طالبت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، في افتتاحيتها التي جاءت بعنوان «العالم بحاجة لأجوبة عن جمال خاشقجي»، الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بقيادة الطريق لطلب هذه الإجابات.
وأشارت الافتتاحية، التي ترجمها موقع «عربي21»، إلى أن «السعودية التزمت بالصمت بعد الإنكار الأعرج، وعلى ما يبدو فقد كانت تنتظر ما يمكنها الهروب منه، وفي الوقت ذاته تقوم تركيا بتسريب المعلومات في كل اتجاه؛ لتعطي صورة بأنها تعرف ما حدث، وأن خاشقجي قتل مباشرة بعد دخوله قنصلية السعودية في اسطنبول، وتم تقطيعه والتخلص من جثته على يد فرقة موت حضرت خصيصا من السعودية لهذا الغرض، لكنها مترددة في الكشف عن أدلتها علنا، وبالنسبة لإدارة ترامب، التي تبنت ولي العهد السعودي المتعجرف محمد بن سلمان على أنه حليفها النجم في العالم العربي، فهي مترددة في خسارته وكيس أمواله الذي يريد شراء أسلحه به».
وتلفت الصحيفة إلى أن «خاشقجي ترك السعودية إلى منفى اختياري في الولايات المتحدة؛ خوفا من الانتقام لما يكتبه من نقد لولي العهد، وقد ظهر بعضه في كتاباته لصحيفة (واشنطن بوست)، وإذا كان خاشقجي قتل، وهو المحتمل على ما يبدو، بسبب مقالاته الناقدة فإنه يجب على الولايات المتحدة والدول الغربية أن تعيد النظر في علاقاتها مع المملكة، وعليها ألا تفاجأ مما ترى، فالسعودية هي ملكية مطلقة فرضت نموذجا متشددا من الإسلام، ولديها توسع في استخدام الوسائل العقابية القاسية، مثل قطع الرؤوس، والرجم، وقطع الأطراف، والجلد، وغير ذلك».
وتنوه الافتتاحية إلى أنه «بعد تسمية محمد بن سلمان (33 عاما) وليا للعهد العام الماضي، فإنه بنى سمعة على أنه إصلاحي، وسمح للمرأة بقيادة السيارة، واعتقل مئات من رجال الأعمال، بينهم أبناء عمومته من الأمراء بتهم مكافحة الفساد، وأعلن عن رؤيته الكبرى للمستقبل، لكنه قام بعد ذلك بسجن الناشطات اللاتي قاتلن من أجل حق المرأة في القيادة، ثم رد بشكل مبالغ فيه على طلب كندي للإفراج عن ناشطات اعتقلن في السعودية، وهو يقف وراء الحرب البريرية في اليمن، التي تساهم فيها الأسلحة الأمريكية بقتل آلاف المدنيين، وقام بحصار دولة قطر».
وتقول الصحيفة إن «ولي العهد كشف عن نفسه كونه طاغية قاسيا، لكن بفارق أن لديه أجندة اجتماعية واقتصادية تختلف عن سابقيه، وليس من الصعب الاعتقاد بأنه يقف وراء اختفاء خاشقجي، في ظل التقارير الأمريكية عن تنصت الأجهزة الأمنية الأمريكية على مسؤولين سعوديين وهم يناقشون خططا لجر خاشقجي إلى السعودية واعتقاله هناك».
وتعلق الافتتاحية قائلة: «على ما يبدو فإن ترامب يشعر بالقلق من هذه الإمكانية، (لا نحب هذا ولا نحبه حتى لو قليلا)، وعلى ما يبدو فهو لا يحب أن يخسر 110 مليارات دولار في صفقات أسلحة من صديقه الشرق الأوسطي في السلاح».
وتستدرك الصحيفة بأنه «رغم هذا كله، وبعد أن صمت قليلا، فإن البيت الأبيض يقوم بزيادة الضغط على السعوديين، ويرفع الكونغرس من سخونة الوضع على البيت الأبيض، وقال مستشار وصهر الرئيس جارد كوشنر، ومستشار الأمن القومي جون بولتون، ووزير الخارجية مايك بومبيو، بالاتصال بولي العهد، وطلبوا منه توضيحات، وأرسل نواب الكونغرس من الحزبين رسالة إلى البيت الأبيض، للمطالبة بالتحقيق واتخاذ قرار بشأن العقوبات بموجب قانون (ماغنستكي)، وقال السيناتور ليندسي غراهام إن هناك ثمنا باهظا سيدفع لو ثبتت صحة ما قاله الأتراك».
وتقول الافتتاحية: «يجب القيام بضغوط أخرى من الأميركيين ومن بقية الأجانب الذين يخططون لحضور مؤتمر استثماري كبير في الرياض هذا الشهر، وقررت (نيويورك تايمز) الانسحاب من رعاية المؤتمر، ويجب على المؤسسات الإعلامية الأخرى أن تحذو حذوها».
وتجد الصحيفة أن «غياب مشاركين، مثل وزير الخزانة ستيفن مونشين، ومدير شركة (جي بي مورغان تشيس) ومدير مجموعة (بلاكستون وأوبر)، سيكون إشارة قوية للسعودية».
وترى الافتتاحية أن «المسألة ليست خاشقجي فقط، مهما كان مصيره رهيبا، بل الملكية المطلقة ذات السجل الصارخ في حقوق الإنسان، التي تعتقد على ما يبدو أن ثروتها وأصدقاءها في البيت الأبيض يمنحانها حق عمل ما تريد دون خوف من العقوبة ضد من تراهم أعداءها، وكان الذبح في اليمن مبررا لأن توقف الولايات المتحدة تسليحها للسعودية ومنذ وقت طويل».
وتختم «نيويورك تايمز» افتتاحيتها بالقول: «الآن وحتى تقدم السعودية توضيحا موثوقا بشأن مصير خاشقجي، وهو أمر مستبعد، فإن التعاون كما هو ليس خيارا مهما كان الثمن».