طالبت صحيفة الجارديان البريطانية، في افتتاحيتها الجمعة، السلطات السعودية، بإطلاق سراح النشطاء المعتقلين، وطالبت أيضا بوقف التعذيب الذي يتعرضون له بسجون المملكة.
واعتبرت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمه موقع “عربي21″، أن المملكة العربية السعودية الجديدة ليست مثل المملكة العربية السعودية القديمة، بل هي أسوأ منها. حيث بدأت السلطات السعودية في العام الماضي بالمطالبة بتطبيق عقوبة الإعدام بحق المعارضين غير المتهمين بممارسة العنف.
وكشفت أن المملكة في عهد آل سلمان هي المكان الذي يمكن فيه أن تسجن وتضرب وتعذب بالإيهام بالغرق وبالصعق بالكهرباء إذا وافقت ولي العهد. أما القتل وتقطيع الأوصال فهي العقوبة المخصصة لمن لا يوافقونه. على الأقل في المملكة العربية السعودية القديمة كان النقاد وحدهم من يواجه القمع.
وهذا هو نص الترجمة لتقرير الصحيفة كاملا:
هناك من يرى أن المملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، هي صاحبة أسوأ سجل في مجال الحرية الدينية والحريات المدنية وحقوق المرأة. وما كان ذلك ليتغير كثيراً لو كان عاهل المملكة البالغ من العمر اثنين وثمانين عاماً، الملك سلمان بن عبد العزيز – والذي يعتبر شخصية محافظة، هو الذي يمسك بمقاليد الأمور.
إلا أن الملك الذي بلغ من العمر عتياً ليس هو من يدير شؤون البلاد. فمنذ أن جلس على العرش قبل أربعة أعوام تقريباً وابنه، الأمير محمد بن سلمان، هو الذي يقرر سياسة المملكة ويوجهها.
من المؤكد أن الأمير تسبب في هز الأمور: فقد بدأ حروباً في الخارج، وأشعل فتيل أزمة مع كندا لأنها عبرت، محقة، عن قلقها إزاء وضع حقوق الإنسان في المملكة، وأمر – فيما يبدو – بارتكاب جريمة القتل المرعبة بحق الكاتب في صحيفة الواشنطن بوست جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول.
كان من المفروض أن تكون حافة السحابة البيضاء هي رؤية الأمير لبلد جديد وعصري. إلا أن الذي ثبت هو أن الأمير محمد شخص خطير عاشق لذاته ولذلك فهو غير مؤهل لأن يكون شريكاً لمن يطالبون بالإصلاح. ومما لا شك فيه أنه لا يتسامح مع من قد ينسب لنفسه الفضل في انتشال المملكة من ذهنية العصور الوسطى. لقد سمح النظام للنساء بقيادة السيارات في العام الماضي ولكنه بعد شهر واحد من رفع الحظر ذهب يعتقل النشطاء الذي عملوا لسنوات من أجل إحداث هذا التغيير.
إحدى المعتقلات اسمها لجين الحثلول، الناشطة البارزة التي صورت في قمة العالم للشباب في عام 2016 مع ميغان ماركيل. تسربت أخبار اعتقال الآنسة الحثلول قبل أيام قليلة من زواج الآنسة ماركيل بالأمير هاري. ومنذ شهر نوفمبر / تشرين الثاني تواترت أخبار على درجة عالية من المصداقية تفيد بأن النشطاء، الذين لم توجه لهم بعد تهم بشكل رسمي، يتعرضون للتعذيب على أيدي السلطات السعودية، وهو الأمر الذي تنفيه الرياض.
بمنطق ربما افتخر به كافكا، يبدو أن المملكة العربية السعودية في عهد آل سلمان هي المكان الذي يمكن فيه أن تسجن وتضرب وتعذب بالإيهام بالغرق وبالصعق بالكهرباء إذا وافقت ولي العهد. أما القتل وتقطيع الأوصال فهي العقوبة المخصصة لمن لا يوافقونه. على الأقل في المملكة العربية السعودية القديمة كان النقاد وحدهم من يواجه القمع.
إذا كانت أمة اليوم تريد أن تكون مختلفة فإنه يتوجب عليها أن تتصرف بشكل مختلف. ولهذا ينبغي أن تأخذ المملكة على محمل الجد عرض البرلمانيين البريطانيين النظر في الظروف التي يحتجز فيها النشطاء. يترأس البرلمانيين النائب كريسبين بلانت، عضو البرلمان عن حزب المحافظين الذي كان من المدافعين عن المملكة.
وتشتمل الهيئة البرلمانية على عضو برلمان عمالي طالما تغنى مشيداً بالمملكة العربية السعودية “العصرية والتقدمية.” إن منح مثل هؤلاء “الأصدقاء” الإذن بالوصول إلى النشطاء والسماح لهم بإجراء مقابلات مع الموظفين المسؤولين عن اعتقالهم سيكون الخطوة الأولى باتجاه رد مناسب من قبل المملكة العربية السعودية على النقد الدولي بحق سجلها في مجال حقوق الإنسان. وينبغي على الرياض إعطاء ما يشير إلى أن إطلاق سراح نشطاء الحقوق المدنية بات وشيكاً.
هناك الكثير مما يحتاج إلى الإبطال. ليست المملكة العربية السعودية الجديدة مثل المملكة العربية السعودية القديمة، بل هي أسوأ منها. في العام الماضي بدأت السلطات السعودية تطالب بتطبيق عقوبة الإعدام بحق المعارضين غير المتهمين بممارسة العنف.
ولهذا السبب لا يجوز أن تكون الأولوية في سياسة بريطانيا للتجارة وصفقات السلاح على حساب حقوق الإنسان. إذا كان آل سلمان يريدون للمملكة العربية السعودية أن تكون أكثر ليبرالية وحداثة فإنهم بحاجة لأن يتراجعوا عن السياسات الرجعية والانتقامية. وإلا، فإنهم لن يصلحوا المملكة، وكل ما يفعلونه هو أنهم يغيرون علامتها التجارية لا أكثر.