لم تخْفِ وسائل إعلام للاحتلال الإسرائيلي، دهشتها من التكتيكات العسكرية التي استخدمتها الفصائل الفلسطينية المسلحة بقطاع غزة، في التصدّي لأنشطة وغارات الجيش الإسرائيلي يومي الأحد والإثنين، معتبرةً أن ذلك يفقد إسرائيل «قوة الردع».
وأفصح عدد من المحللين والإعلاميين للاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء، عن تأثير المفاجأة عليهم جرّاء اكتشاف مسلحين فلسطينيين مساء الأحد، لقوة إسرائيلية خاصة أثناء تسللها إلى داخل القطاع، فيما أعربوا عن صدمتهم من استخدام الفلسطينيين لصاروخ مضاد للدبابات في تدمير حافلة تقل جنود.
بيد أن المفاجأة الثالثة بالنسبة لهم، كانت إطلاق صواريخ فلسطينية على مناطق إسرائيلية غير محمية بمنظومة «القبة الحديدية» المضادة للصواريخ مثل عسقلان، شمال قطاع غزة.
فبعد ساعات على استهداف الحافلة، تمسك المتحدث العسكري للاحتلال الإسرائيلي بروايته، مدعيًا أن الحافلة الإسرائيلية أصيبت إصابة مباشرة بـ«قذيفة» أطلقها فلسطينيون من قطاع غزة.
وفقط بعد إعلان فصائل فلسطينية في غزة إطلاق صاروخ مضاد للدبابات من طراز «كورنيت»، أقرّ متحدث الاحتلال بإصابة الحافلة بـ«صاروخ مضاد للدبابات»، واكتفى بالإعلان عن إصابة جندي إصابة خطيرة نتيجة الهجوم الذي أتى على الحافلة.
وتعليقًا على ذلك، أشار المحلل العسكري في القناة الإسرائيلية العاشرة، ألون بن دافيد، إلى «خطورة» الحادث.
وأشار بن دافيد، إلى أن المفاجأة الأولى، من قبل حركة «حماس» كانت الكشف عن الوحدة الخاصة الإسرائيلية التي توغلت في قطاع غزة مساء الأحد.
وقال بهذا الخصوص: «لقد تمكن الفلسطينيون من كشف العملية الخاصة التي قام بها الجيش الاسرائيلي، وللأسف قتل ضابط رفيع وأُصيب آخر».
أمّا فيما يتعلق باستهداف الحافلة، أفاد بن دافيد: «فقط قبل دقيقتين من إطلاق الصاروخ قام سائق الحافلة بتفريغها من الجنود الذين كانوا على متنها».
من جهتها ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، أن «الحافلة التي كانت تقف على مقربة من حدود غزة، دُمّرت بالكامل بعد تفريغها من الجنود».
ومستعينة بصور للحافلة بعد تدميرها وشريط فيديو نشره الفلسطينيون حول استهدافها، قالت الصحيفة: «قبل وقت قصير، أنزلت الحافلة عشرات الجنود الذين توقفوا قرب بستان في محيط غزة الشمالي».
وأضافت: «وقفت الحافلة في زاوية مكشوفة لقطاع غزة وقبالة منازل المستوطنة القريبة، لكن على بعد بضعة كيلومترات قليلة من الحدود».
وتحدث المصدر ذاته عن أن «الجنود الذين أخلوا الحافلة ظلوا في البستان، ثم أُطلق الصاروخ والذي وفقا لشهاداتهم حطّم الحافلة الفارغة التي بدأت بالاحتراق».
وتعليقًا على ذلك كتب المحلل العسكري في «يديعوت احرونوت»، رون بن يشاي «إن إطلاق صاروخ مضاد للدبابات على الحافلة، هو كسر للقواعد ويثبت أن الردع الإسرائيلي قد ضاع، وبدونه لا توجد فرصة للوصول إلى نتيجة نهائية».
