تحمل ذكرى ثورة يناير من كل عام، ذكريات أحداثها التي حفرت في ذاكرة الملايين ممن عايشوا أحداثها، والذين كانوا شهود عيان على إجرام النظام في التعامل مع تظاهرات المواطنين السلمية.
وتظل ذكرى شهداء الثورة، الذين شكلوا بدمائهم دليلا على دموية النظام وبشاعته في التصدي للثورة، دافعا للكثيرين في مواصلة الحلم، رغم قساوة الواقع، وسيطرة الثورة المضادة.
وقال أحمد فؤاد نجم عن شهداء يناير «الورد اللي فتح في جناين مصر»، شباب في عمر الزهور دفعوا دماءهم ثمنًا وقدموا أرواحهم عن طيب خاطر من أجل أن تعيش مصر في حرية وكرامة إنسانية وعدالة اجتماعية.
في هذه السطور القادمة، نتعرف على بعض شهداء الثورة
مصطفي الصاوي.. بكاه الأطفال
«أنا ذاهب لأستشهد غدًا يا أمي، فكيف تريدين مني عدم النزول للمظاهرة؟!”.. “سأتزوج غدًا من خارج الدنيا بإذن الله”.. تلك كانت آخر كلمات تفوَّه بها الشهيد مصطفى الصاوي، في يوم الخميس 27/1/2011م، قبل استشهاده في جمعة الغضب بـ24 ساعة فقط»!.
الشهيد مصطفى الصاوي، يبلغ من العمر 26 عامًا، وهو خريج كلية التجارة، وهو ابن منطقة العجوزة، ترتيبه الرابع بين إخوته الخمسة.
مصطفى.. إمام مسجد الحصري بالعجوزة، وكان يحفِّظ القرآن لعشرات الأطفال بمنطقتة، وكلما عرض عليه أحدٌ الزواج فى التفترة الأخيرة قبل استشهاده كان يبتسم ويجيبه بأنه سيتزوج قريبًا «من خارج الدنيا”!.
وقال عنه صديقه ومربِّيه وزوج أخته، محمد عبد الرازق: «مصطفى كان حافظًا لكتاب الله بأكمله، وكان يؤمُّ المصلين في رمضان، وفي غيره من الشهور، وكان يحب الإنشاد بصوته الفائق الجمال، وهو من النوع الذي يحدِّد هدفًا واحدًا فقط في فترة محددة، ويسعى إلى إنجازه بكلِّ ما أوتي من قوة، ثم يبدأ في التوجه إلى هدف آخر وهكذا».
وعن لحظة استشهاده يقول أحد اصدقاء مصطفي: «سألت المتظاهرين على مصطفى بعد إصابته علي كوبري قصر النيل، فقالوا إنه في مستشفى «الأنجلو أميركان»، فما إن وصلت وجدت أناسا يقولون لشقيقي لا تتركوا حقه، فجريت إليه وسألته ماذا حدث؟ وحقّ من الذي تتحدثون عنه؟، فقال لي: مصطفى الصاوي استُشهد، وهو أول من استُشهد على كوبري قصر النيل».
وأضاف أن الأطباء في المستشفى أخبروه أن إصبع مصطفى كان على وضع الشهادة منذ ما جاء، وتجمَّد على تلك الحال.
محمد محروس.. رحل بعد خطوبته بأسبوعين
فى حفل صغير لم يشارك فيه سوى عدد من أصدقائه وأسرته، احتفل الشهيد محمد محروس قبل أسبوعين من استشهاده بخطوبته.
محمد مهندس ديكور، 29 عاما، اشتراك فى جمعة الغضب، ودع والدته وخرج من منزله بالحلمية الجديدة ليلتحم مع أعداد كبيرة من المتظاهرين بحثاً عن الحرية، وعن تغيير نظام ثبت قواعد الفساد فى كل مكان، استمر فى التظاهر حتى أدى صلاة المغرب ليصاب بعدها برصاصة تنهى حياته.
وقف الشهيد، يهتف مع الجموع الغفيرة من المتظاهرين: «الشعب يريد إسقاط النظام»، ولكن بعد مغرب ذلك اليوم، بدأ ضباط قسم الدرب الأحمر فى إطلاق الأعيرة النارية، وتلقي محمد رصاصة غادرة استقرت فى جسده فارتقي شهيد.
وقالت والدته: «حسبى الله ونعم الوكيل فى اللى قتل محمد، ابنى كان طيب، لم يضر أحداً من قبل، كان يريد الاشتراك فى المظاهرات ولكننى كنت أمنعه خوفا عليه، وكنت أشعر بأن الموت ينتظره فى الخارج، حاولت منعه ولكن الموت كان أقوى منى».
سالي زهران.. زهرة الشهداء
سالي مجدي زهران، 24 عام، أحد الوجوه الشابة المشاركة في ثورة 25 يناير ، وعرفها الجميع في مصر وخارجها من خلال صورتها التي تحمل ابتسامة أمل ونظرة معبرة محبة إلى الحياة.
سالي زهران من مواليد السادس عشر من أكتوبر لعام 1987 ، طالبة بالفرقة الثالثة بكلية الآداب قسم اللغة الانجليزية بجامعة سوهاج ، تعيش مع أسرتها في شارع الجمهورية بمدينة سوهاج .
استشهدت سالي يوم «جمعة الغضب» 28 يناير2011، حيث شاركت في بداية الثورة مع أصدقائها بسوهاج، وتقول والدتها: «وبعد أحد المكالمات الهاتفية مع صديقاتها ارتدت ملابسها وقالت لي «نفسي أشارك بأي شئ لمصر ،أنا ذاهبة للمشاركة في المظاهرات» ، لم أتمكن من منعها لحماسها الشديد ، وبعد عودتها للمنزل في نفس اليوم كانت في حالة مزرية وملابسها مبللة ووجها أصفر شاحب وتشعر باختناق شديد من تأثير القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه ، لكنها لم تأتِ للمنزل للراحة ، ولكنها جاءت لتبديل ملابسها والنزول مرة أخري لاستئناف رحلتها إلى الحرية وتحرير مصر».
سالي زهران كانت فعالة ومهتمة بالعمل العام والسياسي ، ومهمومة بحال وشئون الوطن مثلها مثل كثرين من أصدقائها الفتيات والشباب مفجري ثورة التحرير ، يقول عنها شقيقها : سالي كانت شابة طموحة ومتمردة على أوضاع البلد ، لا تفكر إلا في كيفية التغيير إلى الأفضل ، وكانت دوماً تفكر في الآخرين .
أما صديقة سالي فقالت : سالي استشهدت فى سوهاج لتلتحق بغيرها من شهداء التحرير والمصريين في كل مكان.