نشر موقع «دويتشه فيله» الألماني تقريرا تحدث فيه عن تأثير حادثة اغتيال خاشقجي على مستقبل ابن سلمان السياسي. وفي كل مرة تظهر فيها معلومة جديدة بشأن ملابسات اغتيال خاشقجي، يتزايد الضغط على ولي العهد السعودي. وعلى ضوء هذه المعطيات، يبدو أن مستقبله السياسي أصبح على المحك.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته «عربي21»، إنه بعد أسبوعين من اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي، لم تصمد المملكة العربية السعودية أمام الضغط المسلط عليها لتعترف بمقتل خاشقجي. وفي الوقت نفسه، حاولت الحكومة السعودية تبرئة ولي العهد محمد بن سلمان من دماء الصحفي. لكن أصابع الاتهام ظلت موجهة نحو آل سعود. ومن المرجح أن تؤثر حادثة اغتيال خاشقجي على مستقبل ابن سلمان السياسي.
وأكد الموقع أن مؤسس المملكة العربية السعودية، عبد العزيز بن سعود، أنجب أكثر من 40 ابنا، وله مئات الأحفاد. ويٌعدّ سلمان بن عبد العزيز ثاني أصغر أبناء بن سعود. وبعد وفاة أخويه الأكبر سنا، تمكن سلمان من التربع على عرش الحكم عن سن يناهز 79 سنة. وبعد أن أصبح ملكا، سارع إلى تعبيد الطريق نحو السلطة أمام ابنه على حساب بقية أفراد آل سعود.
وأشار الموقع إلى أنه في شهر أبريل من سنة 2015، عين الملك سلمان ابن أخيه محمد بن نايف وليا للعهد ونجله محمد ولي ولي العهد. وعلى الرغم من ذلك، كان ابن سلمان شخصية فاعلة في المشهد السياسي، حيث شن حربا ضد اليمن باعتباره وزيرا للدفاع. وفي سنة 2016، أطلق ابن سلمان برنامج «رؤية 2030»، وهو برنامج اقتصادي يهدف إلى وضع أسس اقتصاد سعودي لا يعتمد بصفة كلية على النفط. وفي شهر يوليو 2017، عين الملك السعودي ابنه وليا للعهد بصفة رسمية.
وأوضح الموقع أن محمد بن سلمان يُعد أقوى رجل في الجيل الجديد من الحكام، وهو ما يجعله قادرا على إضفاء طابع حداثي على المجتمع السعودي. وفي شهر يونيو 2018، أقدم ابن سلمان على رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة، وعلى تقليص صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي على المنكر، كما أنه فسح المجال أمام فتح دور السينما.
وفي هذا الصدد، أورد الباحث المختص في الشؤون الإسلامية، غيدو شتاينبيرغ، في شهر أغسطس الماضي ضمن أحد أعمدة مجلة «ريبوبليك» السويسرية، أن «ابن سلمان لم يرغب في المساس بأسس الدولة والمجتمع». وأضاف شتاينبيرغ أنه «قبل سنة 1979، كانت المملكة العربية السعودية دولة استبدادية يسيطر عليها رجال الدين باعتبارهم شركاء العائلة المالكة».
وأضاف الموقع أن آل سعود عززوا سلطتهم من خلال توسيع مجال صلاحيات رجال الدين الوهابيين، الذين فرضوا قيودا مشددة على المجتمع السعودي على مدار عقود. وعلى الرغم من أن ابن سلمان قلص هذه القيود بشكل تدريجي، إلا أنه لم يفقد سلطته.
وأفاد الموقع بأنه في شهر نوفمبر 2017، بدأت صورة ابن سلمان الحداثية تتهاوى، عندما أقدم على اعتقال مجموعة من الوزراء والأمراء ورجال الأعمال. وفي ذلك الوقت، رحبت وسائل الإعلام السعودية بما وصفته بحرب على الفساد. وتضمنت قائمة المعتقلين عددا من الأمراء، الذين قد يشكلون عقبة في طريق ابن سلمان نحو السلطة.
وأورد الموقع أنه في ظل حكم والده، عمل ابن سلمان على تعزيز موقع المملكة العربية السعودية. حيال هذا الشأن، أورد الخبير المختص في شؤون الشرق الأوسط شتاينبيرغ على موقع قنطرة أن «ابن سلمان يرغب في إضفاء الطابع الحداثي على بلاده بشكل يتماشى مع مقتضيات القرن الواحد والعشرين، ليسير بذلك على منوال النموذج الصيني وليس النموذج الغربي».
وتابع الموقع بأن ولي العهد السعودي لا يتوانى عن استعمال العنف، خاصة ضد الطائفة الشيعية لترسيخ أفكاره. ومن خلال هذا المنهج في التعامل مع الطائفة الشيعية، لا تخفي المملكة العربية السعودية رغبتها في التفوق الإقليمي. فمنذ 2015، شنت المملكة حربا ضد المتمردين الحوثيين بهدف احتواء النفوذ الإيراني.
وذكر الموقع أن الصراع السعودي الإيراني يلعب دورا في تحديد حلفاء المملكة. ففي ظل وجود ابن سلمان في السلطة، ظهر محور جديد مناهض لإيران يجمع بين الرياض وواشنطن وإسرائيل. ومنذ توليه منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، عمل دونالد ترامب على تعزيز علاقات بلاده مع المملكة العربية السعودية.
وبين الموقع أنه خلال السنوات الثلاث الأخيرة، عزز ابن سلمان موقعه في المشهد السياسي العالمي. وبعد حادثة خاشقجي، يبقى مصيره بيد ترامب الذي ساند السعودية خلال أزمة الحصار القطري في سنة 2017. وإلى حد الآن، يبدو الرئيس الأميركي مساندا للرواية السعودية فيما يتعلق بحادثة اغتيال خاشقجي. في هذا السياق، أفاد شتاينبيرغ بأن «المملكة العربية السعودية لن ترضخ إلا في حال اتخذت الدول الغربية موقفا موحدا ضدها».
وفي الختام، أبرز الموقع أن ألمانيا تفكر في التوقف عن تصدير الأسلحة لصالح المملكة العربية السعودية. وإلى حد الآن، لم تمارس الحكومة الألمانية سوى ضغط نسبي على نظيرتها السعودية.