قالت صحيفة “التايمز” في افتتاحيتها، التي جاءت تحت عنوان “الأمير المزعج”، إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أضحى الشخصية المركزية في الدراما التي تشكل خطورة بأن تتصاعد لتصبح أزمة جيوسياسية.
وتقول الافتتاحية، التي ترجمتها صحيفة “عربي21″، إن تسريبات وسائل الإعلام التركية لا تدع مجالا لأي شك بأن محمد بن سلمان هو من أمر بقتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي، مشيرة إلى أن الخمسة عشر سعودياً الذين كانوا ضمن كتيبة الإعدام أجروا مكالمات هاتفية من القنصلية السعودية إلى الرياض فور انتهاء الجريمة.
وتشير الصحيفة إلى أن أردوغان رفض زعم الحكومة السعودية بأن الصحافي، الذي كان يعيش في المنفى، قتل خطأ في مشاجرة حدثت أثناء محاولة فاشلة لاختطافه، قامت بها عناصر مارقة من الأمن السعودي، لافتة إلى زعم أردوغان بأن لدى الاستخبارات التركية أدلة تظهر أن القتل كان مخططا له، وقوله إن تحميل المسؤولية لمجموعة من عناصر الاستخبارات “لن يقنعنا أو المجتمع الدولي”.
وتفيد الافتتاحية بأنه من أجل التأكيدعلى هذه النقطة، فإن أردوغان طالب الرياض بالكشف عن المسؤولين عن هذا الموضوع ومحاكمتهم.
وتعلق الصحيفة قائلة إن “فكرة تورط محمد بن سلمان بالمؤامرة أو التستر عليها يشكل مأزقا للحكومات الغربية التي استثمرت في العلاقة مع (أم بي أس)، وإن لم يكن ذلك بالدرجة ذاتها التي اسثتمر فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي اعتبره حليفا في الوضع الأمني الإقليمي المعقد”.
وتلفت الافتتاحية إلى أن “الحكومات الغربية رحبت بخطط ابن سلمان لتحديث الاقتصاد السعودي، ولبرلة القيود الاجتماعية المحافظة، وفي الوقت ذاته فإنها غضت الطرف عن حملات القمع المحلية ضد معارضيه، وتعامت عن سياسته الخارجية المتهورة، بما فيها الحرب في اليمن وحصار قطر، حيث يخشى البعض أن النهج اللين معه ربما يكون جرأ (أم بي أس)، وخلق الظروف لقتل خاشقجي”.
وتعتقد الصحيفة أن “هذه الأزمة تهدد بزعزعة العلاقة بين السعودية والغرب، وهي علاقة متعددة الوجوه، ولا تقتصر على صفقات السلاح، وتقوم على تعاون مؤسساتي وأمن مشترك ومصالح تجارية واقتصادية”.
وتجد الافتتاحية أنه “حتى لو غض ترامب الطرف عن إمكانية تورط (أم بي أس) في القتل، فإن الكونغرس لن يسمح له بعمل هذا، ويبدو أن السيناتورات ونواب الكونغرس مصممون على معرفة الحقيقة، وهددوا بفرض العقوبات على المتورطين”.
وتقول الصحيفة إن “بريطانيا تواجه وضعا صعبا، خاصة أنها طالبت بالدعم الدولي بعد محاولة اغتيال العميل الروسي سيرغي سكريبال، بالإضافة إلى أن فشل الغرب في الرد على قتل صحافي خارج القانون سيرسل رسالة للأنظمة الديكتاتورية في كل مكان بأنه ليس مستعدا لفرض المعايير الدولية”.
وتنوه الافتتاحية إلى أن “الغرب كان يأمل في حل الأزمة بطريقة دبلوماسية، وكان الهدف هو إقناع الرياض لإظهار الندم والدفع باتجاه إصلاحات واسعة، بما فيها التزام بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين كلهم، وضمانات لحماية القانون وحرية التعبير، ما سيرسل رسالة بأن جريمة كهذه لن تحدث أبدا”.
وترى الصحيفة أن الرياض، وإن اعترفت بالجريمة، إلا رد فعلها كان في مجمله متحديا، لافتة إلى أن أي خطوة من الغرب باتجاه فرض عقوبات، مثل تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي، وفرض عقوبات على أفراد، تحمل مخاطر، خاصة إن قررت الرياض الرد بالمثل.
وتختم “التايمز” افتتاحيتها بالقول إن “المخرج من هذه الأزمة يتمثل بتنحي ولي العهد السعودي من منصبه”.