كشف إعلاميون وسياسيون مصريون عن صدور تعليمات لوسائل الإعلام بتقليل الحديث عن التعديلات الدستورية، المزمع الاستفتاء عليها قبل مايو المقبل، رغم أن الفترة الراهنة مخصصة لإجراء النقاشات حول التعديلات، سواء بالبرلمان أو بوسائل الإعلام.
ورصد المختصون الذين تحدثوا لـ«عربي21» عدة ملفات اهتم بها الإعلام، على حساب التعديلات الدستورية، مثل تصريحات شيخ الأزهر أحمد الطيب عن تعدد الزوجات، ثم أزمات الدوري المصري، وأخيرا حوادث الطرق التي شهدتها مصر خلال الأيام الماضية.
ووفقا للجدول الزمني الذي أعلنه رئيس مجلس النواب علي عبد العال، في 18 فبراير الماضي، فإن الفترة من 20 فبراير الماضي، وحتى 20 مارس الجاري، مخصصة لتلقي الاقتراحات والملاحظات من الجهات والمؤسسات المختلفة، والمواطنين، على التعديلات المطروحة.
وحسب الجدول ذاته، فإن اللجنة التشريعية سوف تعقد بعد تلقيها الملاحظات جلسات استماع لمدة أسبوعين، وبحد أدنى ست جلسات، لرجال السياسة، والقانون، والقضاء، والمؤسسات الإعلامية، والجامعات، والمجالس القومية، والنقابات، لاستطلاع آرائهم في التعديلات المطروحة.
رغم تعهده مرات بعدم الترشح مجددا أو تعديل الدستورالسيسي يسعى لتعديل مدة الرئاسة ومرات الترشح في الدستور المصري
Publiée par شبكة رصد sur Mercredi 6 février 2019
ومنح عبد العال اللجنة التشريعية فرصة أسبوعين بعد انتهاء جلسات الاستماع، الأول للتداول في صياغة المواد، والثاني لكتابة التقرير النهائي لعرضه على البرلمان، للموافقة عليها وإرسالها لرئيس الجمهورية، لتحديد موعد الاستفتاء، على ألا تزيد الفترة من يوم وصول طلب تعديل الدستور وحتى وصوله لرئيس الجمهورية على 120 يوما، بالإضافة لشهر آخر منحه الدستور لرئيس الجمهورية، كحد أقصى لطرح التعديلات للاستفتاء الشعبي.
من جانبه، أكد الخبير الإعلامي يحيي عبد الهادي، أن الفترة الراهنة من المفترض أن تكون مخصصة لمناقشة التعديلات الدستورية، بمختلف وسائل الإعلام، خاصة الحكومية الممثلة في الإذاعة والتلفزيون، أو الصحف القومية، وباقي المؤسسات التابعة للمجلس الوطني للإعلام.
ويضيف عبد الهادي أن «الهدف من هذا النقاش هو منح الفرصة للمواطنين والمختصين؛ لمعرفة التعديلات وتكوين آرائهم، وتقديم ملاحظاتهم للجنة التشريعية قبل عقد جلسات الاستماع، خاصة أن المهلة المخصصة لهذا النقاش لا تزيد على شهر، كما أن مدة التعديلات كلها ربما لن تتجاوز الشهرين، لأن الدستور تحدث عن الحد الأقصى وليس الأدنى».
ويوضح عبد الهادي أن ما يحدث يؤكد أن التعديلات تتم في سرية تامة، خاصة أن التعديلات مر على تقديمها للبرلمان قرابة الشهر، ما يجعل المدة المتبقية للنقاش أقل من شهر، أما باقي المدة فهي متعلقة بالإجراءات الإدارية والصياغات.
وكشف الخبير الإعلامي أن وسائل الإعلام المصرية، سواء كانت المملوكة للدولة أو الخاصة، توافقت على سياسة واحدة، وهي عدم الحديث عن التعديلات، ووضعها في ترتيب متوسط بجدول برامجها، والتركيز على قضايا أخرى، في إطار خطة لتقليل التركيز الجماهيري على التعديلات.
ولا يستبعد عبد الهادي أن يكون التوافق الإعلامي على سرية المناقشات الخاصة بالتعديلات الدستورية نتيجة أوامر رئاسية أو أمنية، موضحا: «وسائل الإعلام اعتادت على مثل هذه التدخلات في المواضيع التي يشعر النظام بوجود مشاكل حولها مثل التعديلات الدستورية التي تتحدث عن مدة الرئاسة ووضعية الجيش».
هجوم حاد من نائب برلماني: هذه التعديلات جاءت مفصلة خصيصا لشخص واحد
Publiée par شبكة رصد sur Jeudi 14 février 2019
في إطار متصل، يؤكد الباحث في الشؤون السياسية أحمد الشافعي، أن ملف التعديلات يتم إدارته بطريقة أمنية وليست سياسية، بينما كان يمكن للنظام السياسي أن يجعل من القضية محل نقاش مفتوح، في ظل أن القاعدة الشعبية لن تصوت في النهاية ضد التعديلات أيا كانت، وفق تاريخ الاستفتاءات المصرية.
ويضيف الشافعي أن حرص نظام الانقلاب العسكري برئاسة السيسي على إدارة الملف بشكل أمني يبرهن على عدم ثقته في دعم الشعب لمواقفه، أو قناعته بما يطرحونه من أفكار، ورغم أن طريقهم نحو إقرار التعديلات محدد سلفا، والنتيجة شبه محسومة، إلا أنهم لا يريدون الدخول في مطبات سياسية وجماهيرية، رغم استبعاد تحقيق ذلك.
حملات واسعة على مواقع التواصل لرفض التعديلات الدستورية المرتقبةهل تنجح في منعها؟
Publiée par شبكة رصد sur Lundi 11 février 2019
ويلفت الشافعي النظر إلى أن نظام السيسي لا يريد أن يمنح القوى والأحزاب السياسية المناوئة له أي فرصة للتواجد السياسي والجماهيري، وهو بذلك لا يريد تكرار تجربة التعديلات الدستورية في 2007/ 2008، حيث استغلتها المعارضة وقتها، وخاصة الإخوان المسلمين، بشكل مميز في توحيد جبهة كل القوى المعارضة لمبارك، وكان من نتائجها تشكيل الجمعية الوطنية للتغيير برئاسة محمد البرادعي، ثم ثورة 25 يناير 2011 بعد ذلك.
وينتقد الباحث السياسي موقف القوى المدنية الضعيف والهزيل في معركة التعديلات، مشيرا إلى أنها رفعت «الراية البيضاء» مبكرا، عندما تعرض بعض أعضائها للاعتقال والتهديد، ما جعل الأغلبية يفضلون الصمت التام، والاكتفاء بتعليقات لبعض القيادات بوسائل التواصل الاجتماعي، بما لا يعرضهم للمساءلة القانونية، أو الملاحقات الأمنية.
ويضيف الشافعي قائلا: «في الوقت الذي يجهز النظام للحشد الجماهيري الموجه، من خلال الجمعيات الأهلية والأحزاب الموجودة بالبرلمان، والمحليات، ودواوين المحافظات، والوزارات، والمصانع التابعة للإنتاج الحربي، وكل التجمعات الخاضعة لسيطرة الدولة، فإن الأحزاب اليسارية والمدنية تكتفي بالفرجة، والبكاء على الدستور المستباح».