كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، أن طلب السلطات في مصر منع بث مقابلة السيسي، مع قناة CBS الأميركية، يمثل أحدث المؤشرات على عداء الرأي العام المصري لـ “التعاون الخاص” من دولة الاحتلال، ما يسبب احراجا للنظام.
وبحسب تقرير لمراسل الصحيفة في القاهرة، ديفيد كيركباتريك، المقيم حاليا في لندن، فإنه رصد عددا من مظاهر ما وصفه بعداء الرأي العام المصري للتطبيع مع دولة الاحتلال، من بينها تصويت البرلمان في عام 2016، على طرد نائبه “توفيق عكاشة” بتهمة استضافة السفير “الإسرائيلي” على العشاء بمنزله، لدرجة أن أحد زملائه كان غاضبا فقام بإلقاء حذائه في وجهه قبل التصويت على طرده من البرلمان.
وأظهر التقرير، الاختلاف بين الرأي العام الشعبي في مصر والذي يعبر عند العداء الظاهر لدولة الاحتلال، وبين موقف الهيئات العسكرية والاستخباراتية المصرية، التي تعمل عن كثب مع نظيراتها في “إسرائيل” منذ ما يقرب من أربعة عقود، وبالتحديد منذ ما بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد في العام 1978.
وبلغ التعاون بين الجانبين المصري و”الإسرائيلي” درجة كبيرة، خاصة بعد الانقلاب العسكري الذي جاء بوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي الي السلطة في العام 2013.
وكشف التقرير عن ذهاب السيسي في تعاونه مع دولة الاحتلال لأبعد مدى ممكن، بعدما لطائرات الاحتلال المقاتلة والمسيرة بدون طيار، بالقيام بمئات الهجمات الجوية السرية ضد عناصر داخل الحدود المصرية في شبه جزيرة سيناء.
وأبرزت الصحيفة النفي المصري السابق، لتقرير نشرته عن تلك الحملة الجوية السرية التي تقوم بها دولة الاحتلال داخل سيناء.
وعلقت ميشيل دن مدير برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارينغي للسلام الدولي على طلب منع السلطات المصرية بث مقابلة السيسي مع قناة (سي بي إس) الأميركية بالقول:” كانت الحكومة المصرية طوال الوقت غريبة ومنافقة، لكنها تحت حكم السيسي جعلت التناقض أكثر حدة بسماحها للجيش (الإسرائيلي) بتوجيه ضربات للمتمردين المصريين على الأراضي المصرية.”
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين لم تسمهم، قولهم إن الحملة الجوية “الإسرائيلية” السرية التي بدأت فيما بعد 3 يوليو من العام 2013 لعبت دورا محوريا فيما بعد في استعادة الجيش المصري للسيطرة في مواجهة المتمردين في شبه جزيرة سيناء.
وقالت الصحيفة، إنها المرة الأولي التي يعترف فيها السيسي، ويقر علانية بموافقته علي التعاون العسكري بين مصر وإسرائيل، وقد جاء في بيان للشبكة أن المحاور سأل الرئيس المصري عما إذا كان التعاون العسكري بين مصر و”إسرائيل” أقرب من أي وقت مضى، فأجاب: هذا صحيح. لدينا نطاق واسع من أشكال التعاون مع “الإسرائيليين”.
وقال بيان الشبكة الإخبارية الأميركية: بعد وقت قصير من تسجيل المقابلة مع الرئيس المصري: “تلقى منتجو البرنامج مكالمة هاتفية من السفير المصري في واشنطن يطلب فيها وقف بثها ومنعها من الظهور، وهو ما رفضته إدارة القناة”.
وتقوم حاليا الشبكة الإخبارية الأميركية بترويج للمقابلة التي سيتم بثها، الأحد، تحت عنوان: “المقابلة التي لا ترغب الحكومة المصرية أن يراها المشاهدون”، فيما لم يصدر اعتراض علني من السلطات المصرية على تصرفات الشبكة حتى الآن، كما لم تستجب السفارة المصرية في واشنطن لطلب من الصحيفة لها للتعليق على الموضوع.
وفي ذات المقابلة، قالت نيويورك تايمز، إن السيسي قدم تأكيدات غير دقيقة في مسعى لتبرير مذبحة قامت بها قوات الأمن المصرية في اعتصام رابعة للاحتجاج على تسلمه السلطة عندما كان وزيرا للدفاع في العام 2013 والذي أسفر عن مقتل ما يزيد عن ألف شخص وفقا للتقديرات الحكومية المصرية.
وفقا للصحيفة الأمريكية، فإن التمرد في شبه جزيرة سيناء بدأ في العام 2013 عندما تمت الإطاحة بأول رئيس منتخب بنزاهة هو محمد مرسي وجماعة الاخوان المسلمين، وعندما كان السيسي وزيرا للدفاع في حكومة مرسي.
وأشارت الصحيفة إلى ما قاله السيسي في المقابلة مع (سي بي إس) بشأن وجود الآلاف من المسلحين في اعتصام (رابعة العدوية)، وقالت: “الحقيقة أن مسؤولين مصريين اعترفوا بأنهم صادروا أسلحة تزيد قليلا عن أصابع اليدين من داخل الاعتصام” ، كما أكدت منظمات حقوق الانسان- وفقا للصحيفة- أن الخلاصات التي توصل لها صحفيون هي أنه كان هناك عدد قليل للغاية من المتظاهرين المسلحين داخل الاعتصام”.
وذكر بيان قناة ( سي بي إس) الأمريكية أن السلطات المصرية حينذاك (وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم) قالت أنها صادرت 12 قطعة سلاح فقط وجدت في أماكن تجمعات آلاف المحتجين، في إشارة من القناة الإخبارية الأميركية الى أن إجابة السيسي عن السؤال لم تكن صحيحة.