نشرت صحيفة “إندبندنت” مقالا للصحافي بن وايت، يقول فيه إن البرلمان الإسرائيلي صادق في وقت متأخر من ليلة الأربعاء على قانون يهودية الدولة، بـ62 صوتا مقابل 55، وهو ما أشاد به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي وصفه “باللحظة الحاسمة”.
ويعلق وايت في مقاله، الذي ترجمته “عربي21″، قائلا إن “ذلك لم يكن قانونا عاديا، ويضاف إلى مجموعة القوانين الأساسية التي تشكل ما يمكن تسميته شبه دستور، ويعرف القانون الجديد (دولة إسرائيل) بـ(الوطن القومي للشعب اليهودي)، ويضيف أن (حق ممارسة تقرير المصير الوطني في دولة إسرائيل حق خاص بالشعب اليهودي)”.
ويشير الكاتب إلى أن أعضاء الكنيست الفلسطينيين قاموا بتمزيق نسخ من القانون، عندما تم تمريره، لافتا إلى أنه في الوقت الذي تم فيه طردهم من قاعة الكنيست، فإن اثنين منهم صرخا على نتنياهو، قائلين: “لقد صنعت قانون أبارتهايد، إنه قانون عنصري”.
ويقول وايت إن “إسرائيل لطالما عرفت نفسها بأنها (دولة يهودية)، فإعلان الاستقلال مثلا لا يشير إلى (ديمقراطية)، ولا حتى مرة واحدة، لكنه يكرر ذكر (دولة يهودية)، وهو ما يدعو للسؤال عن مدى تمثيل هذا القانون الاستمرارية أو الانقطاع عن القانون والتطبيق إلى الآن”.
ويؤكد الكاتب أن “التمييز الإسرائيلي المؤسسي ضد السكان الفلسطينيين موثق بشكل جيد، بما في ذلك لدى وزارة الخارجية الأمريكية، وعدد من الخبراء الحقوقيين المستقلين، وهذا التمييز يؤثر على عدة جوانب، بما في ذلك أين يمكن للمواطنين العيش والحياة العائلية وغيرهما”.
ويستدرك وايت بأن “هذا القانون يشكل بالفعل تطورا جديدا، فهو يؤكد على عدم مساواة دامت طويلا”.
وتنقل الصحيفة عن المدير العام لمركز عدالة للحقوق القانونية، حسن جبارين، قوله: “من خلال تعريف السيادة والحكم الديمقراطي للشعب بأنهما حقان فقط للشعب اليهودي، أينما كان يعيش في العالم.. قامت إسرائيل بجعل التمييز قيمة دستورية”.
ويتساءل الكاتب قائلا: “فلماذا الآن؟ أحد العوامل هو أن نتنياهو يفكر للأمام، ربما لانتخابات هذا العام، فإلى الآن يبدو حزب الليكود الذي يقوده متفوقا في استطلاعات الرأي، لكن نتنياهو أراد أن يضمن عدم خسارة أصوات حتى ممن هم على يمينه، مثل الشريك الحالي في الائتلاف، البيت اليهودي”.
ويلفت وايت إلى أن “أصول القانون تعود إلى أبعد من ذلك، وتعكس شيئا أكثر جوهرية: مقاومة مطالب المساواة من المواطنين الفلسطينيين”.
وينوه الكاتب إلى أن “الطريق إلى التصويت ليلة الأربعاء في الكنيست على قانون يهودية الدولة بدأت بمقترحات عام 2011 قدمها عضو الكنيست عن الليكود آفي ديختر، وقال في وقتها، عندما كان عضوا في حزب كاديما، إن القانون سيحبط طموحات الساعين (لإنشاء دولة ثنائية القومية)”.
ويفيد وايت بأنه بعد نجاح التصويت ليلة الأربعاء أعلن ديختر أن القانون يشكل “الجواب الأوضح” لأعضاء الكنيست العرب، وأوضح قائلا: “قمنا بترسيخ مشروع القانون هذا بصفته قانونا اليوم لمنع حتى التفكير، ناهيك عن محاولة، تحويل إسرائيل إلى بلد لمواطنيها كلهم”.
ويبين الكاتب أنه كانت هناك مسودة قانون تدعو لجعل إسرائيل دولة لمواطنيها كلهم =بدلا من كونها “دولة يهودية”- لم يسمح حتى بنقاشها في الكنيست.
ويعاود وايت التساؤل، قائلا: “فماذا عن تأثير القانون الأساسي؟ بالنسبة للمواطنين الفلسطينيين قد يعني تمييزا أشد وأكثر وضوحا، فأحد بنود القانون مثلا يؤكد أن الدولة (ستعمل على تشجيع وترويج إنشاء وتعزيز المستوطنات اليهودية)”.
ويورد الكاتب أنه “يحق للمواطنين الفلسطينيين، المستثنين من مئات التجمعات السكنية الإسرائيلية، عن طريق لجان الإدارة، أن يتشككوا من أن هذا البند -الذي احتوى أصلا على مصادقة فجة على الفصل العنصري- سيكرس التمييز الذي يعانون منه بخصوص الأرض والسكن”.
ويعتقد وايت أن “القانون الجديد يشكل عقبة جديدة لحل الدولتين -وكأن الأمر يحتاج لعقبات- وقد قاومت القيادة الفلسطينية دائما مطالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بالاعتراف بإسرائيل بصفتها (دولة يهودية)، شرطا للمفاوضات، والقانون يؤكد صحة الموقف الفلسطيني”.
ويجد الكاتب أن “الإشارة إلى (أرض إسرائيل)، التي فيها (أقيمت دولة إسرائيل)، تعبير يذكر بأن القانون الذي يميز ضد المواطنين الفلسطينيين قد يثبت أهميته إن قامت إسرائيل بضم جزء من الضفة الغربية أو كلها”.
ويرى وايت أنه “مع ذلك، فإن هناك بصيصا من الأمل في تمرير هذا القانون، فمن خلال قوميته الإثنية الوقحة، وتأثيره التمييزي الواضح، يبرز هذا القانون الأساسي السياسات والممارسات التي عانى منها الفلسطينون دائما على أيدي (الدولة اليهودية)”.
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن “الغطرسة الإسرائيلية قد تؤدي دورا مهما في إثارة الفاعلين في المجتمع المدني وصناع القرار؛ لفعل شيء واتخاذ خطوات تجاه الشفافية والمساءلة”.