو، الجمهوري من ولاية فلوريدا، هجوماً على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قائلاً إنه «يتصرف كرئيس لعصابة إجرامية».
لديه تاريخ طبي مع الصرع والمرض النفسي..الديلي ميل : محمد بن سلمان هو صدام حسين صغير
Publiée par شبكة رصد sur Mardi 23 octobre 2018
من المتوقع أن يشارك السيد فتيحي يوم الخميس ولأول مرة في مؤتمر صحفي مفتوح مع السيناتور باتريك ليهي من فيرمونت، وهي الشخصية الديمقراطية الأبرز في لجنة الشيوخ للمخصصات ليتحدث عن مزاعم التعذيب.
وما زال المسؤولون السعوديون ينكرون إساءة معاملة المعتقلين، إلا أن ناطقاً باسم السفارة السعودية في واشنطن رفض الرد على أسئلة وجهت له حول المعاملة التي يتعرض لها الدكتور فتيحي وأفراد عائلته.
وربما كان السيد فتيحي الشخص المناسب لمخاطبة الرأي العام الأميركي نيابة عن والده، فقد ولد في بوسطن، وعاش هناك حتى سن العاشرة، ثم عاد فيما بعد للدراسة في جامعة ميامي، ويعيش الآن في لوس أنجلوس. ومع أن عائلته تعيش الآن في جدة في المملكة العربية السعودية إلا أن السيد فتيحي قضى أكثر من نصف حياته في الولايات المتحدة.
وكان والده البالغ من العمر أربعة وخمسين عاماً قد أسس مستشفى خاصاً في جدة وغدا متحداً ذائع الصيت في مجال تحفيز الشباب وتنشيطهم. وكان من ضمن ما يزيد على مائتي ثري سعودي ألقي القبض عليهم في شهر نوفمبر من عام 2017 في حملة اعتقالات صورت في حينه على أنها حرب على الفساد. إلا أن السيد فتيحي يقول إن والده أخبر العائلة بأنه لا علم له بأي مزاعم أو أدلة موجهة ضده.
يقول ابنه عن ذلك: «لا يوجد أي سبب يذكر».
معظم الأشخاص الآخرين الذين اعتقلوا حينها مع الدكتور فتيحي تم إطلاق سراحهم، إلا أن فتيحي الابن يقول إن المعتقلين السابقين وعائلاتهم يخشون من التحدث لأي شخص، وتعتقد عائلته بأن السلطات حذرت أولئك وأمرتهم بتجنب أي تواصل فيما بينهم، كشرط من شروط إخلاء سبيلهم. وقال: «الجميع يعيشون داخل فقاعة».
وقال السيد فتيحي إنه كان في زيارة إلى مكتب والده الطبي في جدة عندما جاءت مجموعة من عناصر الأمن في ملابس مدنية لجلب الطبيب. وقال الابن إنه حصل على إذن خاص من السلطات السعودية لمغادرة المملكة في العام الماضي لكي يتابع أوضاع ممتلكات العائلة في الخارج، نظراً لأنه تم تجميد أموالهم داخل المملكة.
معظم المعلومات التي وردت للعائلة حول الدكتور فتيحي منذ إلقاء القبض عليه – بما في ذلك المعلومات عن تعرضه للتعذيب – جاءت من الأيام القليلة في يناير 2018 عندما سمح له بالخروج من السجن لزيارة أحد أبنائه في المستشفى بعد إجرائه عملية جراحية. حينها كان الدكتور فتيحي «نصف حجمه وشديد التأثر عاطفياً»، حسبما قال ابنه السيد فتيحي.
في البداية كانت تأمل العائلة في أن تأمر السلطات السعودية سريعاً من ذات نفسها بإخلاء سبيل الدكتور فتيحي، أو في أن تفلح المناشدات التي كانت تجري من وراء الكواليس في ضمان إطلاق سراحه.
ولكن يبدو أن المناشدات الأخيرة التي وجهت إلى وزارة الخارجية وإلى الكونجرس بدأت تؤتي أكلها وتثمر بعض التحسن، كما قال الابن. في السابق سُمح للدكتور فتيحي بزيارتين فقط من قبل مسؤولين في القنصلية الأميركية، وفقط بعد أن أمضى عاماً واحداً داخل السجن. أما في الأسابيع الخمسة الماضية فقد سمح للدكتور فتيحي بثلاث زيارات أخرى، وإن كانت جميعها تخضع للمراقبة الصارمة، كما يقول السيد فتيحي.
وأضاف السيد فتيحي: «يقيم الآن في زنزانة أكبر قليلاً ويسمح له بعمل بعض التمرينات».
وكانت هناك مفاجآت..
قبل ما يقرب من أسبوعين، كما يقول السيد فتيحي، فوجئت العائلة بالدكتور فتيحي يدق باب منزلها، وقد جره إلى هناك والأصفاد في رجليه مجموعة من الجنود المدججين بالبنادق الآلية، وطلبوا منه أن يدلهم على كل جهاز كمبيوتر داخل البيت.
يقول الابن: «قال لهم: لا أتذكر شيئاً، فأنا لم آت إلى هنا منذ ما يزيد على السنة».
في تلك الأثناء كانت زوجة الدكتور فتيحي وأطفالها يراقبون المشهد وأعينهم تفيض من الدمع.
كان البحث غاية في الغرابة، حيث إنه أتي به بعد أكثر من عام من اعتقاله، وكان بإمكان الجنود تفتيش المكان بدقة متناهية دون الحاجة إلى وجود الدكتور فتيحي برفقتهم. يقول ابنه إن المقصود من ذلك كان ترهيب العائلة وحملها على التخلي عن جهودها للضغط على السياسيين في واشنطن.