توقعت صحيفة “الجارديان”، في تقرير أعده مراسلها مارتن شولوف، استمرار الضغط على السعودية في عام 2019، في وقت تحاول فيه إيران تعزيز مكاسبها.
ويشير التقرير، إلى أن الحرب في اليمن ومقتل جمال خاشقجي زادا من الضغوط على المملكة، لافتا إلى أنه لا يوجد ما يشير إلى أن الضغط سيخف عنها في عام 2019.
ويقول شولوف إن عام 2018 بدا وكأنه زمن محمد بن سلمان، لكن العام المقبل سيكون أي شيء آخر باستنثناء أن يكون وقته، مشيرا إلى أن العام بدأ واعدا لوارث العهد السعودي الشاب، حيث أقنع المواطنين في بلاده بحزمة الإصلاحات، وحصل على دعم من الخارج لأجندته المحاربة في المنطقة، وكوّن علاقة صداقة حميمة مع جارد كوشنر، صهر ومستشار الرئيس دونالد ترامب، الذي جعل السعودية مركز القوة في الشرق الأوسط.
وتستدرك الصحيفة بأن زخم هذا النجاح انهار في سبع دقائق، وهو الوقت الذي احتاجه قتل الصحفي في قنصلية بلاده في اسطنبول في أكتوبر، مشيرة إلى أن هذه الجريمة الشنيعة أدت إلى النظر في كل ملمح من أجندة محمد بن سلمان، وتم تحدي عناصرها كلها من الحلفاء والمتشككين الذي دعموا ولي العهد في البداية.
ويذكر التقرير أنه مع اقتراب نهاية العام، فإن الكونجرس الأميركي قرر رفع الدعم الأميركي عن الحرب في اليمن، واتهم أعضاء مجلس الشيوخ ولي العهد بجريمة جمال خاشقجي، و”هو ما سيلاحق ولي العهد في خطواته نحو العرش الذي بدا وكأنه في متناول اليد، بالإضافة إلى أن حصار قطر، الذي يعد من مشاريع الأمير، يبدو أقل نجاحا بالإضافة إلى الشجار مع كندا، وكذلك الإصلاحات الاقتصادية والثقافية في المملكة، التي كان يعتقد أنها بداية علاقة جديدة بين المواطن والدولة”.
ويقول الكاتب إن “الحرب في اليمن، تحديدا، تبدو مثيرة للقلق، خاصة أن محمد بن سلمان شنها بذريعة ردع إيران ومنعها من بناء قوة على بوابة بلاده الجنوبية، فقد استنزفت الحرب خزينة المملكة، وحولت البلد الفقير إلى بلد أشباح يواجه الملايين فيه مخاطر المجاعة، ولو صمد وقف إطلاق النار في الحديدة فإن الأمير سيتعرض للضغوط من أجل تحقيق التسوية الدائمة”.
وتجد الصحيفة أنه بعد هذا كله، فإن حضور إيران واضح في شرق المملكة، فهي في العراق ولبنان، التي لم تحسم الانتخابات في مايو الاحترابات السياسية وتشكيل الحكومة، ففي بيروت لم يوافق حزب الله على تشكيل حكومة لا تمنح حلفاءه تمثيلا واسعا، وفي العراق لا يزال منصبا وزير الدفاع والداخلية شاغرين، وقد تستمر اللعبة لأمد غير محدد.
ويفيد التقرير بأن قوة إيران في المنطقة تعود للدور الذي أدته في تأمين موقع بشار الأسد، ولهذا فإنها تتطلع لتعزيز مكتسباتها في العالم المقبل، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تحاول جعل عام 2019 عام وقف الطموحات الإيرانية في المنطقة، ولهذا فإنها فرضت العقوبات التي رفعت في عهد باراك أوباما بعد توقيع الاتفاقية النووية عام 2015، لكن بشكل أشد صرامة.
ويشير شولوف في تقريره الذي ترجمته، عربي 21، إلى أن إجراءات الضغط تشمل حلفاء إيران في لبنان والعراق وسوريا، حيث أسهم المال الإيراني والتأثير في تقوية وضع إيران، لافتا إلى أنه مع تراجع حدة القتال المستمر منذ 8 أعوام، فإن حكومة دمشق تواجه اختناقا اقتصاديا يهدف للحد من داعميها.
وتشير الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة حذرت جيران سوريا من التبادل التجاري، وهو أمر غير عادي من رئيس ظل تركيزه على المنطقة ضيقا، باستثناء دعم محمد بن سلمان وإسرائيل، ومحاربة بقايا تنظيم الدولة على الحدود السورية العراقية.
ويستدرك التقرير بأن قرار ترامب سحب القوات من سوريا، الذي كان سببا في استقالة وزير الدفاع جيمس ماتيس، أنهى وبشكل عملي التحالف مع أكراد سوريا الذين اعتمدت عليهم الولايات المتحدة في محاربة الجهاديين، لافتا إلى أن هذا التحالف لم يكن مقبولا من أنقرة التي خشيت من التعاون بين أكراد سوريا والأكراد في جنوب تركيا.
ويفيد الكاتب بأنه من المتوقع أن يشن رجب طيب أردوغان هجوما لدفع الأكراد عن حدود تركيا في شرق الفرات، وهنا قد تؤدي إيران دورا، فمنطقة شمال شرق سوريا، التي يطلق عليها الأكراد روجافا، تظل منطقة خصبة للتأثير الإيراني في مرحلة ما بعد تنظيم الدولة، وفي الشمال لا تزال علاقة أنقرة مع طهران جيدة مع رابطة ضعيفة في برنامج العقوبات.
وتبين الصحيفة أن منح تركيا ما تريده في شمال شرق سوريا مقابل ما تريده الولايات المتحدة من إيران هو مركز إعادة ترتيب العلاقة الأميركية التركية، التي تعاني من توتر منذ ثلاثة أعوام، مشيرة إلى أن التحسن في العلاقات مع أنقرة على حساب إيران سترحب به تل أبيب، التي تخشى من زحف إيران في سوريا.
ويجد التقرير أن السؤال يظل معلقا بالنسبة لمليوني ونصف نازح قرب الحدود مع تركيا في إدلب، حيث لا تزال هذه المنطقة خارج مدى النظام السوري، وأي محاولة للسيطرة عليها تعني نزوحا وموجة لجوء جديدة.
وتختم “الجارديان” تقريرها بالإشارة إلى أن “روسيا، الحليف الرئيسي لنظام الأسد، تحاول تصوير سوريا على أنها مستقرة ومفتوحة للإستثمارات، فيما لا يوجد ما يشجع على تدفق أموال الإعمار في ظل غياب التسوية السياسية، ولا أحد من اللاجئين والمشردين يريد العودة، ولن يتغير هذا الوضع في عام 2019، بحسب المنظمات المدافعة عن اللاجئين التابعة للأمم المتحدة”.