«يبدو أننا فقط في بداية جولة عنيفة أخرى في قطاع غزة، لقد أعدّت حماس لهذه الجولة وافتتحتها بحادث خطير لم نر مثيلًا له منذ سنوات: إطلاق صاروخ مضاد للدبابات على حافلة مدنية وهو عمل خطير»، على حد تعبير بن يشاي.
وتابع: «ما كانت قيادة حماس ستطلق صاروخًا مضادًا للدبابات على هدف مدني لولا أنها مقتنعة بأن إسرائيل لن ترسل الجيش إلى قطاع غزة ولا يريد إسقاط النظام».
واعتبر المحلل العسكري أن «إطلاق الصاروخ المضاد للدبابات، يشير إلى أن قوة الردع لدى الجيش الإسرائيلي ضد حماس وحركة الجهاد الإسلامي، قد انتهت».
وأضاف: “المرحلة الثانية من مفاجأة حماس المعدة إعدادًا جيدًا، هي الهجوم بالصواريخ وقذائف الهاون بهدف إيقاع إصابات بين السكان الإسرائيليين في المجتمعات القريبة (المستوطنات) من غزة».
وفسّر «بن يشاي» سبب المفاجأة، بأن «حركتي حماس والجهاد الإسلامي أطلقتا الصواريخ على مناطق بعيدة المدى – وفق تقديراتهما – غير محمية بـ (منظومة) القبة الحديدية».
ورأى «بن ايشاي» أنه «من الأهمية ردع حماس أولًا قبل التوصل إلى اتفاق تهدئة جديد»، على حد قوله.
ولوحظ خلال اليومين الماضيين، أن الفصائل الفلسطينية ركّزت هجماتها على مناطق بعيدة نسبيًا عن غزة مثل مدينة «عسقلان» حيث أصابت الصواريخ الفلسطينية عددًا من المنازل.
وكان جيش الاحتلال قد ركّز نشر منظومة «القبة الحديدية» المضادة للصواريخ، على التجمعات والمستوطنات القريبة من قطاع غزة.
وألقى بعض صحفيي الاحتلال باللوم على على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، محمّلينه مسؤولية ما يجري على الأرض من تصعيد.
وفي إشارة إلى إعلان سابق لنتنياهو بأنه لا يريد حربًا «غير ضرورية» في غزة، قال المحلل السياسي في القناة العاشرة، باراك رافيد: «من لا يريد حربًا غير ضرورية في غزة عليه أن يسأل نفسه عمّا إذا كانت العملية التي فشلت في قطاع غزة غير ضرورية في الوقت الحالي».
ومنذ مساء الأحد، صعّد الاحتلال عملياته على قطاع غزة، بدءًا بتسلل قوة خاصة إلى مدينة خانيونس (جنوباً)، دار اشتباك بينها وبين مجموعة من المقاومين، أسفر عن استشهاد 7 فلسطينيين، فضلًا عن مقتل ضابط إسرائيلي وإصابة آخر.
وعقب ذلك بدأ جيش الاحتلال حتّى صباح الثلاثاء، بشن سلسلة غارات على مواقع متفرقة في القطاع، بينها مواقع مدنية أبرزها مقر فضائية «الأقصى»، التابعة لـ«حماس».
ومساء الاثنين، أعلنت الغرفة المشتركة للفصائل الفلسطينية أنها بدأت بقصف مواقع ومستوطنات للاحتلال بعشرات الصواريخ؛ ردًا على الهجوم، فيما قال جيش الاحتلال إنه اعترض نحو 100 صاروخ من أصل 370 أطلقوا من القطاع.
وحتّى ظهيرة الثلاثاء، ارتفع عدد شهداء تصعيد الاحتلال إلى 13 فلسطينيًا و9 مصابين، فيما قُتل إسرائيليان بينهما ضابط، وأصيب 31 آخرين، وفقا لمصادر فلسطينية وإسرائيلية.