كشف مصادر مطلعة أن هناك تقاربا في وجهات النظر بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي خلال جولة المباحثات التي تجرى الآن حيث اتفق الجانبان على ضرورة خفض العجز في الموازنة العامة بنسبة لا تقل عن 20 في المائة على إن يتم ذلك خلال الموازنة الجديدة 2013-2014.
وأكد مصدر مسئول أن الاختلافات في وجهات النظر تتمثل فقط في وسائل التطبيق، إلا أن هناك قناعة لدى مسئولي الصندوق بترك تلك الأمور للمسئولين المصريين خاصة أن الخطوط العريضة للتحرك المصري خلال المرحلة المقبلة قد تم مناقشتها ولاقت استحسانا من جانب مسئولي الصندوق.
وأشار المصدر إلى أن جولة المفاوضات الحالية مع وفد الصندوق تعتبر من أنجح الجولات حيث إن هناك تقاربا في وجهات النظر بين الجانبين علما بأن وفد الصندوق أكد أن علاج العجز في الموازنة العامة يأتي عن طريق أحد أمرين إما زيادة موارد الموازنة خاصة عن طريق الضرائب أو خفض النفقات من خلال ترشيد الدعم وليس هناك أمر ثالث في الوقت الذي أكد فيه مسئولو الحكومة قناعتهم بأهمية ترشيد الدعم ووصوله إلى مستحقيه خاصة أن أكثر من 70 في المائة من الدعم الحالي الذي يكلف أكثر من ثلث الموازنة العامة للدولة لا يصل إلى الطبقات المستحقة.
وقال المصدر إنه تم البعد نهائيا عن أي مساس بسعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار أو العملات الأجنبية الأخرى ولم يتم التطرق إلى هذا خلال المفاوضات لإدراك الصندوق مدى حساسية تلك الخطوة وتأثيرها السلبي على الطبقات الاجتماعية الفقيرة نظرا لان مصر تعتمد على استيراد أكثر من 60 في المائة من احتياجاتها خاصة للمواد الغذائية من الخارج.
على صعيد آخر، أكد المصدر أهمية قرض الصندوق الذي يتم التفاوض عليه الآن والذي تصل قيمته المادية إلى ما يقرب من4.8 مليار دولار وذلك نظرا لطبيعة المشاكل الاقتصادية التى تعانى منها مصر حاليا والتي يأتي في مقدمتها عجز الموازنة العامة للدولة والذي قد يصل إلى نحو 170 مليار جنيه وذلك نتيجة زيادة بند الدعم في جانب المصروفات والذي يمثل أكثر من ثلث إجمالي حجم المصروفات.
كما يأتي العجز نتيجة ارتفاع بند خدمة الدين الذي يمثل نحو خمس إجمالي المصروفات إلى جانب الضغوط التي تواجهها الحكومة والتي تتمثل في المطالب الفئوية المستمرة لزيادة الأجور مما يمثل ضغوطا مضاعفة على جانب المصروفات وبالتالي زيادة العجز علاوة على الطاقات الإنتاجية المعطلة في اغلب قطاعات الاقتصاد مما يؤثر على الإيرادات السيادية للدولة بصفة عامة كل هذا يؤدى في النهاية إلى تباطؤ النمو الإجمالي للاقتصاد القومي.
وأشار المصدر إلى أن الحلول المتوفرة أمام الحكومة تتمثل في إما الاقتراض الخارجي أو الاقتراض الداخلي أو تخفيض العجز، موضحا انه فيما يتعلق بالاقتراض
الداخلى فقد أصبحت تكلفته مرتفعة بعد وصول معدل الفائدة على أذون الخزانة إلى نحو 16 في المائة وبالنسبة للبديل الثالث وهو تخفيض العجز من خلال تخفيض بنود الإنفاق فلن يكون إلا من خلال تخفيض بند الدعم وبالرغم من ذلك لن يكون وحده كافيا وبذلك
لا مفر من الاقتراض الخارجي والأفضل على الإطلاق هي القروض التي يقدمها صندوق النقد الدولي و التى لا تتعدى نسبة الفائدة عليها 1.1 في المائة وهى بمثابة مصروفات إدارية وليست فائدة مصرفية بالمفهوم الاقتصادي.
وقال المصدر إن الحكومة تفضل الآن اللجوء إلى قرض الصندوق خاصة أن حق مصر الاستفادة من حدود التسهيلات التي يقدمها الصندوق والتي تصل إلى 300 فى المائة من حصة الدولة العضو.
وتبلغ حصة مصر في الصندوق 934 مليون وحدة حقوق سحب خاصة بما يعادل تقريبا 1.6 مليار دولار.
يضاف إلى ذلك أن الحصول على قيمة هذا القرض ستكون سريعة وهناك فترة سماح يمنحها الصندوق للدول المقترضة تصل إلى 30 شهرا بالإضافة إلى أن تكلفته لا تتعدى 1.1 في المائة وهذا من شأنه ألا يحمل الموازنة العامة أعباء خدمة الدين في الوقت الحالي.